منذ سنتين تتردد "فاطمة" (47 سنة) على دروس محو الأمية بإحدى مراكز التربية غير الإلزامية في وسط العاصمة المغربية الرباط، تتأبط كراسها وتحمل أقلامها لتقصد مساء كل يوم قاعة الدرس التي تجاورها فيها نسوة من أعمار مختلفة، ممن أخلفن، لظروف عدة في سنوات الصبا، الموعد مع التحصيل والتعلم، لكنهن اليوم، وكما هو حال فاطمة، مصرات على تدارك ما فات. "بتشجيع من أبنائي انخرطت في برنامج محاربة الأمية، وبعد مرور سنتين بدأت أكتب وأكتسب قدرة أكبر على القراءة، صرت مدمنة على محاولة قراءة الجرائد وملاحقة شريط الأخبار على التلفاز" تقول فاطمة التي لا تتخلف عن المواظبة على حضور دروس محو الأمية، وتضيف أن الدراسة صارت، بالنسبة لها كربة بيت، نشاطا موازيا يساعدها في تدبير حياتها اليومية ويملأ أوقات فراغها. في إحدى المساجد بالقرب من وسط العاصمة المغربية الرباط، تتوافد النسوة على دروس محاربة الأمية التي يحتضنها المسجد وتشرف عليها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، حيث تركز البرامج على التوعية الدينية وتلقين دروس القراءة والكتابة، وفي بعض الأحيان تحضر النسوة حصصا في تحفيظ القرآن. "عقب الصلاة  في المسجد كنت أشاهد نسوة من الحي يأتين للمسجد ومعهن ألواحهن وكراساتهن، أحسست بحاجة لتعلم القراءة والكتابة على الأقل حتى أستطيع قراءة القرآن الكريم بشكل سليم" تقول  الحاجة أمينة (61 سنة )، التي تبدي رغبة بالاستمرار في الاستفادة من برنامج محو الأمية، ولا تكتفي بما تلقنه  لها المعلمة في المسجد بل تحصد مساعدة وتشجيع حفيداتها وتتمنى أن تتقن القراءة في أقرب وقت ممكن، بحسب روايتها. ووفق الإحصاءات الرسمية المغربية بلغ إجمالي المستفيدين من برامج محاربة الأمية في مدن وقرى المغرب ما يفوق 70 ألف مستفيد ومستفيدة خلال السنة الماضية، وهو حسب المهتمين بالشأن التربوي رقم قياسي لم يسجل بالبلاد خلال السنوات العشر الماضية. وتفيد الأرقام باستئثار النساء بالعدد الأكبر من مقاعد محاربة الأمية بنسبة تقدر بـ80%، بينما تشمل برامج محو الأمية والتربية غير النظامية (التعليم غير الإلزامي) المناطق القروية بنسبة تقدر بـ49%.