موروغورو ـ العرب اليوم
مع ساعات الصباح الاولى، ينطلق جون وستيفن في البحث الدؤوب عن الغام غير منفجرة في منطقة جبلية من تنزانيا، وهما ليسا خبيري الغام بل جرذان عملاقان يخضعان لتدريبات متطورة قبل ارسالهما الى مناطق ما زالت تتكدس فيها الاجسام المتفجرة الخفية.
وبعد اختتام هذه المرحلة التدريبية النهائية، سيرسل الجرذان الى موزمبيق وانغولا وكمبوديا، حيث تنشط منظمة "ابوبو" البلجيكية التي فككت هناك اكثر من 83 الف لغم مضاد للافراد.
وتفكيك الالغام ليس المهمة الوحيدة التي تبرع فيها الجرذان المدربة، بل انها توظف ايضا في مجال الكشف عن مرض السل.
وفي احد مختبرات جامعة سوكوين في تنزانيا، يجول الجرذان سوكوين وفيولت من انبوب اختبار الى آخر لتشخيص هذا المرض الذي يودي بحياة مليون و500 الف شخص سنويا.
وهذان الجرذان اتما مرحلة التمرين، وبدآ العمل الفعلي.
وعلى مدى اليوم كله، يشم الجرذان عينات مأخوذة من المرضى يرسلها 29 مستشفى في المنطقة، لتشخيص الاصابة بالمرض لحالات ربما تكون افلتت من التشخيص المخبري العادي.
ويبدو استخدام الجرذان في مهمات دقيقة كهذه غير منطقي في نظر الكثيرين، ولا يحظى تشخيص السل بواسطتها باقرار منظمة الصحة العالمية.
لكن المنظمة البلجيكية تؤكد ان الجرذان اثبتت كفاءتها، سواء في العثور على الالغام اسرع بكثير من الطرق العادية، او في تشخيص الاصابة بمرض السل بدقة اكبر من المختبرات.
ويقول كريستوف كوكس مدير المنظمة "في حقيقة الامر، العقبة الاولى هي النظرة السلبية للناس تجاه الجرذان".
تملك المنظمة حاليا 222 جرذا كبيرا، منها 108 تشارك فعلا في نزع الالغام في انغولا وموزمبيق وكمبوديا، و42 تعمل في تشخيص مرض السل في تنزانيا وموزمبيق.
يقول كوكس "يستطيع الكلب تعلم القيام بمهمات متعددة ومعقدة، اما الجرذ فيمكنه القيام بمهمة متكررة".
وكلما كان الجرذ اصغر، كان من الاسهل نقله واطعامه وتوفير مكان لوضعه فيه.
- مئة عينة في عشرين دقيقة -
في ماروغورو في تنزانيا، تخضع الجرذان لتدريبات تمتد على تسعة اشهر لتتعرف على المادة المتفجرة "تي ان تي"، وكذلك يتطلب الامر الوقت نفسه للتدريب على التعرف على مرض السل.
حين يشير الجرذ الى العينة المصابة وينبش الارض تحتها، يقرع المدرب جرسا صغيرا، ايذانا بمكافئته بجرعة طعام من الموز والزبدة والبندق.
ويقول جارد مكومبا "هذه الطرق اسرع من الطرق التقليدية لان الجرذان هنا لن تقف سوى عند الالغام، اما اجهزة الكشف عن المعادن فقد يستوقفها اي معدن في الارض".
لكن فاعلية الجرذان في نزع الالغام تكمن في المساحات الكبيرة، اما في المساحات الضيقة المكتظة بالالغام فانها قد تكون غير مفيدة.
في العام 2007، بدأ مختبران في موروغورو بتحليل عينات الاشخاص المشتبه في انهم مصابون بالسل، بالاستعانة بجرذان مدربة.
وفي العام 2013 توسع العمل الى موزمبيق. وكل ذلك بموجب اتفاقيات مع السلطات المحلية.
وتستخدم الجرذان تحديدا في التثبت من نتائج المختبرات العادية التي تعاني من نقص في الامكانات. وتكتشف الجرذان حالات اصابات افلتت من عدسة المختبرات، بما يرفع دقة التشخيص الى 40 %.
وحين يشير الجرذ الى انبوب قالت المختبرات العادية انه سليم، يخضع هذا الانبوب لفحص جديد.
ويقول كريستوف كوكس "الامر المشجع هو السرعة الكبيرة التي تعمل فيها الجرذان، اذ يمكنها ان تكشف على مئة عينة في عشرين دقيقة".
وتؤكد المنظمة البلجيكية انها شخصت عشرة الاف حالة من السل بفضل هذه الجرذان.