الحشرات

قطعا لن يكون ذلك بقدر ما تتهافت عليها حشرة عثة التبغ (أبو دقيق) التي تعتمد حياتها في واقع الأمر على هذه الحاسة.
فبوسع حشرة عثة التبغ - التي تماثل حاسة الشم لديها الكلاب البوليسية المدربة والتي تفوق مثيلتها عند الإنسان - الطيران مسافة تصل إلى 130 كيلومترا في الليلة الواحدة بحثا عن زهورها المفضلة مثل الداتورة المقدسة.
ورحيق هذه الزهور البيضاء العطرية الفواحة القمعية الشكل التي تتفتح ليلا، مصدر مهم لغذاء هذه الحشرة التي تتولى تلقيح هذه الأزهار. وتبحث إناث هذه الحشرة عن زهور الداتورة لوضع البيض. وبعد فقس البيض تأكل اليرقات أوراق الزهرة.
واندهش العلماء كيف يتسنى لهذه الحشرات رصد زهور الداتورة بالذات دون غيرها وتساءلوا إن كانت روائح أخرى سواء كانت طبيعية أو صناعية يمكن أن تخلط الأمور لدى الحشرة.
وخلال الدراسة التي نشرتها دورة (ساينس) أمس (الجمعة)، وضع الباحثون الحشرة في معمل داخل نفق وسط منظومة يتحكم فيها الكومبيوتر وعرضوها لمجموعة متباينة من الروائح منها مثلا عوادم السيارات والشاحنات إلى جانب روائح ذكية من النباتات.
فأفسدت المصادر البشرية للتلوث، قدرة الحشرة على رصد زهور الداتورة وغيرت الطريقة التي تتفاعل بها رائحة الزهور مع الخلايا العصبية الشمية في مخ الحشرة.
وقال جيفري ريفيل أستاذ البيولوجيا في جامعة واشنطن، «تستعين حشرات التلقيح ومنها النحل والفراشات والعثة بحاسة الشم لديها لرصد الزهور من مسافات بعيدة إلا أننا وجدنا أن الروائح الآتية من الزراعات القريبة وحتى الملوثات المنبعثة من عوادم المركبات يمكن أن تفسد سلوك العثة».
وأضاف «والآن بالنسبة للعثة التي تطير لمسافات طويلة فإنها لم تعد قادرة بكفاءة على الإحساس برائحة الزهور، بل لم تعد تدرك في أحيان كثيرة بوجود الزهور أصلا. نحتاج إلى إجراء مزيد من التجارب لمعرفة ما إذا كانت هذه الملوثات أو حتى نباتات بعينها تفسد قدرات حشرات التلقيح مثل نحل العسل المهم من الناحية الزراعية».
وتعيش عثة التبغ - وهي حشرات ليلية كبيرة الحجم تصل المسافة بين جناحيها إلى عشرة سنتيمترات - في مناطق تمتد من كندا إلى أميركا الوسطى بما في ذلك الولايات المتحدة.
كما رصد الباحثون المسارات العصبية من خلال وضع قطب كهربائي دقيق في الفص الشمي لحشرة عثة التبغ المرتبط بالمخ.