القاهرة - العرب اليوم
بينما كانا طفلاي يلعبا في غرفة المعيشة، كنت أقرأ الجريدة في هدوء، إذ فجأة سمعت صراخاً ورأيت حمزة ابني ذو الخمسة أعوام يأتي إليّ مسرعاً وصارخاً
«ماما حسن لا يشركني معه في اللعب».. فنظرت إلى حسن ابني ذو الثلاثة أعوام وجدته يلعب في هدوء بلعب حمزة.
متنهدة، هممت ألتقط لعب حمزة من أمام حسن، وطوال اليوم على ذلك، فإن لم يشتكي حمزة من أن أخوه الصغير يفعل كذا أو ذاك، فيقول عما يفعله أصدقائه في المدرسة من أخطاء، أو يقول على أبناء أعمامه الذين لا يدعونه يلعب بلعبه.
«الفتنة» في عائلتنا أمر طبيعيي جداً مثل الهواء الذي نتنفسه، لكن ليس معنى ذلك أنه أمر يجب أن أتقبله.
أغلب الأطفال يصلوا لمرحلة «الفتنة» تلك عند ثلاث سنوات، أي في الوقت نفسه الذي يبدأون فيه الكلام، وتظل تلك المرحلة من سنتان إلى ثلاثة سنوات وغالبا تنتهي، وعند بعض الأطفال غير المحظوظين تظل تلك الخصلة فيهم وهم أطفال صغار حتى يصلوا لسن المراهقة، وإلي أن يصبحوا كبار وبالغين، فكلنا نتذكر ذلك الصديق الذي يخبر الكل عندما نخطئ، أو زميلنا في العمل الذي يخبر المدير بكل شيء يحدث.
«الفتنه» عادة سيئة وتكون عند الأطفال الصغار، خاصة في سن ذهابهم للحضانة ما قبل المدرسة والسنوات الأولي لهم بالمدرسة، لكن الأمر يصبح مشكلة كبيرة إذا استمرت تلك العادة إلى بعد تلك المرحلة.
كيف تتعاملين مع حكاوي «الفتنة» تلك؟
لا ترفضي الاستماع: يقول الدكتور فارن والفيش – طبيب الأطفال والبالغين النفسي- أن الأطفال في بعض الأحيان يلجأون للفتنة كوسيلة للتعبير عن قلقهم ومشاكلهم، وكل ما يريدونه منا أن نستمع إليهم ونعرف مشاكلهم وما يقلقهم ولا نفعل شيئاً.
الأطفال الصغار لا يفتنون رغبة في أذى الآخرين، أو أن يوقعوا الأخرين في مشاكل، لكنهم يفعلوا ذلك لأن إحساسهم بالصواب والخطأ لازال يتطور، فهم مثلاً يتساءلون إذا كان الصعود على الزحليقة في الاتجاه المعاكس - أي للأعلى - أمر خاطئ.. فلماذا يقوم به الأطفال الآخرون؟ ففتنتهم في تلك الحالة ما هي إلا تأكيد على أن القواعد التي تعلموها صحيحة، ويشعرون بالارتياح حيال أن من فعل عكس القواعد سيكون مسئولا عن فعلته.
عندما يأتي إليكِ طفلك شاكياً صديقه أحمد أنه لا يشاركه اللعب، فهو لا يطلب منكِ التدخل، لكنه يريد منكِ أن تعلميه كيف يتعامل مع تلك المواقف، وذلك أمراً من المهم أن يتعلمه لحياته فيما بعد، فالأفضل من تدخلك لحل المشكلة.. أن اسأليه «ماذا عليه أن يفعل في هذه الحالة؟».. استمعي له وحاولي أن تجدي معه حلولاً للمشكلة.
تذكري الموقف أعلاه عندما تدخلتِ بين حمزة وحسن، فذلك أمر خاطئ جداً، فأخذك اللعب من حسن أثبت لحمزة أن الفتنة مجدية، وهي ما يحتاجه لحل مشاكله.
إذا كانت فتنة طفلتك عن أمور لا تؤثر عليها، مثل أن زميلتها ليلى تضرب الأطفال الآخرين، أو أن فريدة لا تأكل خضرواتها، إذن فطفلتك تريد فقط أن تخبرك بأنها لا تقوم بضرب أحد وأنها تأكل خضرواتها، كل ما يحتاجه الطفل في هذه الحالة هو أن تمدحيه لأنه اتبع التعليمات، فقومي بذلك.
علمي طفلك الفرق بين «الإخبار» و«الفتنة»، فالإخبار هو أن يقول لكِ أمراً يسبب أو سيسبب أذى لطفل أو شخص ما، علميه أنه في تلك الحالة يجب أن يقول مثل تلك الأشياء وذلك لا يكون «فتنة»، علميه أن الفتنة هي أن تحكي شيئا لن يسبب أذى.
لا تدعي الإحباط يصيبك بسبب ذلك، فطفلك سيتخطى مرحلة «سأقول لماما» على الصف الثاني الإبتدائي.