توجهت العديد من مدارس أبوظبي هذا العام لتشكيل مجالس أولياء الأمور في ظل تأكيد مجلس أبوظبي للتعليم ضمن استراتيجيته التطويرية على ضرورة تفعيل دور ولي الأمر كشريك أساسي في العملية التعليمية، كما أن تشكيل هذه المجالس غاب خلال السنوات الماضية عن المدارس في فترة زادت فيها شكوى الإدارات المدرسية من غياب ولي الأمر عن العملية التعليمية وكثرة المشاكل السلوكية الطلابية، وفي مقابل ذلك رأى (80%) من أولياء الأمور الذين شاركوا في الاستبيان الذي أجراه تعليمي أبوظبي العام الدراسي الماضي (2011/2012) وعددهم فاق الـ 50 ألف ولي أمر، أن المدارس تتواصل معهم فقط في حال ارتكاب أبنائهم مخالفة ما. واستطلعت " البيان " آراء المدارس في عملية التواصل مع ولي الأمر وما اذا كان القصور من جانبهم أم أن ولي الأمر هو المسؤول عن ذلك، ورؤيتهم لدور مجالس الآباء، حيث اعتبرت العديد من المدارس انها تبذل جهودا كبيرة لدفع ولي الأمر للحضور للمدرسة والمشاركة سواء بدعوته خلال الاحتفالات والمناسبات أو من خلال اعداد جداول زيارات تحدد مواعيد يومية يمكن خلالها لولي الأمر زيارة المدرسة ومتابعة أبنائه، وان هذه المبادرات لا تلقى تفاعلاً كبيراً، وأن ولي الأمر لا يحضر إلا في حالة وجود مشكلة سلوكية أو بحثا عن تفسيرات لدرجات ابنه غير مرضية. في حين سجل بعض التربويين رأياً مختلفاً، حيث اعتبروا أن المدرسة مسؤولة عن هذا القصور بغياب مجالس الآباء والأمهات وعدم وجود عوامل جاذبة لولي الأمر للحضور للمدرسة وتهميش دوره. علاقة روتينية ورأى عمر عبد العزيز مساعد مدير مدرسة المتنبي الثانوية، أن ولي الأمر محق عندما يشكو من أن المدرسة تتواصل معه في حال وجود مشكلة لدى ابنه، فولي الأمر لا يجد ما يجذبه في المدارس عامة ويحمسه للحضور إليها، لذا يراجع المدرسة في حالة الاستفسار عن درجات ابنه أو حدوث مشكلة ما، في ظل عدم وجود الأنشطة الاجتماعية أو الفعاليات الجاذبة لولي الأمر ، فهو يعرف أن دوره مهمش، لأنه إذا شعر بدوره في المدرسة فبالتأكيد سيتفاعل من تلقاء نفسه، فالعلاقة مع ولي الأمر محصورة في الدرجات والاجتماعات الدورية الروتينية لولي الأمر. وأضاف أن فكرة تشكيل مجلس الآباء هامة جداً وأنهم يطرحونها هذا العام أملًا في العودة لتفعيلها بعد أكثر من عدة سنوات من غيابها عن المدارس، معتبراً أن مجلس الآباء الذي يتم اختياره بدقة ومن عناصر فاعلة سيكون له تأثير كبير على المدرسة خاصة في نقل الرسالة التعليمية للأسرة وحل المشكلات السلوكية والتقليل من مشكل الغياب والتأخير وعلاج ضعف التواصل بين المنزل والمدرسة، منوهاً بأنه من الضروري أيضاً لمجلس أبوظبي للتعليم عقد اجتماعات مع أولياء الأمور لتعريفهم اكثر بسياساته واستراتيجية التطوير لديه وذلك على غرار لقاءاته السنوية مع العاملين في الميدان، بما يدعم وضوح الرؤى وكسب دعم كافة أطراف العلمية التعليمية للتطوير. حضور متدن وذكر محمد سعد الأخصائي الاجتماعي بإحدى المدارس الثانوية، أنهم يحرصون بشكل كبير على التواصل مع ولي الأمر ووضع آلية واضحة من بداية العام لذلك من خلال وضع جدول زيارات لولي الأمر ، وتوجيه الدعوات في الاحتفالات ومناسبات تكريم الطلبة، ولكن نسبة الحضور تبقى متدنية، بينما ولي الأمر يسارع في الحضور في حال وجود مشكلة سلوكية مع ابنه، مشيراً إلى أنه ارسل عنوانه البريدي وطرق تواصل مختلفة لأولياء أمور نحو (500) طالب لديهم هذا العام ، ولم يجد تفاعلًا إلا من (10) منهم، رغم أن قنوات التواصل عديدة ويمكن لولي الأمر اختيار الأنسب له من بينها. وأشار إلى أن لديهم اهتماماً هذا العام بفكرة تشكيل مجلس آباء للمدرسة لأن هذه المجالس غابت لفترات طويلة عن الميدان رغم تأثيراتها الإيجابية في تفعيل العلاقة مع ولي الأمر، خاصة على صعيد حل المشاكل السلوكية وتفعيل الأنشطة المدرسية. تفعيل المجالس من جانبه ذكر عبد الباسط صلاح الدين الأخصائي الاجتماعي بثانوية درويش بن كرم أن ولي الأمر يجب ألا ينتظر دعوة المدرسة له لمتابعة ابنه، ومع ذلك فإن فكرة أن المدرسة تتصل في حال الاشكاليات فهذا أمر أساسي وطبيعي ولكن هذا لا يعني أن المدرسة لا تتواصل معهم إلا في حالة المشكلات بل الواقع أنهم ينظمون لقاءين مع أولياء الأمور في كل فصل دراسي لإتاحة الفرصة لهم لرؤية المعلمين ومعرفة مستويات ابنائهم بالإضافة إلى أنهم يوجهون لهم الدعوات في المناسبات المختلفة، كما انه قام بإعداد جدول زيارات وإرساله لأولياء الأمور يحدد يوم في الأسبوع لكل مرحلة دراسية يمكن لولي الأمر الحضور فيه ومتابعة ابنه، ومع ذلك الحضور لا يتعدى اصابع اليد. ويرى أن ولي الأمر أساسا لا يهتم بالحضور إلا في حال وجود مشكلة، حتى أنه يتلقى اتصالات من اولياء أمور يطلبون منه معرفة ما اذا كان أبناؤهم قد حضروا للمدرسة أم لا وأن يخبرهم أيضاً بوضعهم الدراسي هاتفياً، وكأن الأخصائي مطالب بالذهاب لكل مدرس وسؤاله عن الطالب وتقديم تقرير لولي الأمر. وأشار صلاح الدين الى أنهم يتوجهون هذا العام لإعادة تشكيل مجالس الآباء التي متوقع لها أن تقوم بدور كبير اذا فعلت بشكل صحيح ، خاصة على مستوى الجانب التربوي للطلبة ، فولي الأمر قد يتقبل النصح من ولي أمر مثله أكثر من إدارة المدرسة، لأن غياب هذه المجالس يجعل التواصل مع المدرسة روتينياً. مجالس شكلية أما مهرة الفلاحي رئيسة مجلس أمهات إحدى المدارس التأسيسية بأبوظبي، ذكرت ان مجلسهن من المجالس النشطة والقديمة والتي استمرت طوال عدة سنوات لإيمانهن بدورهن، مشيرة الى أنه على مستوى ولي الأمر كان التفاعل في السابق أفضل ولكن اليوم التفاعل أصبح اقل، ولا تعرف سبباً واضحاً لذلك العزوف، وترى أن المدارس ربما يقع عليها جانب من المسؤولية لعدم وجود ما تقدمه لجذب ولي الأمر اليها، خاصة إنهن كمجالس امهات كن يقمن بالكثير من الفعاليات التي تشارك فيها أمهات الطالبات بالإضافة لدورهن في حل المشاكل السلوكية والتوعية حولها ومعاونة الادارة المدرسية في جوانب عدة . ولكن مؤخرا أصبح وجود هذه المجالس مجرد تمثيل شكلي لا أكثر، وذلك لأسباب عدة منها عدم وجود دعم من ادارات المدارس لهن ولدورهن، وعدم وجود ميزانية لدعم عملهن خاصة إنهن يقمن بأداء دور تطوعي وكثيراً ما تكون أنشطتهن بمبادرات خاصة منهن كأمهات متطوعات ومن حسابهن الخاص، فقد كن في السنوات السابقة (17) عضوة في المجلس واليوم هناك (6) عضوات فقط، وهذا دليل تراجع كبير في إقبال ولي الأمر بسبب عدم قناعة الإدارة المدرسة ودعمها. واشارت الى أنهن قدمن العديد من المقترحات لتنفيذ أنشطة ومشاريع ولكنها لم تلقَ تفاعلًا أو تشجيعاً من الادارة المدرسية، ما مثل عامل احباط كبير لهن، لهذا فهي ترى أن مجلس الأمهات يواجه عقبات كثيرة من الميزانية وعدم قناعة المدرسة، حتى انها لم تسمح لهن بعمل معارض وأيام مفتوحة يمكن لريعها أن يدعم مجلسهن، لذا فإن تشكيل المجالس يجب أن يكون فعالًا وليس أمراً شكلياً، من خلال خطة عمل تدعم المدرسة وأهدافها، وميزانية تساهم في تحقيق هذه الخطة.