القاهرة ـ وكالات
يحتفل العالم باليوم الدولي للغة الأم 2013 تحت شعار "الكتب من أجل التعليم باللغة الأم"، ويهدف الاحتفال هذا العام على تذكير الجهات الرئيسية المعنية بالتعليم بأن دعم التعليم باللغة الأم يستلزم دعم إنتاج الكتب باللغات المحلية. كانت اليونسكو قد أعلنت اليوم الدولي للغة الأم في عام 1999، واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2000 للاحتفال به في 21 فبراير من كل عام، حيث يهدف إلى تعزيز التنوع اللغوي والتعليم المتعدد اللغات، وتسليط الضوء على ضرورة زيادة الوعي بأهمية التعليم القائم على اللغة الأم. ويجسد التنوع اللغوي والثقافي القيم العالمية التي تسهم في تدعيم أسس الوئام والتلاحم في المجتمعات، حيث أشارت المديرة العامة لليونسكو "إيرينا بوكوفا" في رسالتها بهذه المناسبة إلى أن اليوم الدولي لغة الأم يمثل فرصة مميزه لابراز أهمية اللغات بالنسبة إلى هوية الجماعات والأفراد، وإلى الأسس التي تقوم عليها كل حياة اجتماعية واقتصادية وثقافية. كما أن تعدد اللغات يمثل مصدر قوة وخير للبشرية. وهو يجسد تنوعنا الثقافي ويشجع تمازج وجهات النظر، وتجدد الأفكار وتوسيع آفق خيالنا. ولا يمكن إقامة حوار حقيقي إلا باحترام اللغات ، ولهذا السبب تعمل اليونسكو علي تشجيع استخدام اللغات بوصفها محركا للتفاهم فيما بين البشر. ونحن نشجع التعليم باللغة الأم ، فهو يتيح تحسين مكافحة الأمية ويسهم في ضمان جودة التعليم ، كما أن حماية اللغات تضمن صون المعارف النادرة أو معارف السكان الأصليين ونقلها عبر الأجيال ولعلها وسيلة لتمكين كل فرد من إسماع صوته وفرض احترامه، كما أنها قوة دافعة نحو تحقيق الاندماج الاجتماعي. وأشارت بوكوفا إلى أن اليونسكو اختارت في هذا العام استكشاف روابط الوحدة بين اللغة والكتاب، فالكتب قوة دافعة نحو تحقيق السلام والتنمية ينبغي أن توضع بين يد جميع البشر . كما أنها أدوات أساسية للتعبير تسهم في إثراء اللغات، مع الحفاظ علي آثار تطور اللغات علي مر الزمن. وفي عصر التكنولوجيات الجديدة تبقى الكتب أدوات قيمة وسهلة الاستخدام ومتينة وعملية لتبادل المعارف والتفاهم والانفتاح علي العالم . وأنها دعائم مجتمعات المعرفة وهي في طليعة تعزيز حرية التعبير وتوفير التعليم للجميع . وتعتمد حيوية اللغات على الكلام المتبادل بين الناطقين بها بقدر ما تعتمد على إنتاج أعداد وفيرة من المواد التعليمية والنصوص المطبوعة. وإن نقص المطبوعات والكتب المدرسية المكتوبة باللغات المحلية في بعض البلدان يمثل عائقا يعرقل مسيرة التنمية والاندماج الاجتماعي ، وإنما هو أيضا حرمان أساسي من الحق في حرية التعبير. وتتيح الأدوات الرقمية في بعض الأحيان سد هذه الفجوة، ولكنها لا تكفي ويجب علينا أن نبذل كل جهد ممكن لضمان توزيع أكثر إنصافا للمواد والكتب بحيث يتمكن الجميع ولا سيما الأطفال من قراءتها باللغة التي يختارونها، بما فى ذلك لغته الأم. ويمثل توفير هذه الموارد وسيلة للمضي قدماً بمزيد من السرعة نحو تحقيق أهداف التعليم للجميع بحلول عام 2015. وتمثل الترجمة عنصرا مهما مسخرا لخدمة هذا المشروع العظيم، إذ إنها تفتح معابر تتيح الوصول إلي جماهير جديدة . وأكدت بوكوفا إلى أن هذا الاحتفال الرابع عشر باليوم الدولي للغة الأم ، وتدعو جميع شركاء اليونسكو والمؤلفين والمعلمين في جميع أنحاء العالم ، في الجامعات والمدارس المنسبة إلي العمل معا من أجل الأعتراف بأهمية التنوع اللغوي والثقافي وأهمية التعليم باللغة الأم . وتشير عبارة "التعليم القائم على اللغة الأم" بوجه عام إلى استخدام اللغات الأم في البيئة المنزلية وفي المدارس. ويستحسن أن ترتكز عملية اكتساب الكفاءات اللغوية وتعلم القراءة والكتابة باللغة الأم على موارد مكتوبة تشمل على سبيل المثال لا الحصر المطبوعات والكتب التمهيدية والكتب المدرسية لأن ذلك يدعم التعبير الشفهي. وتسهم المواد المكتوبة باللغات الأم في تعزيز قدرة الدارسين على اكتساب مهارات القراءة والكتابة وفي بناء أسس متينة للتعلم. ويوجد في العالم اليوم الكثير من اللغات غير المدونة، علما بأنه أحرز بعض التقدم في تطوير قواعد الإملاء. تجدر الإشارة إلى أن العديد من اللغويين وأخصائيي التربية والمعلمين المحليين والدوليين يتعاونون مع شعوب أصلية في أمريكا اللاتينية أو مع قبائل في آسيا مثلا من أجل تطوير قواعد الإملاء. ويعتبر إستخدام الحواسب لإنتاج الكتب والتكاليف المنخفضة نسبيا للطباعة الرقمية من الأمور الواعدة فيما يخص إنتاج مواد مكتوبة بتكلفة أقل يمكن لعدد أكبر من الأشخاص أن يشتروها وينتفعوا بها. ويعتقد العلماء أن مواقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، ويوتيوب، ورسائل الهواتف المحمولة القصيرة، ستكون المنقذ لكثير من لغات العالم المهددة بالاندثار. فمن بين 7000 لغة يتكلمها سكان الأرض الآن، يتوقع اندثار نصفها بنهاية القرن الحالي. ويوجه اللوم في هذا عادة إلى ظاهرة العولمة، غير أن بعض مظاهر العالم الحديث، خاصة التكنولوجيا الرقمية، تدحض هذا الاتهام. فقبائل أمريكا الشمالية مثلا، تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لجذب الشباب إلى لغتها الأم. ولغة "توفان" المهددة بالاندثار التي يتكلمها البدو في سيبريا ومنغوليا، ابتكر أبناؤها تطبيقا لجهاز الأيفون لتعليم نطق الكلمات للطلاب الجدد. كما قامت غوغل بالتعاون مع مجموعة من الجامعات والمؤسسات اللغوية بهدف توثيق حوالي 3500 لغة معرضة لخطر الاختفاء خلال المائة عام القادمة.وتشرف جوجل على المشروع المسمى "مشروع اللغات المهددة" وتقدم له تقنياتها بما في ذلك خرائط جوجل ويوتيوب ومجموعات جوجل لتمكين الناس من التعاون في تسجيل وإيصال عينات من تلك اللغات المهددة.ويمكن العثور في الموقع على قائمة باللغات المهددة، منها على سبيل المثال لغة "البويتفان" التي يتحدث بها مجموعة من كبار السن في وسط فرنسا، أو لغة "كورو" وهي لغة يتحدث بها حوالي 1000 شخص في الهند.