أبوظبى - وام
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قررت خلال دورتها الـ/ 68 / التي عقدتها يوم / 20 / من شهر ديسمبر عام 2013 .. إعلان يوم الثالث من شهر مارس من كل عام .. مناسبة للإحتفال باليوم العالمي للأحياء البرية لرفع الوعي العالمي بتلك الأنواع على المستوى الوطني والعالمي .. وهو اليوم الذي اعتمدت فيه اتفاقية تنظيم التجارة الدولية الأنواع الحيوانية والنباتية البرية المهددة بالإنقراض " سايتس ".
ويعتبر اليوم فرصة للاحتفال بالأشكال المتعددة والجميلة والمتنوعة من الحيوانات والنباتات البرية ولإبراز أهمية حماية الطبيعة بالنسبة للإنسان وزيادة وعيه في هذا الخصوص.
ويدعو الاحتفال هذا العام إلى تأكيد الحاجة لتكثيف جهود مكافحة التجاوزات التي ترتكب في حق الأحياء البرية والتي لها تأثير واسع على الحياة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية في دول العالم.
وأكدت منظمة الأمم المتحدة أهمية الأحياء البرية و ما لها من إسهامات شتى من الناحية الإيكولوجية والجينية والاجتماعية والاقتصادية بجانب المجالات العلمية و التربوية والثقافية والترفيهية والجمالية..ودورها في تعزيز التنمية المستدامة ورفاه البشر.
وقال بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة في رسالته بهذه المناسبة ..إن الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلنت يوم الثالث من شهر مارس - وهو اليوم الذي اعتمدت فيه اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض - يوما عالميا للأحياء البرية.
وأضاف أنه بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثانية لهذا اليوم .. تسلط منظمة الأمم المتحدة ودولها الأعضاء وطائفة واسعة من الشركاء من جميع أنحاء العالم .. الضوء على رسالة بسيطة وإنما حازمة وهي أنه قد " حان الوقت للتحلي بالجدية في التصدي للجريمة ضد الأحياء البرية " .. وأصبح الاتجار غير المشروع بالأحياء البرية شكلا متطورا من أشكال الجريمة عبر الوطنية يضاهي أشكالا ضارة أخرى من قبيل الاتجار بالمخدرات والبشر والأصناف المزورة والنفط .. وهذا الاتجار يحركه وجود طلب متزايد وييسره في كثير من الأحيان انتشار الفساد وسوء الحوكمة .. وهناك أدلة قوية على تزايد ضلوع شبكات الجريمة المنظمة والجماعات المسلحة غير التابعة للدول في هذا الاتجار.
وبين الأمين العام أن الإتجار غير المشروع بالأحياء البرية يؤدي إلى تقويض سيادة القانون و يهدد الأمن القومي و يتسبب في تدهور النظم الإيكولوجية و يشكل عائقا كبيرا أمام جهود المجتمعات المحلية الريفية والشعوب الأصلية التي تسعى إلى إدارة مواردها الطبيعية بطريقة مستدامة .. وليس التصدي لهذه الجريمة أمرا أساسيا لجهود حفظ البيئة والتنمية المستدامة فحسب وإنما أيضا سيساهم في تحقيق السلام والأمن في المناطق المضطربة حيث تؤدي هذه الأنشطة غير المشروعة إلى تأجيج النزاعات.
وذكر مون أن التحلي بالجدية في التصدي للجريمة ضد الأحياء البرية يعني حشد دعم جميع قطاعات المجتمع المشاركة في إنتاج واستهلاك منتجات الأحياء البرية التي تستخدم على نطاق واسع في الأدوية والأغذية ومواد البناء والأثاث ومواد التجميل والملابس ولوازمها.
دعا المجتمع لدعم الجهود المبذولة في مجال إنفاذ القانون و يمكن أن تؤدي مؤسسات الأعمال التجارية وعامة الناس في جميع البلدان دورا رئيسيا بالامتناع مثلا عن اشتراء العاج وقرون وحيد القرن المتجر بها بطريقة غير مشروعة أو بيعها بالمزاد العلني والإصرار على أن يتم الحصول على منتجات المحيطات والغابات المدارية في العالم بطريقة مشروعة وأن تكون هذه المنتجات مستغلة بطريقة مستدامة.
وحث الأمين العام للأمم المتحدة - بمناسبة اليوم العالمي للأحياء البرية - جميع المستهلكين والموردين والحكومات على اعتبار الجريمة ضد الأحياء البرية خطرا على مستقبلنا المستدام .. مؤكدا أنه حان الوقت للتحلي بالجدية في التصدي للجريمة ضد الأحياء البرية.
وتشير تقارير الصندوق العالمى للحياة البرية لعام 2013 إلى أن معدل تراجع أعداد الحيوانات البرية أصبح أسرع بكثير مما كان متوقعا خاصة في ظل حاجات البشر التي أصبحت تفوق قدرة الطبيعة بأكثر من / 50 / في المائة في ضوء قطع الأشجار وضخ المياه الجوفية وانبعاث ثاني أكسيد الكربون بمعدل أسرع مما تستطيع الكرة الأرضية تعويضه.
وكشفت دراسة علمية أجراها علماء فى جامعة أوهايو الأميركية أن هناك تراجعا كبيرا في أعداد الأسماك والطيور والثدييات والبرمائيات والزواحف في العالم بحوالي / 52 / في المائة خلال الفترة من 1970 إلى 2010 .. وأن الإنسان مسؤول بشكل مباشر عن ظاهرة انقراض بعض أنوع الحيوانات وتعرضها للمخاطر حيث توصلت الدراسة إلى أن هناك صلة بين تزايد أعداد البشر وتناقص أعداد الحيوانات ومن المتوقع أن يواجه نحو / 11 / في المائة من الحيوانات خطر الانقراض بحلول 2050 .
وشدد ماركو لامبرتينى المدير العام للصندوق العالمي للحياة البرية على أهمية بذل مزيد من الجهد للتنمية المستدامة وخلق مستقبل يستطيع فيه البشر العيش والازدهار فى تناغم مع البيئة.
وأوضح أن من أخطر المشاكل التي تواجه كوكب الأرض هي تعرض بعض أنواع الحيوانات لخطر الانقراض الذي قد يسبب حالة من عدم التوازن في النظام البيئي لكوكب الأرض بصفة عامة وتتمثل خطورة المشكلة في وجود أنظمة بيئية بالغة الدقة تنظم الحياة للأنواع المختلفة من الكائنات الحية وإنقراض نوع ما قد يؤدي إلى وجود خلل بالنظام البيئي .. فمثلا انقراض النحل الذي ينقل حبوب اللقاح يسبب انقراض نباتات معينة تعتمد في تكاثرها علي حشرات النحل وبانقراض تلك النباتات يحدث ضرر لانواع الحيوانات الاخري .. مشيرا إلى أنه يتم استغلال الحيوانات البرية في إجراء البحوث الطبية والعلمية المختلفة والتجارب المعملية وهذا ما يلاحظ حاليا في عدد من الدول المتقدمة علميا فهي تستورد السلاحف والسحالي للقيام بالأبحاث العلمية.
وأشار إلى أن علم الحياة البرية عبارة عن تجميع للمعارف من علوم كثيرة وثيقة بالبيئة التي تشكل عناصرها الجزء المهم من حماية للحيوان البري ومعيشته وغذائه وعلاقاته التنافسية عن طريق خلق التفاعلات المختلفة في البيئة وعناصرها .. كما تأتي علاقته بالجيولوجيا عن طريق الحفريات ويرتبط بعلم الطفيليات والتشريح والأنسجة وعلم الأمراض والأجنة والوراثة والتطور والهندسة الوراثية وبعلم الموارد وعلم الاقتصاد نسبة للمساهمة الاقتصادية للحياة البرية ومنتجاتها في الاقتصاد الوطني .. كما يرتبط بعلوم النبات وعلوم التصنيف ودراسة النباتات البرية الصحراوية ذات القيمة الاقتصادية العالية.
وأضاف أن الكثير من عناصر الحياة البرية تعتبر مصدرا للجينات لاستخدامها في عمليات التحسين الوراثي للأنواع الاقتصادية من نبات وحيوان من خلال التقنيات الحيوية الحديثة.. فيما وجد أن بعض الأنواع البرية يمكن أن يستخدم كمؤشر على تطور النظام البيئي أو على تدهوره ..
أما من الناحية السياحية نجد أن هناك آلاف من السياح يزورون المحميات والمواقع الطبيعية حيث تتعدد المنافع المعنوية وذلك من خلال الاستماع لتغريد الطيور ومشاهدة جمال البرية في الحصول على التسلية النفسية وتقويم الوجدان ورفع القوى والقدرة واستعادتها للإنتاج والإحساس بالشجاعة والرفق بالحيوان.
من جهة أخرى فإن للحياة البرية أهمية تراثية وثقافية تتمثل في الطقوس والتأثيرات الروحية والنفسية والمقدسات متصلة بالأنواع البرية..فضلا عن ارتباط الأنواع البرية بالشعر والموسيقى والفنون كالرسم والنحت مما يثري الحياة الإنسانية.
وذكر تقرير الصندوق العالمي للحياة البرية .. أنه توجد العديد من المحميات الطبيعية في مختلف أنحاء العالم لحماية الحياة البرية التي يحظر فيها الصيد أو تشييد البنايات رغم أن بعض تلك المحميات ذات مساحات شاسعة تشمل آلاف الكيلومترات كما أن بعضها قد لا تتجاوز مساحتها عدة كيلومترات حيث تكون قطع أرض صغيرة يتم تخصيصها كمحمية لحفظ النظام البيئي بتلك المناطق.
وأشار التقرير إلى أنه توجد قائمة كبيرة تشمل حيوانات معرضة لخطر الانقراض بأكثر من / 800 / نوع ومن أبرز أسماء أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض.. " الذئب المكسيكي " وهو ينتمي إلى قارة أميركا الشمالية وينحدر من سلالة الذئب الرمادي وهو من أقل الحيوانات عددا على مستوى عالم الحيوان حيث تقدر أعداد الذئاب المكسيكية في العالم بأقل من / 100 / ذئب بجانب " حيوانات الليمور " في جزيرة مدغشقر و البقر الوحشي والظبي اللولبي وهو أحد الظباء المهددة بالإنقراض و يعيش في بضعة مناطق معزولة في الصحراء الكبرى حاليا ومحميات الطرائد الخاصة في الولايات المتحدة وأنحاء أوروبا .. و" الحمار البري الإفريقي " وهو صنف من فصيلة الخيليات حيث امتد موطنه سابقا ليشمل مصر و السودان و فلسطين و ليبيا .. أما الآن فتبقى حوالي / 570 / رأسا في البرية .. و" الفهد الآسيوي " وهو أحد سلالات الفهد المهددة بالإنقراض وبشدة ..و" كوندور كاليفورنيا " وهو نسر من نسور العالم الجديد و يعد أكبر طائر قادر على الطيران في القارة الأميركية الشمالية ويقطن هذا الكوندور شمال ولاية أريزونا وجنوب يوتا.
وقال جون سكانلون أمين عام اتفاقية " سايتس " في تصريح له .. إننا نواجه اليوم صيدا جائرا وتهريبا وتورط منظمات في أكثر من دولة.. مشيرا إلى أن الصيد الجائر ثابت ولكنه ثابت عند مستوى مرتفع للغاية.. مؤكدا أن عدد الأفيال التي قتلت حتى الآن أكثر بكثير من عدد الأفيال التي تولد.
وأضاف أن مصادرة الكميات الكبيرة من العاج المهرب في أفريقيا أي ما يفوق وزنه / 500 / كيلو جرام زادت خلال عام 2013 لتتجاوز بذلك للمرة الأولى العاج المصادر من آسيا.
وذكرت تقارير معنية عالمية أن الكثير من الحيوانات أنقرضت خلال القرن الماضي منها " الثيلسين " نمر زنجبار و نمر ياوان و غيرها .. مشيرة إلى أن الإنقراض سمة طبيعية ولكن اليوم فخطر الإنقراض زاد ولم يعد طبيعيا وقد يؤدي هذا مستقبلا إلى إنهاء الحياة .. موضحة أن الإنقراض سابقا كان يتم خلال مئات بل آلاف السنين وقد تصل لملايين السنين بينما في الوقت الحالي خلال قرن واحد فقدنا أكثر من / 95 / في المائة من أعداد بعض الأنواع مثل الحوت الأزرق وفقدنا أنواع بأكملها وهناك حيوانات أنقرضت في البرية ولا تعيش سوى في الأسر مثال الأسد البربري و يعتقد بأنه منقرض تماما و غراب هاواي ووحيد القرن الشمالي الأبيض و مها أبو حراب و حمامة سوكورو وعلجوم باكستر.
يذكر أن حكومات وجمعيات البيئة تبذل أدوارا هاما للحفاظ على الحيوانات المهددة بالانقراض تشمل إنشاء محميات طبيعية وهي مناطق بيئية تؤمنها حكومة الدولة بتقديم حماية ودعم كامل فيما ظهرت تلك المحميات في آوائل القرن العشرين حيث تكمن أهميتها في الحفاظ على أنواع الحيوانات المتنوعة وحمايتها من أخطار الصيد الجائر والإخلال بالنظام البيئي.