واشنطن - لبنان اليوم
لدى أوروبا ما يكفي من موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتلبية كامل الطلب على الكهرباء من المصادر المتجددة.
وأظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون في معهد أبحاث الاستدامة في مدينة بوتسدام الألمانية أن بإمكان مناطق وبلديات عديدة استخدام أنظمة كهرباء قائمة على مصادر الطاقة المتجددة فقط، لتلبية الطلب على الكهرباء. إلا أن تطورًا كهذا سيؤدي إلى تفاقم ضغط استخدام الأراضي حول المناطق الحضرية والتجمعات السكانية.
وتُعرَض نتائج الدراسة على الإنترنت على خريطة تفاعلية تغطي مناطق ومدن أوروبا. ويمكن للمستخدمين تكبير منطقة أو قرية ببساطة، من مدينة لاندو في منطقة راينلاند بالاتينات في ألمانيا إلى برلين شمالًا، ومن منتون على الريفيرا الفرنسية إلى العاصمة الإيطالية روما. إذ تحدد الخريطة إمكانيات توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في جميع أنحاء أوروبا وتكشف عن قدرة المناطق على تلبية الطلب على الكهرباء من المصادر المتجددة.
وقال تيم ترندل، المؤلف الأساسي للدراسة، إن «نتائجنا تظهر مدى صعوبة تلبية الطلب على الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، وبكل خاص في حالات المدن المكتظة بالسكان مثل برلين، إلا أن التطور التقني بلغ اليوم مرحلة تكفي لتأمين تلك الاحتياجات، حتى في حال وحدت المناطق الحضرية الكبيرة قوتها مع المناطق المحيطة بها.»
ويمكن للأقاليم الريفية والمناطق الحضرية ذات الامتدادات الريفية النائية تلبية الطلب على الكهرباء بالكامل من المصادر المتجددة، إذ يمكن لـ 75% من البلديات على المستوى المحلي الوصول إلى موارد كافية من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتلبية الطلب السنوي على الكهرباء.
اكتفاء ذاتي
ويتطلب تطوير الإمداد الكهربائي المكتفي ذاتيًا والمتجدد، توفر أسطح مفتوحة أو أراض كافية يمكن استخدامها لتوليد الطاقة. وجمع العلماء بياناتٍ لتكون جزءًا من أبحاثهم لتمييز المناطق والأسطح المؤهلة وتحديد عوائد الكهرباء المتجددة على المستويات القارية والوطنية والإقليمية والبلدية.
وحدد مؤلفون من معهد أبحاث الاستدامة والمعهد الفيدرالي السويسري للتقنية في زيورخ، بقيادة الأستاذ الدكتور يوهان ليليستام، الإمكانيات التقنية للأنظمة الكهروضوئية المثبتة على السقف، والموجودة على مستوى الأرض، بالإضافة لتوربينات الرياح البرية والبحرية من خلال تحليل مدى توفر المناطق البرية وأهليتها. ويأخذ تحليلهم في الحسبان الغطاء الحالي للأراضي، واستعمالات الأراضي، والاستخدامات الزراعية، فضلًا عن الارتفاعات والظروف المناخية المحلية، التي يمكن أن تحد من توليد الكهرباء من المصادر المتجددة. وتمكن الباحثون إثر ذلك من تحديد العائد المحتمل للكهرباء، مع مراعاة القيود التقنية.
ولن تتمكن أنظمة الطاقة المستقبلية من استغلال إمكانياتها التقنية الكاملة، حتى إن تمتعت باستدامة وقبول مجتمعي واسع. إذ استبعد الباحثون مناطق محددة؛ مثل المحميات الطبيعية والأراضي الصالحة للزراعة، إذ تضر البنية التحتية للطاقة بالمناظر الطبيعية أو تمنع الأنشطة الزراعية. واستخدام الباحثون البيانات المتعلقة باستهلاك الكهرباء لعام 2017 لقياس الطلب. وأثبت الباحثون تماشيًا مع التحليلات السابقة قدرة الإمكانيات التقنية والاجتماعية للطاقة الكهربائية المتجددة على تجاوز الطلب على المستويين القاري والوطني. ولتحقيق الاستقلال الذاتي للكهرباء على المستوى دون الوطني، يتعين على الأقاليم تخصيص حصص كبيرة، وأحيانًا كل أراضيها غير المطورة، لتوليد الكهرباء من الطاقات المتجددة؛ وفقًا للدراسة.
آفاق أوروبا
وإذا طبقت قيود اجتماعية فإن إجمالي الناتج المحتمل للكهرباء على المستوى القاري يبلغ 15 ألف تيراواط في الساعة، أي أكثر من أربعة أضعاف الطلب الحالي. ويبقى بإمكان أوروبا توليد ما يكفي من الكهرباء من المصادر المتجددة لتحقيق الاستقلال الذاتي للكهرباء على المستوى القاري، وفي كل بلد لوحده، عند تقليل الإمكانيات التقنية بأكثر من 90%، بعد تطبيق قيود اجتماعية شديدة.
ودرس الباحثون أدنى الإمكانيات النسبية داخل حدود المدينة على المستويين الإقليمي والمحلي، ووجدوا أن مدينة أوسلو – مثلًا- تظهر أدنى الإمكانيات، إذ يمكنها تلبية أقل من ربع الطلب على الكهرباء من خلال توليد الطاقة المحلية من مصادر متجددة. وتفتقر مناطق حضرية أخرى أيضًا إلى إمكانيات تقنية واجتماعية كافية؛ مثل إيل دو فرانس (باريس) ودبلن وبرلين. ولكن يمكن لهذه المدن تحقيق الاستقلال الذاتي للكهرباء بالتعاون مع المناطق المحيطة لتشكيل مناطق حضرية مكتفية ذاتيًا. وتشير الدراسة أيضًا إلى أن السعي وراء الاكتفاء المحلي يمكن أن يركز توليد الكهرباء في المناطق المكتظة بالسكان، وهي نتيجة تتراوح بين القبول والرفض.
وقال ترندل إن «الأمر في النهاية هو إجراء توازن بين الاكتفاء الذاتي واستخدامات الأراضي المحلية الكثيفة من جهة، وقبول الواردات معًا، فضلًا عن تحقيق تعاون أكبر مع البلديات والمناطق والبلدان الأخرى في أوروبا من جهة أخرى.»
ولكن من حيث المبدأ يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي للكهرباء المتجددة بنسبة 100% على جميع المستويات الإدارية، من المستوى القاري، إلى الإقليمي، وصولًا إلى مستوى البلديات، وبشكل خاص في حال إنشاء آليات عمل لتجارة الكهرباء بين الأقاليم والبلدان.
قد يهمك ايضا
الطاقة المُتجدِّدة تحلّ محل الفحم في ألمانيا باستحداث طرق مختلفة
تكنولوجيا جديدة تولد الكهرباء من أشعة الشمس لإنارة المنازل ذاتيًا