الدوحة ـ وكالات
شهدت الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس ادارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع عصر الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الرابع حول "الخطابة والمناظرة والحوار: نحو تأصيل منهجية التمكين في مؤسساتنا التعليمية" الذي يستضيفه مركز مناظرات قطر عضو مؤسسة قطر..وذلك في مركز قطر الوطني للمؤتمرات. وأكدت صاحبة السمو في كلمة ألقتها في افتتاح الجلسة على أن التعليم يمكّن التلاميذ من تعلّم أن منطق الحجة في مواجهة الحجة هو البديل الحضاري لفوضى الرصاص في مواجهة الرصاص. قالت سموها انه مثلما في جميع القضايا الاخرى فإن التربية والتنشئة لا تتحقق خارج التعليم فهناك يُبنى الانسان وهناك يبدأ التعبير عن الرأي بالاحتكام الى المنطق وهناك ينمو الفعل النقدي لينتج تفكيرا نقديا ابتكاريا وليس عقلا خاملا. وشددت صاحبة السمو على ان مفردات المناظرة والحوار والجدل والمنطق هي عناوين لقيم السلام في مواجهة قيم العدوان والقمع والاقصاء والمصادرة. واشارت سموها إلى انه "اداركا لهذه المقتضيات استندنا في رؤيتنا للتعليم وتطويره في قطر في السنوات العشر الماضية على وضع مناهج تعليمية وطرائق تدريس تقوم على النقاش وتعميق ثقافة الحوار وتنمية القدرات الحوارية للطلبة وتنشيط التفكير النقدي لديهم وتعزيز روح الابتكار في مجال صناعة الافكار بغية تأهيلهم لادوار قيادية في الحاضر والمستقبل". وحذرت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر من أن التهاون في اعداد الشباب لقيادة المستقبل يعرض المستقبل نفسه إلى خطر. وعبّرت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر عن سرورها بأن ينعقد المؤتمر الدولي الرابع للخطابة والمناظرة والحوار في الدوحة ولأول مرة في الوطن العربي وأن تكون اللغة العربية فيه لغة للمناظرة إلى جانب الإنكليزية. وأوضحت سموها أن البراعة في استخدامِ اللغة وتوظيف الفكر في فنون الخطابة والمناظرة والحوار هي أساليب تعبيرية استخدمها الإنسان منذ القدم وما فتئت حية متجددة وصار لها في العصرِ الحديث تأثيرا أبلغ في فضاءات الإعلامِ والسياسة والثقافة وإدارة الأزمات. واشارت سموها إلى ان العالم تأخر كثيرا بعد قرون من الصراع والتنافرِ بين أقطابه وأممه قبل أن نشهد في السنواتِ الأخيرة عناوين كثيرة لحوارات كونية نريدها أن تتحول إلى وعيٍ عامٍ لدى الشباب ليكون البناء من أسفل إلى أعلى وليس العكس أي من البنية التحتية للوعي التي تبدأ دائما من التعليم، لاسيما ونحن نشهد التأثيرات الهائلةَ للتقدمِ التكنولوجي على طبيعة المناظرة وشكلها ومساحتها ليصبح الحوار حيا ومتواصلا بين مختلف سكان الأرض على شبكة الانترنت، وليمسي تحجيم حرية التعبير ضربا من العبث. وأكدت صاحبة السمو اننا نعايش في الوقت الحاضر تحولا كبيرا في دور الشباب بعد أن كانوا غالبا مجرد متلقين تؤثر فيهم المؤسسات التقليدية بشكل مباشر وترسم لهم الحدود وتمثلهم. وقالت ان هذه الحال تغيرت بفضل ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إذ انتزعَ الشباب دورا جديدا ومؤثرا خارج سلطة المؤسسات التقليدية عندما استثمروا الامكانيات الالكترونية للنشرِ والتواصل في إنشاء حوارٍ جماعي عابرٍ للحدود لينتقلوا من مرحلة التلقي إلى مرحلة التأثير. واضافت سموها ان الثورات الشعبية في منطقتنا أبانت لنا كيف ان الشباب العربي عندما ضاق ذرعا بواقعِ الاستبداد لجأ إلى الواقعِ البديل على مواقعِ التواصل الاجتماعي ليقيم حواره ومناظراته وجدله هناك حيث نجح في النهاية بالتأثيرِ في واقعه نحو التغيير ليعود الحوار إلى مكانه الطبيعي في عواصمِ الثورات وليس على المواقعِ الالكترونية. وقالت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس ادارة مؤسسة قطر انه من البداهة تكرار القول الملهم ان الشباب هم رجال المستقبل وقادته، ولكن العالم لم يقدم الكثير من اجل تفعيل هذا القول حيث توجب الحقائق الإحصائية والموضوعية تعاملا جديا متعدد الآفاق يأخذ بالاعتبار التناسب بين دورِ الشباب ونسبتهم في المجتمع بما يجعل حجم المشاركة متكافئا مع كونهم العنصر الأهمّ في الطاقة التنموية للتغييرِ. واضافت ان هذا الأمر يكرّس المسؤوليةَ العالمية حيال قضايا الشباب وإعدادهم للمشاركة في صنعِ القرارِ والتنمية وخيارات المستقبل. وأكدت ان القدرة على الحوارِ والمناظرة والخطابة تتصدر شروط الإعداد لقيادة هذه الأدوار بما يؤهل الشباب للتعبيرِ عن جيل ومرحلة وعصرٍ ورؤية مستقبلية لأن تحديات المستقبل وشروطه لا تقبل بأقل من شباب واثق قوي الشخصية يتحلى بسجية قبول الآخر، يؤمن بالحوارِ ومنطقه ويتخذ من التفكيرِ النقدي أداة، ومن ثقافة السلامِ والتسامحِ نزعة. وشددت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر على انه في حال أردنا أن نبني عالما آمنا وأجيالا تـنزع إلى السلام فلا مناص من تربية هذه الأجيال على ثقافة الحوارِ بدلا من ثقافة العنف، وتنشئة الطلبة على التعبيرِ عن الرأي والقبول بالآخرِ ورأيِه الى جانب دعمِ الميل نحو نقد الواقعِ والمعرفة والإيمان بأن الجدل هو سر التطور كما أثبت ذلك تاريخ الفكر في العالم. يشار الى ان المؤتمر الدولي الرابع للخطابة والمناظرة والحوار يهدف الى توفير منبر لكل المهتمين بموضوع المناظرات والحوار ومختلف القضايا والمسائل المتعلقة بتطبيقاتها في المؤسسات التعليمية ويشكل فرصة فريدة لعرض التجارب العلمية والعملية في مجالات الخطابة والمناظرة والحوار من الوطن العربي ومن مختلف أنحاء العالم . ويشارك في المؤتمر حوالي 150 من الأكاديميين والتربويين والمهتمين يقدمون على مدى ثلاثة أيام 120 ورقة بحثية تتعلق بمحاور المؤتمر.