يبدو أن العلاقات الاقتصادية في زمن اقتصادي «قلق» لا تنتج أكثر من علاقات اجتماعية قلقة غير مبنية على الثقة أيضا. هذا ما تكشفه دراسة ألمانية أجراها معهد استطلاع الآراء «بات» من هامبورغ. شمل الاستطلاع 2000 ألمانية وألماني، من مختلف المهن والمشارب والمدن، ومن أعمار تتراوح بين 17 - 77 سنة. وظهر من الاستطلاع أن 75 في المائة منهم يثقون بعوائلهم قبل غيرها، وأن 61 في المائة يثقون بأصدقائهم، في حين أن ثقتهم بالزوج (أو الزوجة) لا تتعدى 55 في المائة. وهذا لا يعني سوى أن 45 في المائة من الألمان لا يثقون بأزواجهم. الصورة، كما هو متوقع، تبدو أفضل في المناطق الريفية والقرى، لأن الثقة بالزوج هناك ترتفع إلى 60 في المائة. كذلك ترتفع ثقة الريفيين بالجيران إلى 20 في المائة مقابل 16 في المائة في المدن. ورغم كل ما تفعله المنظمات الإنسانية، والكنسية منها على وجه الخصوص، فإن الفضائح التي تتعلق بكيفية التصرف بالتبرعات الممنوحة إلى هذه المنظمات، قد هزت الثقة بها بقوة. فالثقة هنا لا تزيد على 9 في المائة، ولا ترتفع بين الجيل القديم (أكثر من 55 سنة) إلى أكثر من 16 في المائة. الجميل في الأمر أن الثقة بالسياسيين، كالمعتاد أيضا، كانت أقلها، سواء في المدن أو في الأرياف. وحسب تعليق البروفسور أولريش راينهارت، رئيس معهد «بات» فثقة الألمان بالسياسيين تعادل ثقتهم بشراء سلعة بلا صورة من بائع مجهول على الإنترنت. على أية حال، يثق الألمان بكلمات الفلاسفة القدماء أكثر من ثقتهم بكلام أدبائهم. إذ ذكر ماثياس كلاوديوس، الشاعر الألماني الشهير من القرن التاسع عشر أن «أكبر شرف يمنحه المرء إلى الآخر هو (الثقة)». في حين قال فيثاغوراس (570 قبل الميلاد): «لا تثق بالسياسيين لأن وعودهم كلمات مكتوبة على ماء».