الدكتور إبراهيم العبيدي

استضاف معرض الشارقة الدولي للكتاب الباحث في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، الدكتور إبراهيم العبيدي؛ للحديث عن "التعامل مع المتطلبات المالية للزوجة" على قاعة الفكر، ضمن جهود المعرض الخاصة بإثراء المعرفة المجتمعية حول الحقوق الأسرية من الناحية الشرعية والقانونية.

وشهدت المحاضرة الكثير من المداخلات والنقاشات حول الأسلوب الأمثل في تخصيص راتب شهري للزوجات بعيدًا عن المفهوم الشائع في اعتبار ذلك جزءًا من نفقات البيت العامة التي يتحمّلها ربّ الأسرة.

واستهل العبيدي حديثه بالإشارة إلى أهمية المال باعتباره عصب الحياة، وازدياد الحاجة إليه في ضوء تشعب مجالاتها واتساعها، وحاجة كل فرد في المجتمع له، وبيّن أنَّ الزوجة باعتبارها جزءًا أساسيًا ومهمًا من المجتمع لها متطلبات وحاجات، مؤكدًا ضرورة الفصل بين حاجات الزوجة المالية وبين ميزانية الأسرة، حيث أدى الخلط بين الجانبين إلى الكثير من المشكلات التي أثرت سلبًا في واقع الأسرة ومستقبلها خاصة، وواقع المجتمع بشكل عام.

وقسّم العبيدي محاضرته ضمن أربع وقفات؛ الأولى: استعراض الحقوق المالية للزوجة من خلال الآيات القرآنية، والثانية: حاجة المرأة إلى المال، والثالثة: الإشارة إلى تفاقم المشكلات الأسرية بسبب الخلافات المالية العائلية وأهمية دور الزوجة بالتغلب عليها، والرابعة: الآثار الإيجابية التي تعود على الزوجات نتيجة الإنفاق عليهن، وذلك من الناحية الشرعية والاقتصادية والنفسية والاجتماعية.

 وأوضح العبيدي أنَّ الشائع في كثير من المجتمعات العربية تولي الزوجة مسؤولية إدارة البيت بما فيها مهمة التسوق، والأزواج يتناسون تخصيص مصرف شخصي خاص بالزوجة، بحيث يكون غير مصروف الأسرة الذي تتسلّمه من الزوج عادة مع بداية أول كل شهر، كي تتمكن من تخصيصه لمتطلباتها وحاجاتها الشخصية حتى لو كان الزوج متكفلاً بمتطلباتها كافة، حيث يعود ذلك بالأثر الطيّب عليها ويشعرها بمكانتها، زيادة على  إشباع بعض متطلباتها الشخصية مهما كانت سيطة.

 وأكد العبيدي أنَّ الغرض من تسمية هذا المبلغ للزوجة هو من أجل أنَّ تتمكن من التصرف فيه بما يشبع حاجتها دون غيرها من بقية أفراد الأسرة، إما باقتناء بعض الحاجات الشخصية أو بشراء بعض المستلزمات النسائية الخاصة، أو تقديم هدية أو رد واجب أو مواساة صديقة، أو ادخار سواء أكان عن طريق فتح حساب مصرفي، أو على مستوى ادخار شخصي، أو الدخول في جمعية مع بعض القريبات والزميلات مثلاً، أو التصدق فيه على المحتاجين، والأمثلة في هذا المجال كثيرة ومعروفة.

 واختتم العبيدي حديثه بالإشارة إلى الآثار النفسية لعملية الإنفاق على الزوجات، موضحًا أنَّ المرأة بشكل عام مخلوق حساس، وتزداد حساسية الزوجة في بعض الأحيان حينما تحتاج إلى سلعة أو خدمة ما، ويمنعها حياؤها أنَّ تطلبها من زوجها، لأي سبب من الأسباب، لاسيما قلقها من أنَّ يؤدِ ذلك إلى زيادة أعباء الالتزامات المالية التي تترتب على الزوج مع بقية الأثقال التي يتحملها نيابة عن الأسرة، وهذا يستدعي التفكير بأهمية احتساب شئ لها مهما كان يسيرًا دون أنَّ تضطر إلى سؤال الزوج حول حاجة معينة لها.

 وحول الآثار الاجتماعية لعملية الإنفاق على الزوجات، أكد العبيدي أنَّ الزوجة كائن اجتماعي ولديها أخوات وقريبات وزميلات، وعليها مسؤوليات مجتمعية، تتطلب منها المشاركة في بعض المناسبات أحيانًا، وتقدّم الهدايا أو الخروج في رحلة أو المشاركة في جلسة وغيرها من التقاليد التي تختلف بحسب البيئات والظروف، وهذا كله يستلزم وجود دخل مالي خاص بها، ومراعاة توفيره لها بحسب الإمكانية المتاحة يعود على الجميع بدوام الود، ويعكس ماتتميز به سماحة الإسلام من رعاية واهتمام وحرص على التوازن في حياة الأسرة، وكذلك على حياة المجتمع، وذلك باعتبار أنَّ الأسرة تشكل أهم نواة المجتمعات.