برلين ـ د.ب.أ
يزداد اعتماد شركات السيارات العالمية حالياً على المحركات ثلاثية الأسطوانات، نظراً لما تتمتع به من وزن أقل وتكلفة منخفضة وانبعاثات قليلة ومعدل احتكاك أقل، فضلاً عن زيادة قوتها من خلال التقنيات الحديثة لتصل إلى مستوى المحركات رباعية وسداسية الأسطوانات. وبالتالي بدأ استخدام المحركات ثلاثية الأسطوانات ضمن منظومة الدفع الهجين في السيارات الرياضية والموديلات الصالون من الفئة المتوسطة.
وتظهر أهمية الدور الذي تلعبه المحركات ثلاثية الأسطوانات في سيارة بي إم دبليو i8 السوبر رياضية؛ حيث تتمتع السيارة بمعدلات أداء فائقة على الرغم من أن محركها لا يشتمل على 10 أو 12 أسطوانة.
ولكن الشركة الألمانية قامت بتجهيزها بمحرك ثلاثي الأسطوانات صغير بسعة حجمية 5ر1 لتر وبقوة 170 كيلووات/231 حصان، وتكفي هذه القوة الحصانية للانطلاق من الثبات حتى سرعة 100 كلم/ساعة في غضون 4ر4 ثانية وتصل سرعتها القصوى إلى 250 كلم/ساعة.
وفي حقيقة الأمر، لا يرجع الفضل في معدلات الأداء الفائق لسيارة بي إم دبليو i8 إلى المحرك ثلاثي الأسطوانات وحده، ولكن منظومة الدفع الهجين بالسيارة الرياضية تشتمل على شاحن تربو فائق الأداء بالإضافة إلى محرك كهربائي بقوة 102 كيلووات/131 حصان.
وتعتبر سيارة بي إم دبليو i8 بمثابة سيارة سباقات هجين Plug-in، ولكن استخدام التقنية الهجين، التي تعتمد على المحرك ثلاثي الأسطوانات، في السيارات الرياضية لا يزال يمثل الاستثناء من القاعدة العامة. ومع ذلك تجسد سيارة بي إم دبليو i8 الصعود السريع للمحركات ثلاثية الأسطوانات في موديلات الفئة المتوسطة والسيارات الرياضية.
وفي السابق، كان يتم استعمال المحركات ثلاثية الأسطوانات لأسباب تتعلق بانخفاض التكلفة في السيارات الصغيرة مثل موديلات سمارت الألمانية وتويوتا Aygo اليابانية أو فولكس فاغن up الألمانية، لكن مع مرور الوقت أصبحت هذه المحركات الصغيرة مقبولة في السيارات الأكبر حجماً من الفئة المتوسطة.
مزايا عديدة
وأكدت هايديلينده هولتسر، المطورة بشركة بي إم دبليو، أن المحركات ثلاثية الأسطوانات تتمتع بمزايا عديدة؛ حيث أنها تمتاز بوزن قليل مع انخفاض معدل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهي من الأمور التي تدفع الشركات العالمية إلى التخلي عن الأعداد التقليدية لأسطوانات المحركات.
وتَعد الخبيرة الألمانية بمزيد من تطوير المحركات ثلاثية الأسطوانات، ولكن بدون خفض قدرة السيارة، حيث أكدت أن المحركات ثلاثية الأسطوانات قد وصلت من حيث الأداء وعزم الدوران إلى مستوى المحركات رباعية أو حتى سداسية الأسطوانات التقليدية.
ومن هذا المنطلق، يمكن استعمال المحركات ثلاثية الأسطوانات ضمن منظومة الدفع الهجين في سيارات الفئة المتوسطة والفاخرة. وأوضح البروفيسور شتيفان بيشينغر، رئيس قسم محركات الاحتراق الداخلي بالجامعة التقنية بمدينة آخن الألمانية، أنه على الرغم من أن هذا المفهوم من المحركات يضع المطورين أمام تحديات كبيرة، خاصة من حيث رغبات العملاء فيما يتعلق بعدد الأسطوانات وزئير المحركات، ولكن يمكن استخدام المحركات ثلاثية الأسطوانات في السيارات الرياضية وموديلات الفئة المتوسطة مع تزويدها بتقنيات مناسبة.
ريادة فورد
وتعتبر شركة فورد الأمريكية رائدة في هذا المجال بفضل محركاتها EcoBoost ثلاثية الأسطوانات التي تبلغ سعتها الحجمية واحد لتر فقط. وفي البداية تم الاعتماد على مثل هذه المحركات في السيارات الصغيرة التي كانت تكتفي بقوة تصل إلى 92 كيلووات/125 حصان، ومع مرور الوقت بدأ استعمالها في سيارة فورد Focus من الفئة المدمجة.
وأكد هارتفيغ بيترسن، المتحدث الإعلامي باسم الشركة الأمريكية، أنه سيتم التوسع في استعمال المحركات ثلاثية الأسطوانات في باقة الموديلات القياسية؛ حيث من المقرر قريباً إطلاق النسخة الجديدة من سيارة فورد Mondeo مع تجهيزها بمحرك ثلاثي الأسطوانات، وبالتالي فإن فورد ستكون أول شركة تطلق هذه المحركات الصغيرة في موديلات الفئة المتوسطة.
وإلى جانب السيارة i8 الرياضية، تسعى شركة بي إم دبليو الألمانية إلى الاعتماد على المحركات ثلاثية الأسطوانات في العديد من الفئات الأخرى، التي يتم إنتاجها بأعداد كبيرة. وستكون البداية خلال فصل الربيع من هذا العام مع إطلاق سيارات ميني.
بالإضافة إلى أنه يجري العمل حالياً على إطلاق السيارة Active Tourer من الفئة الثانية خلال فصل الخريف القادم مع تجهيزها بمحرك ثلاثي الأسطوانات بسعة حجمية تبلغ 5ر1 لتر وبقوة 100 كيلووات/136 حصان. وعندما تثبت هذه النوعية من المحركات كفاءتها، فقد يتم الاعتماد عليها في موديلات الفئة الثالثة.
محركات جديدة لغولف
وهناك بعض الشركات الأخرى تسير على نفس الدرب وتسعى لاستخدام المحركات ثلاثية الأسطوانات على نطاق أوسع في موديلاتها القياسية؛ حيث أعلنت شركة فولكس فاغن مثلاً عن توفير باقة جديدة من محركات البنزين والديزل ثلاثية الأسطوانات لسيارتها Polo المُعدلة.
وأكد مدير التطوير هانز ياكوب نويسر أن الأيقونة غولف الشهيرة سيتم تجهيزها أيضاً بمحرك ثلاثي الأسطوانات مع شاحن تربو وبسعة حجمية تبلغ واحد لتر وبقوة 81 كيلووات/110 حصان على الأقل. وبالإضافة إلى ذلك تسعى شركة بيجو الفرنسية لتجهيز سيارتها 308 الجديدة بمحركات تكتفي بثلاث غرف احتراق فقط.
وتسعى شركات السيارات الفارهة حالياً إلى الاستفادة من المزايا التي توفرها المحركات ثلاثية الأسطوانات، حيث أعلن يورغ بريغل، مدير التطوير بشركة مرسيدس الألمانية، أنه يتم التخطيط على المدى المتوسط للاعتماد على المحركات ثلاثية الأسطوانات، الذي يقتصر على موديلات سمارت حالياً، في باقة الموديلات المزودة بنظام الدفع الأمامي من الفئة A وB.
وليس من المستبعد تماماً أن تضم موديلات الفئة C على المدى الطويل سيارة مزودة بمحرك ثلاثي الأسطوانات، ولكن ليس هناك خطط ملموسة في الوقت الراهن حول هذا الشأن.
وأكد البروفيسور شتيفان بيشينغر الألماني أن المحركات ثلاثية الأسطوانات ينتظرها مستقبل باهر، بفضل انخفاض الوزن ومعدل الاحتكاك والتكاليف، مع زيادة معدلات الأداء باستمرار، وبالتالي فإنها ستصبح مع مرور الوقت المحركات القياسية في فئة السيارات المدمجة والمتوسطة.