نظمت البحرين مؤخراً منتدى وطنياً تناول دور المؤسسة التربوية في مواجهة العنف في المدارس ودور المعلمين وأولياء الأمور في الحد من هذه الأعمال. وقد سعت وزارة التربية والتعليم من خلال المنتدى الذي عقد من 10 إلى 12 حزيران/يونيو الماضي إلى نشر الوعي حول المشكلة، وتحديد السبل التي تسمح لأولياء الأمور والمعلمين بتنشئة الأبناء على التعايش السلمي والتسامح. وقال استشاري الجودة والتربية النفسية والرئيس التنفيذي للمركز الألماني الاستشاري، الدكتور محمد طلعت عبدالعزيز، إن أغلب أحداث التخريب والعنف التي شهدتها المدارس في البحرين كان عاملها الأساسي العنصر الشبابي المنخرط أصلاً بالعملية التعليمية. وأوضح عبدالعزيز للشرفة أن "البرامج التوعوية تعالج الجزئية الأساسية" للعنف، داعياً إلى تعديل المناهج الدراسية بما يتلاءم مع شخصيات الطلاب ومستوياتهم الفكرية. وأضاف أن ذلك يجب أن يترافق مع ورش عمل طلابية تهدف إلى تخفيف الضغوط النفسية على الطلبة بالمرحلتين الإعدادية والثانوية، إلى جانب عقد اللقاءات والمناظرات التربوية والتعليمية والدينية الهادفة لتفكيك الفكر التخربيبي. زرع بذور التسامح يبدأ من الأسرة بدوره، عرّف الخبير بالمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، الدكتور عبدالعزيز الجبوري، العنف بأنه "قضية أخلاقية تتطلب لمواجهتها مشاركة جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية كالأسرة والمسجد والمدرسة". وأوضح أن وسائل الإعلام، ولاسيما وسائل التواصل الاجتماعي، عنصر هام في هذه المعادلة لما لها من تأثير على الأفراد. واقترح الجبوري فكرة تهيئة قوالب صحافية وتلفزيونية تكرّس قيم التعايش، والاستعاضة عن الأفلام والمسلسلات التي تحوي مشاهد عنيفة بمشاهد تدعم المصالحة وحسن المعاملة بين أفراد الأسرة. وقال "كما يمكن عرض رسوم متحركة تهدف إلى تعميق المفاهيم الإنسانية، وتنمية الخبرة الحياتية لدى الأطفال بسلوكيات التعاون والعمل والتعلم". من جهته، قال حسين جعفر مدرّس اللغة العربية بإحدى المدارس الحكومية، "إن الأحداث السياسية التي مرت بها البحرين في عام 2011 كانت وراء بروز ظاهرة العنف في المدارس". وتابع القول إن "الحد من مظاهر العنف سيتطلب وقتا طويلاً لإعادة النشء إلى رشده بعيداً عن التطرف السياسي والفكري والديني". ويرى جعفر أن "الأسرة هي أساس نجاح أو فشل أي مجتمع، وبالتالي لا بد من الاهتمام بأولياء الأمور أكثر". وطالب جعفر بإعادة النظر في المناهج الدراسية وتدعيمها بقصص ونظريات تعزز من قيم التسامح والتعايش السلمي بين كافة مكونات المجتمع الواحد. وأشار إلى أن وضع كاميرات مراقبة في المدارس وتوظيف المزيد من رجال الأمن لن يجدي ما لم يتم تغيير ما غرس بأدمغة النشء من أفكار متطرفة واستبدالها بقيم التسامح وحسن المعاملة مع الآخر.