أحمد الطيب شيخ الأزهر

في الوقت الذي يبيح فيه الدين الإسلامي ولا يجرم فيه القانون المصري، أن تسأل المرأة الرجل الزواج بها، فالبعض يجهل أن ذلك جائز شرعا، وأن القانون لا يمنعه وما إن أكد الامام أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن الفتاة يجوز لها شرعا أن تخطب لنفسها حتى أصبح كلامه حوارا للتهكم من الجاهلين، أو انتقادا ورفضا من المتمسكين بالأعراف.

وعلى الرغم من أن شيخ الأزهر استند في حواره الذي أكد فيه أنه يجوز شرعًا للفتاة أن تخطب لنفسها، كما أنه يجوز للأب أن يخطب لابنته حين يشعر أن هناك شابًّا مناسبًا لها وسيحافظ عليها، على خلاف ما جرت به العادة، إلى حدث بالفعل في عهد النبي -صلي الله عليه وسلم- فقَالَ أَنَسٌ: "جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَكَ بِي حَاجَةٌ؟ فَقَالَتْ بِنْتُ أَنَسٍ: مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا، وَا سَوْءَتَاهْ وَا سَوْءَتَاهْ، قَالَ: "هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ، رَغِبَتْ فِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا".

وأوضح الطيب، أن ابنة أنسٍ كانت متأثرة بالعادات والتقاليد لكنه أراد أن يصحح لها هذه العادات والتقاليد بالشريعة الإسلامية، وقد استنبط الفقهاء من هذا الحديث جواز أن تعرض المرأة نفسها على الرجل الصالح. وأكدت الزهراء عبدالمنعم الجعفري، من أبناء الطرق الصوفية، صحة قول شيخ الأزهر، موضحه أنه لا يوجد أي شيء يعوق طلب المرأة الزواج من الرجل إلا الحياء.

وتابعت قائلة" المرأة تستحي وتتحرج أن تطلب مثل هذا الطلب في المجتمع العربي، لكن في الغرب شيء عادي، ولو عدنا لسيدنا "النبي"، سنجد أن سيدتنا خديجة هي التي طلبت من النبي الزواج بها. وأكد حمدي الشيباني، المنسق العام لإئتلاف الطرق الصوفية في الأسكندرية، أن الشيخ الطيب استند في حواره إلى ابنة سيدنا يعقوب، عندما قالت عن سيدنا موسى، "إن خير من استأجرت القوي الأمين"، كذلك قول النبي يعقوب، إني أريد أن أنكحك احدى ابنتي".

وتابع الشيباني، نعم الشرع أجاز أن يخطب الرجل لابنته والمرأة لنفسها. وقال الدكتور بكر زكي عميد كلية أصول الدين السابق، إن عرض الفتاة نفسها على الرجل المناسب جائز شرعا، موضحا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عرض ابنته حفصة على أبوبكر الصديق وعثمان بن عفان فرفضا، لأنهما توقعا أن الرسول صلى الله عليه وسلم سيطلب يدها. وتابع الدكتور عبدالحليم منصور أستاذ الفقه المقارن، الأمر من الناحية الشرعية لا شيء فيه وجائز شرعا، وهناك وقائع كثيرة في التاريخ الإسلامي أكدت ذلك.

ومضى يقول، العرف السائد يرى أن عرض الفتاة نفسها على رجل للزواج، يقلل من قيمتها وأهلها على السواء، ولا يصح في المجتمعات الشرقية، وإذا فعلت الفتاة ذلك، وعرضت نفسها على شاب تراه مناسبا لها، فلا شيء في ذلك، بشرط أن يكون عن طريق التلميح، حتى لا توقع نفسها في الحرج. والطيب، أشار إلى أن هناك مواصفات في الرجل الذي يجعل المرأة تعرض نفسها عليه، وهو أن يكون الرجل صالحًا ذا خلقٍ يعرف لها حقوقها ويصونها ويحميها وتسعد معه، ومن هنا يجوز لهذه المرأة أن تكسر قاعدة العادات والتقاليد، لكن لا يجوز أن تعرض نفسها عليه لكونه كثير المال أو خفيف الظل أو وسيمًا.

وبيّن شيخ الأزهر الشريف، أن الحضارة الغربية تزن هذه الأمور بميزان المنفعة المادية، وقد بدأ البعض يتأثر بهذه الحضارة ويزن الأمور بميزان المنفعة والمصلحة، منوِّهًا إلى أن مشكلة الزواج لها حل وهو أن نهيَّأ للشباب شقق صغيرة تتكون من حجرة وصالة ومطبخ وحمام، ويجب ألا تستثمر الأموال في ذلك، وألا يُغالَى في المهر، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- زوج رجلًا امرأة بخاتم من حديد، مشيرًا إلى أن الزواج في هذه الأيام صعب جدًّا، ولذلك يجب على الأثرياء أن يراعوا شعور الفقراء، وأن يساعدوا في تيسير الزواج.