اسماك شبوط كوي

 اصبحت اسماك شبوط كوي التي تربى يدويا بعناية بسبب الوانها وجمالها رمزا لليابان ويمكن بيعها بمئات الاف الدولارات وإشراكها في مسابقات جمال للاسماك.

ولفتت اسماك شبوط كوي اليابانية انظار العالم عندما صُوّر الرئيس الاميركي دونالد ترامب خلال زيارته للبلاد وهو يلقي علبة من الطعام في بركة في احد قصور طوكيو.

الا ان هذه الاسماك تحظى بشعبية كبيرة في البلاد منذ عقود حيث يشرك كبار المربين اجمل اسماكهم المعروفة ايضا باسم "نيشيكيغوي" في مسابقات "عروض جمال".

في احدى هذه المسابقات في طوكيو، يتجول اعضاء لجنة التحكيم وهم يرتدون بزات قاتمة ويحملون الدفاتر الصغيرة بين الاحواض المصفوفة على امتداد شارع مخصص للمشاة حيث تسرح اسماك الكوي القيمة باناقة.

وهي تأتي بجميع الوان قوس القزح من الابيض اللؤلؤي الى الاحمر القاني مرورا بالرمادي والازرق الغامق والاصفر الذهبي اللماع.

هذه الاسماك تحظى بشعبية كبيرة في البلاد منذ عقود حيث يشرك كبار المربين اجمل اسماكهم المعروفة ايضا باسم "نيشيكيغوي" في مسابقات "عروض جمال" 

الا ان تقويسة السمكة تستحوذ على 60 % من العلامة النهائية على ما يوضح منظم المسابقة ايسامو هاتوري الذي يدير الجمعية الرئيسية لمربي اسماك الكوي في اليابان.

ويؤكد لوكالة فرانس برس برس ان اللون وتدرجاته يحظى ب30 % من العلامة.

ماذا عن نسبة 10 % المتبقية؟ هي تعود الى ما يعرف "هينكاكو" وهو مفهوم يصعب تحديده والحكم عليه بعد اكثر ويمكن ترجمته ب"الحضور" او "الهالة" التي تصدرها السمكة.

- "كل شيء مهم" -

هي تأتي بجميع الوان قوس القزح من الابيض اللؤلؤي الى الاحمر القاني مرورا بالرمادي والازرق الغامق والاصفر الذهبي اللماع 

ويقول ميكينوري كوريكارا وهو مربي اسماك كوي في ساتاما شمال طوكيو "إما ان تكون الهينكاكو موجودة في جينات السمكة او لا تكون" مشددا على ان بامكانه ان يرصد هذا الحضور في السمكة عندما تبلغ شهرها الثامن او التاسع.

ويقول لوكالة فرانس برس "ان الامر اشبه بالاهتمام باطفالنا يوميا. نرعى الاطفال ونريد ان ينمو بشكل سليم. وبالطريقة نفسها نرعى هذه الاسماك ونعشقها".

في مزرعته تجول الاف من اسماك الشبوط الصغيرة هذه في احواض عميقة تحوي مياها مكررة بعناية وهي تفرز بحسب العمر واللون.
اما اسماك الكوي الاخرى التي لا تسترعي انتباه المربي فتباع كطعام لاسماك استوائية.

ويوضح الرجل البالغ 48 عاما الذي ورث المزرعة عن والده ويدرب راهنا نجله على فنون تربية هذه الاسماك "انها مهمة دقيقة وصعبة فعلا. فكل شيء مهم التربة ونوعية المياه والطعام".

ويقول "لدينا الكثير من الاسرار. لكن حتى لو كشفنا عنها عرضا لن ينجح الامر. يجب ان نشعر فعلا بما نقوم به".

- "السلم الاجتماعي" -

مثل اصحاب جياد السباق، يترك الكثير من المالكين الاجانب اسماكهم الثمينة في مزارعها اليابانية لكي تنافس في اعرق مسابقات جمال الاسماك المفتوحة فقط امام الاسماك التي تربى في البلاد 

في هذه الايام لا تخلو اي حديقة تقليدية يابانية من احواض تسرح فيها اسماك الكوي الملونة الا انه تقليد حديث نسبيا.

فقبل حوالى 200 سنة لجأ سكان بلدات جبلية في محيط نيغاتا في شمال غرب اليابان الى الهندسة الجينية على هذه الاسماك من دون ان يعرفوا فعلا ما يقومون به.

فللمرة الاولى راحوا يزاوجون اسماك شبوط بالوان نادرة ليس لاغراض الاكل بل لقيمتها الجمالية فقط.

وعمّ الشغف باسماك نيكيغوي اليابان تدريجا وانتقل الى مناطق اسيوية اخرى.

وهي تحظى بشعبية كبيرة في الصين حيث ترمز اسماك الشبوط التي تسبح عكس التيار الى فكرة المثابرة المؤدية الى تحقيق الثروة مثل الاشخاص الذين يرتقون السلم الاجتماعي على ما يؤكد يوتاكا سوغا الاستاذ في معهد الدراسات المتقدمة حول آسيا في جامعة طوكيو.

وتشكل اسماك الكوي اليوم نشاطا تجاريا كبيرا ولا سيما على صعيد صادرات اليابان اذ ان 90 % من الانتاج المحلي يصدر ويباع في مزادات.

في العام 2016، صدرت اليابان كمية قياسية من هذه الاسماك بلغت 295 طنا بقيمة 3,6 مليارات ين (31 مليون دولار) اي بزيادة قدرها 50 % تقريبا منذ العام 2007 على ما اظهرت ارقام وزارة الزراعة اليابانية.

اما اسعار هذه الاسماك بشكل فردي "فقد بلغت مستويات غير معقولة" على ما يؤكد هاتوري.

ويوضح لوكالة فرانس برس "سمكة شبوط كوي تبلغ سنتين قد تباع بسعر 30 مليون ين (265 الف دولار) في حين ان سعرها قبل عقد من الزمن كان في حدود مليوني ين".

ومثل اصحاب جياد السباق، يترك الكثير من المالكين الاجانب اسماكهم الثمينة في مزارعها اليابانية لكي تنافس في اعرق مسابقات جمال الاسماك المفتوحة فقط امام الاسماك التي تربى في البلاد.

وقد اتى احد هؤلاء وهو جامع اسماك الكوي الصيني يوان جياندونغ الى طوكيو لتشجيع سمكته.

ويقول صاحب مصنع الادوية من شانغهاي "هذه ليست طريقة لكسب المال بل لإنفاقه على نحو ترفيهي".

الا انه يؤكد ان امتلاك سمكة كهذه ليس مجرد استعراض مبتذل للمال "فعندما ترى هذه الاسماك الجميلة تسبح باناقة في بركة منزلك تنسى ضغوط الحياة اليومية وتجد راحة البال".