نظم قسم العلوم الإنسانية بكلية الآداب والعلوم بجامعة قطر، اليوم الأربعاء، المؤتمر العالمي عن علم التاريخ والدراسات البينية: منهج قديم في سياق جديد، وذلك بمشاركة عدد كبير من الباحثين والمهتمين بالدراسات التاريخية من داخل وخارج دولة قطر. ويعتبر هذ المؤتمر الأول من نوعه في منطقة الخليج العربي، حيث يفسح المجال لنخبة من الباحثين والمؤرخين ليعرضوا أعمالهم البحثية، ويتبادلوا خبراتهم الابستمولوجية عن المناهج التكاملية في دراسات العلوم الاجتماعية والانسانية، ويقدموا أوراقاً علمية تدور حول محاور المؤتمر الأساسية وهي: تغير مفاهيم علم التاريخ في فترة الحداثة ومابعدها، ومكانة التاريخ في الأوساط الأكاديمية الحديثة والمعاصرة: التحديات والآفاق، والعلاقة بين علم التاريخ والعلوم الاجتماعية والانسانية والتطبيقية، وتحقيب تاريخ العالم، الإشكاليات والأطروحات، التأريخ العربي المعاصر: الاستمرارية والتغيير، والمناهج والتخصصات المتداخلة والمتعددة في تعليم التاريخ . وفي كلمتها في افتتاح المؤتمر أكدت الدكتورة إيمان مصطفوي عميد كلية الآداب والعلوم إن هذ المؤتمر يحقق تفرده من خلال سعيه لتجسير المسافة المتوهمة بين علم التاريخ وبقية العلوم بمافيها العلوم التطبيية وإعادة الاعتبار لمفهوم الدراسات البينيةالمستند إلى وعي عميق بحدود الاندماج والتداخل والتقاطع بين الحقول المعرفية المتعددة وقيمها الوظيفية المتماثلة في عموميتها . وقالت الدكتورة مصطفوي إن العالم يشهد مرحلة إعادة نظر جذرية في قضية التاريخ، بل إعادة اعتبار له من زاوية استراتيجيات المستقبل، فالبعض يرى أن سياسة العولمة قد نجحت في فرض تياراتها على السياق الكوني ومفرداته ومنها المنظومة الثقافية مما اسهم في تعديل الكثير من أنماط القيم ومنظومات الاخلاق وهنا بدأ الانسان يعيد قراءة ذاته وتاريخه على أسس جديدة وطرائق مختلفة، وهو ماتحققه الابحاث المشاركةفي هذ المؤتمر. وأشارت إلى أن الغاية التي يسعى إليها المؤتمر هي وضع اللبنات الأولى لمنهج تكاملي في دراسة التاريخ وتدريسه، وذلك إدراكامنا لأهمية المقاربات التاريخية النقدية الجادة التي ترصد تطور المجتمعات البشرية وتستثمر بالقراءة والتمحيص مايقدمه التاريخ من أحداث وعبر سبيلا للولوج إلى الحاضر وفهمه والانطلاق منه للمستقبل. وفي ختام كلمتها جددت الدكتور إيمان مصطفوي حرص جامعة قطر على الدفع بجهود البحث العلمي بمافي ذلك احتضان مثل هذه التظاهرات العلمية والمؤتمرات المتخصصة وتوفير كل الشروط والمقومات الكفيلة بنجاحها لخلق مناخ يشجع على الخلق والابتكار وإنتاج المعرفة سبيلا لتحقيق الاهداف الاستراتيجية وتجسيدا لرؤية دولة قطر 2030 الساعية لوضع قطر على خريطة المصدرين المتميزين للمعرفة. وأكد الدكتور محجوب الزويري رئيس قسم العلوم الإنسانية بكلية الآداب والعلوم ورئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر أن محورية الانسان للتاريخ دليل عظيم على منزلة هذا العلم كيف لا ومحوره خليفة الله في الارض والمودع له إعمار الارض. وأضاف الدكتور الزويري إنه من المتعذر لاي هوية ثقافية ان تُعرّف دون ان تستند الى التاريخ ، وهو ما يؤكد ان ثمة اجماعا انسانيا على ان تجاوز التاريخ امر شبه مستحيل. وقد ضاعف من تلك الاستحالة انه آبى الا ان يكون منفتحا على العلوم الاخرى. واعتبر أن "علم التاريخ مرتبط بالكتابة فذهب البعض للقول أن لا تاريخ قبل الكتابة، فرضية ساعدت بشكل غير مباشر على تطور ما نسميه اليوم وما جعلنا مؤتمرنا حوله الدراسات البينية. وتابع "الزويري": وقيل ان التاريخ يستند الى علوم مساعدة، وأن تلك العلوم المساعدة ما هي إلا ادوات في البحث التاريخي لانها انما تساعد في فهم حركة الانسان في مكان ما و في زمن ما. لقد فتح النقاش حول علاقة التاريخ بالكتابة بشكل غير مباشر اول باب نحو علاقات التاريخ بالعلوم الاخرى وعلاقات العلوم الاخرى بالتاريخ، نقاش سيشكل جزءا من محاور مؤتمرنا هذا". وتضمنت الجلسة الأولى للمؤتمر التي تراسها الدكتور أحمد إبراهيم أبوشوك موضوعات العلاقة بين التاريخ والتخصصات الاخرى، وموضوع التحقيب الإسلامي والغربي لتاريخ العالم نظرة نقدية، وأرشيف العالم التاريخي: آلية لربط تخصصاتالعلوم الانسانية والاجتماعية. وقد تحدث في هذه الموضوعات أساتذة مختصون من جامعات ماليزيا والولايات المتحدة الأمريكية، وتتواصل جلسات المؤتمر على مدار يومين ويصاحبه معرض للكتاب التاريخي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات لأهم منشوراته في حقول المعرفة المختلفة، وهو المعرض الذي لاقى إقبالاً كبيراً بسبب جودة المعروض وتنوعه.