قناة بي بي سي

إن الفضول وحب الاستطلاع شعور ليس معيباً ولا رذيلة، وهذا بالطبع إن لم تكن تعمل في قناة "بي بي سي" البريطانية التي وقعت في براثين فضيحة في الآونة الأخيرة، بعدما أزالت إدارة القسم الروسي للقناة تقريراً لمراسلها عن تحطم الطائرة الماليزية في منطقة النزاع المسلح في شرق أوكرانيا. وفي هذا السياق قرر الصحافيون إجراء تحقيق خاص واتجهوا إلى مكان الحادث، تلك المنطقة التي يسيطر عليها المتمردون.
ومن خلال تواصل المراسلة أولغا إيفشينا مع السكان المحليين توضح الكثير من الأمور المثيرة للاهتمام. أولاً ليس هناك أي منظومات صاروخية من طراز "بوك" التي تحدثت وتتحدث عنها السلطات الأوكرانية وواشنطن بشكل مستمر، مع العلم أنه من الاستحالة بمكان عدم رية مثل هذه المنظومات في حال تواجدها. بالمناسبة فإن مثل هذه المنظومات موجودة في مناطق شرق أوكرانيا الواقعة تحت سيطرة سلطات كييف، مع الإشارة إلى أنها ظهرت قبل وقوع الكارثة ببضعة أيام.
ثانياً، شاهد الناس قبل الحادث بفترة وجيزة مقاتلات أوكرانية في السماء، وبعد ذلك وقع الانفجار. وفي نهاية التقرير استنتجت إيفشينا بأن جميع الفرضيات عن سقوط الطائرة الماليزية، بما في ذلك التي صدرت من قبل الغرب والتي تتهم فيها روسيا، لا يمكن إثباتها حتماً. ولكن الذي حدث هو أن رئاسة تحرير القناة لم تكن راضية عن هذه الاستنتاجات، وذلك لأن هذه الفرضية لا تندرج مع الرواية التي تتحدث عنها إدارة التحرير. ولهذا قاموا بإلغاء التقرير فوراً، من كل مكان من مواقع المدونات الصغيرة ومن اليوتيوب وغيرها من شبكات التواصل الاجتماعي. ومع ذلك تمكن بعض الأخصائيين من حفظ هذا الفيديو ونشره على شبكات التواصل الاجتماعي.
بشكل عام آجلاً أم عاجلاً سينكشف السر وتتضح الحقيقة، وكان على إدارة قناة "بي بي سي" أن تأخذ بهذه البديهيات. على كل حال ما يقلق القناة حالياً هو مصير خبرائها، فبحسب القواعد المعمولة بها في هيئة الإذاعة البريطانية يعاقب كل صحافي أو مراسل انحرف عن النهج الرئيسي لإدارة التحرير، مع أنه من غير المعروف حتى الآن كيف سوف تطبق هذه القواعد على العاملين في القسم الروسي. لكن من الواضح أنه لا ينبغي أن نأمل في تحقيق عدالة ما. وبالمناسبة فإن هذا الحادث الذي توج بإلغاء وإزالة تقرير صحفي بسبب الرقابة هو الأول من نوعه في تاريخ القناة البريطانية.