الرياض ـ العرب اليوم
عوامل كثيرة تجعل من زيارتك لمطعم ليزا Liza في بيروت متعةً تعصى على التفسير وتفوق الوصف. من المكان الذي يحمل في زواياه وشوشات قصر بسترس سابقاً، الى الديكور الأنيق الذي يلعب بحنكة بين وتري الارث اللبناني والعصرية الأنيقة، الى الأطباق العابقة منها رائحة الاتقان والذوق الرفيع وبالطبع لقاء ليزا الصغير، صاحبة المطعم التي يحار معها إعجابك بين عفويتها، خفّة ظلّها، أناقتها وشغفها بمسيرة مطعمها الذي أطفأ شمعته العاشرة في باريس!
الى مائدة ليزا جلسنا، تغازلنا ورودها الملوّنة وتعدنا الأطباق المتناثرة عليها بتوقيع أصول الاتيكيت بمذاق لن تستطيع ذاكرتنا نسيانه بسهولة. القصّة كلها تدور حول إطلاق طبق الغداء Lunch on a tray، المنقسم الى ثلاثة خيارات بيها الخالي من اللحوم، والمتربّع على الأطباق النحاسية التي وككثير من الأكسسوارات جعلت من هذا المطعم مرجعاً للتفاصيل الساحرة.
على الطاولة المتربّعة في غرفة النقود money room، جلس المدعوون أمام كلّ منهم طبق تتألّق فيه الوجبات التقليدية التي تسطّر المطبخ اللبناني وحضارته على غرار الحمص بالطحينة، البابا غنوج المكلّل بحبيبات الرمان بلونها الزاهي الآخاذ، المدردرة، الهندباء، الكبّة وسواها بأسلوب تقديم يجعلها أشبه بلوحة فنية رسمها فنّان تختلج فيه كل المشاعر الانسانية. وربّما هذا ما يفسّر عدد عدسات الكاميرات التي كانت مسلّطة على المائدة يتهافت أصحابها لالتقاط الصور علّهم ينجحون بنقل التجربة الحيّة بكلّ ما امتزجت به من علامات الرضا والاستحسان والتلذذ بكلّ قضمة تناولوها. ولعلّ المميّز في الأطباق المختلفة هو النجاح الباهر الذي سجّلته النكهات الأجنبية بدخولها اليها كالتوابل أو موس الجزر أو السلطات التي تميل قليلاً الى المطابخ الأوروبية ولو بنفحة بسيطة.
خيارات محددة توفّر على زبائن المطعم الوقوع في الحيرة نظراً لما تحمله قائمة الطعام من أطباق ووجبات تحتار بها العين وتعجز عن الاستقرار على واحدة منها، معرفة سابقة لقيمة الوجبة وتوفير لقيمة الوقت؛ أهمّ العوامل التي أنتجت طبق الغداء هذا الذي شبّهته ليزا خلال دردشتها مع ياسمينة بعلبة الغذاء أو الـLunch Box التي نصحبها الى أمكنة عملنا، ووصفتها بالحصان الرابح في مدينة باريس نظراً لضيق الوقت خلال فرصة الغداء الذي تعاني منه الطبقة العاملة في كلّ عواصم العالم.
ما لبثت الأطباق النحاسية أن فارقت المائدة بعد انتهاء الجميع من تناول اطعمتهم حتّى استقرّت مكانها أطباق مطاولة الحجم عليها فناجين "الشفّة" اللبنانية الكلاسيكية حيث تربّعت في كل فنجان منها قطعة من أشهى الحلويات اللبنانية إضافةً الى الآيس كريم بالنكهات المتعددة. في المناسبة العثملية في ليزا تستحقّ الجائزة الكبرى!
ولأنّ البسكويت والراحة من أساسيات التحلية اللبنانية، ولأنّ مطعم ليزا لا يعرف التقليدية ولا يثق بها في الوقت عينه، تذوّق المدعوون أشهى أشكال البسكويت الدائري اختبأت تحته قطعة آيس كريم الورد في داخلها قطع الراحة اللبنانية العريقة. طعم لا يقبل المفاوضة أبداً!
على رغم اللقاء الذي استمرّ لحوالي الساعتين، الاّ أنّ الوقت عرف كيف انسحب بسرعة خيالية ليكون وداعنا حول القهوة التركية في فنجانين عليها رسومات وكتابات لبنانية ملفتة جعلتنا نحاول استراق النظر الى من يجلس بقربنا كي نقرأ ما يحمله فنجانه من " فنجان جايبلك خبر" الى " تفضلوا عالقهوة" وسواها من عبارات الضيافة اللبنانية الكريمة!