القاهرة - العرب اليوم
حينما يجري الحديث عما هو مفيد لإكساب الشعر حيوية وجاذبية، يقول الأطباء إن المهم ليس هو ما تضعه على شعرك، بل ما تضعه في معدتك. وهم بهذه الجملة يختصرون الموضوع برمته في كيفية الحصول على شعر صحي.
وأساس هذا الكلام أن الجسم هو ما يُنبت الشعر بغزارة أو بخفة. وهو الذي يجعله إما قوياً أو ضعيفاً. وهو الذي يُزوده طوال الوقت بما يُكسبه النضارة والحيوية. وهو فوق كل هذا وذاك، ما يُزود الشعر بما يُمكنه من المحافظة على جاذبيته مهما تغيرت الظروف البيئية التي يتعرض لها. وللباحثين في مجال التغذية الإكلينيكية عدة نصائح حول تناول مجموعة من المنتجات الغذائية الطبيعية للعناية بالشعر وصحته. وهذا الدور الغذائي المهم مصدره تناول المنتجات الغذائية الطبيعية، وليس تناول تلك الحبوب الدوائية من الفيتامينات أو المعادن، غير الخاضعة لأي معايير صحية
السلمون والساردين والمحار
في البحث عن غذاء لنضارة الشعر وصحته وجماله، بل وللجلد عموماً، من الصعب أن نجد ما يُنافس تلك العناصر المتوفرة في أسماك السلمون. وهي العامرة والمشبعة بنوع أوميغا3- من الأحماض الدهنية الصحية، وبمجموعات "عالية النوعية" من البروتينات، إضافة إلى كميات فيتامين B12 والحديد، المُقويان للشعر.
وأوميغا 3 من الأحماض الدهنية المهمة لصحة الشعر، كما تقول أندريا جيانكولي، الناطقة باسم رابطة التغذية الأميركية. وتُضيف أن نقص الجسم بتلك النوعية من الأحماض الدهنية يُؤدي إلى جفاف جلد فروة الرأس وشعر الرأس، وإلى تحويله إلى شعر باهت ومتقصف يفتقد النضارة والحيوية.
ولمن لا تتوفر لهم لحوم أسماك السلمون، فإن أسماك السردين، الغنية بدهون أوميغا3- ، هي مصدر بديل وزهيد الثمن ومتوفر طوال العام. وكمية أوميغا3- في 100 غرام من لحم أسماك السلمون، مساوية لما في 100 غرام من أسماك الساردين. وللنباتيين، ممن لا يتناولون لحوم الأسماك عموماً، فإن تناول ملعقة صغيرة من مطحون بذور الكتان يومياً، يُعطي الجسم حاجته من تلك الأحماض الدهنية.
وللحيوانات البحرية، كالمحار، قصة أخرى، ذلك أنها منتجات غذائية غنية بالزنك. والزنك أحد عناصر إنتاج شعر صحي وأحد عناصر حفاظ الجسم عليه.
الخضار الخضراء الداكنة والجزر
ربما كان من الخطأ، ودليل عدم الواقعية، أن مخترع شخصية باباي الكارتونية لم يُظهره بشكل الرجل ذي الشعر الطويل والبراق. والسبب أنه بالرغم من تناوله لتلك الكميات الكبيرة من خضار السبانخ، إلا أن شعره قصير جداً! ومعلوم أن السبانخ، والبروكلي والملوخية والجرجير والخس وغيرها من الخضار ذات اللون الأخضر الداكن، غنية بفيتامين C وA. وهي الفيتامينات المساهمة في إنتاج الجسم لمادة دهنية، تُدعى sebum . وهذه المادة الدهنية التي تفرزها الغدد الدهنية الصغيرة، الملحقة بتراكيب بصيلة الشعر، تعمل على ترطيب الشعر وحمايته من الجفاف والتقصف.
وكذلك فإن هذه الخضار، داكنة اللون الأخضر، غنية بالحديد والكالسيوم. هما عنصران مهمان في صحة الشعر. والمهم توفير الظروف لامتصاص الأمعاء لهما من تلك الخضار، عبر إضافة الليمون أو غيره.
والجزر من الخضار الغنية بفيتامين A، والتي لا تُسهم فقط في صحة النظر، بل صحة ما يقع عليه النظر من شعر حيوي وجذاب.
بقول الفاصوليا والعدس
قد لا يتوقع البعض أن البقول، كالفاصوليا بأنواعها، والعدس، أحد الأغذية المهمة في الحصول على شعر صحي. وهذه المنتجات النباتية لا تُوفر فقط كمية مهمة من البروتينات اللازمة لإنتاج شعر صحي ذي بنية وتركيب متكامل، بل هي غنية بالحديد والزنك بفيتامين B7 أو ما يُعرف بمركب "بيوتين" biotin. ونقص مركب "بيوتين" سبب في تقصف وتكسر الشعر، وقلة إنتاجه، وتأخر نموه.
وتنصح رابطة التغذية الأميركية بتناول ثلاثة، أو أكثر، أكواب من العدس أو الفاصوليا، أو غيرهما من البقول، أسبوعياً. وهي الكمية الكافية لتزويد الجسم بمجموعة من العناصر اللازمة لإنتاج شعر صحي، إضافة إلى الفوائد الصحية الأخرى للبقول على القلب والشرايين ومرض السكري.
الجوز والمكسرات
ولا تنقضي الفوائد الصحية لتناول المكسرات، على القلب أو الشرايين أو الدماغ. لكن وحتى للحصول على شعر صحي وبراق، علينا تناول كمية يومية من مكسرات الجوز أو اللوز أو المكسرات البرازيلية أو غيرها.
وعلى سبيل المثال، يحتوي الجوز على نوع أوميغا3- من الأحماض الدهنية، والتي تُكسب الشعر بنية قوية خلال مراحل تكوين الشعر، كما تُكسبه ترطيباً متواصلاً، عبر إفراز الدهون الجلدية، وذلك طوال عمر الشعرة. هذا بالإضافة إلى احتواء الجوز والكاجو واللوز وغيرها من المكسرات، على كميات جيدة من الزنك ومن السيلينيوم، المفيدان للشعر. وربما الأفضل في الحصول على عنصر السيلينيوم، تناول ما يُعرف بالمكسرات البرازيلية. ونقص السيلينيوم، أو الأكثر شيوعاً نقص الزنك، سبب في تساقط الشعر وجفاف فروة الرأس.
البيض والدواجن
وبالرغم من أن الدجاج والديك الرومي والحمام يكسوها الريش، إلا أن تناولنا للحومها الصحية، والمحتوية على البروتينات من النوعيات "عالية الجودة"، يُسهم في إنتاج الجلد لشعر قوي.
وكما تقول أندريا جيانكولي، الناطقة باسم رابطة التغذية الأميركية، فمن دون تناول الكميات الكافية من البروتينات، أو بتناول أنواع متدنية مستوى النوعية، فإن أحدنا سيُعاني من شعر ضعيف وسهل التكسر. والحقيقة أن نقص البروتينات في الجسم، لن يُؤدي إلى شعر ضعيف فقط، بل فاقد للونه الطبيعي! وأسهل مصادر البروتينات الحيوانية "عالية الجودة" هو تناول البيض. والبيض مصدر جيد أيضاً لفيتامين B12 ولمادة "بيوتين".
القمح الطبيعي والحبوب الكاملة
وتناول الحبوب كاملة، غير المنهكة الفائدة بعمليات التقشير وإزالة كل مناجم المعادن والفيتامينات فيها، سواءً في الخبز الأسمر أو المعجنات أو الشوربة، سيُمد الجسم بكميات جيدة ومفيدة من الزنك والحديد وفيتامينات مجموعة B.
والميزة الأهم في تناول الحبوب الكاملة، إضافة إلى غناها بتلك العناصر، إمداد الجسم بطاقة سهلة الهضم وطويلة المفعول، مع كميات من الألياف الصحية.
مشتقات الألبان قليلة الدسم
ودون إجهاد الجهاز الهضمي بكميات الدسم، ودون إرهاق القلب والأوعية الدموية بالكولسترول والدهون المشبعة، فإن مشتقات الألبان الخالية من الدسم هي مصدر جيد للكالسيوم وللبروتينات في مركبات كاسين ومصل اللبن. إضافة إلى معادن الحديد والزنك والبوتاسيوم وفيتامينات B, C, E, A. والكالسيوم معدن مهم لنمو شعر صحي، وبروتينات الحليب هي من الأنواع "عالية النوعية"، المهمة أيضاً في توفير العناصر الأساسية لبناء تراكيب شعر سليم. ولذا فإن للبعض نصيحة "شعبية"، لها ما يُبرر صحتها علمياً، في تناول خليط من لبن الزبادي مع مكسرات الجوز، للحصول على شعر صحي. نظراً لأننا سنحصل على الكالسيوم والبروتينات "عالية الجودة" والزنك والحديد ودهون أوميغا3- وفيتامينات A وB.
تناول "بيوتين" من الغذاء فقط
"بيوتين" أو فيتامين B7 أو فيتامين H، كلها لقب واحد لأحد المركبات الكيميائية التي تعمل على المشاركة في إتمام عدة تفاعلات كيميائية مهمة في الجسم، وخاصة منها ما له علاقة بالدهون التي يفرزها الجلد. وهي مادة كيميائية متوفرة في بعض من المنتجات الغذائية بنسب متفاوتة. كما تستطيع إنتاجه مجموعات البكتيريا الصديقة الموجودة في أمعاء الإنسان. وبالرغم من صعوبة حصول نقص في إمداد الجسم بالـ "بيوتين"، إلا أن ثمة حالات يحصل فيها نقص، بدرجات واضحة جداً أو متوسطة التأثير، وذلك مثل تناول بياض البيض وحده ونيئاً. ومعلوم أن بياض البيض النيئ يحتوي على بروتين "أفيدين". وهو بروتين يلتصق بمركب "بيوتين"، ما يحول دون قدرة الأمعاء على امتصاص "بيوتين". كما يتسبب تناول بعض من أدوية معالجة الصرع، أو تكرار وطول تناول المضادات الحيوية، في نشوء حالات نقص الجسم من هذا الفيتامين المهم.
ولذا تظهر على الإنسان مجموعة من الأعراض الدالة إكلينيكياً على احتمال وجود نقص فيه مثل الالتهابات الدهنية في الجلد، والالتهابات الفطرية في الجلد وغيره، والأهم حالات تساقط الشعر. وإذا ما استمرت حالة نقص توفره في الجسم، فإن أعراضاً أخرى تظهر، مثل الاضطرابات النفسية، كالاكتئاب والتوتر والحساسية النفسية واضطرابات النوم والخمول والهلوسة وألم العضلات وفقد الشهية والغثيان والقيء وغيره.
وربما هذا الحديث الطبي كله غير مهم جداً، بسبب أن حالات نقص فيتامين B7، أو نقص "بيوتين"، هي بالأصل نادرة. إلا أن ما يهم هنا هو أمران:
الأول، أن مركب “بيوتينش” لازم في عملية نمو الخلايا وإنتاج الأحماض الدهنية، وعمليات التمثيل الغذائي للدهون والبروتينات. وكلها ضمن خطوات إنتاج أظافر وشعر مكتمل البنية والهيئة والحيوية الصحية. وعليه فإن النصيحة الطبية هي توفيره للجسم عبر الغذاء فحسب. والإشكالية أن بعض الشركات تُنتج حبوباً للتقوية، وخاصة لتقوية الشعر ونضارة البشرة وصحة الأظافر، محتوية على هذه المادة الكيميائية. وسبب الإشكالية أنه لا تُوجد دراسات طبية تدعم وتُثبت جدواها كحبوب دوائية أو غيرها من المستحضرات.
وتكبر المشكلة حينما يتم تسخير نصف الحقيقة العلمية في تحقيق أهداف تجارية محضة، وليس استفادة طبية ثابتة، وذلك بإضافة مادة "بيوتين" إلى شامبو الشعر أو الـ "كونديشنر". وهنا لم يثبت مطلقاً أنه يُفيد الشعر الذي أتم نموه وخرج فوق سطح الجلد، كما لم يثبت أن الجلد قادر على امتصاص تلك المادة الكيميائية وتزويد الجسم بها. أي أن إضافة مادة "بيوتين" للشامبو لا داعي لها مطلقاً، اللهم الا لإغراء المستهلك في شراء ذلك النوع من الشامبو.
وهذا مثال واحد، من عدة أمثلة على إضافات مشكوك جدواها لمواد كيميائية عدة في مستحضرات الشامبو وغيره للعناية بالشعر. هذا مع العلم أن الشعر الذي نما وظهر على سطح الجلد، هو متكون بشكل نهائي لا يستطيع الجسم تعديله أو إعطاءه مزيداً من المتانة أو الصحة، إلا بتوفير المادة الدهنية المُرطبة له.
الطريق إلى شعر صحي ... بين المطبخ والشامبو
إنفاق المال والتعب في البحث عن أفضل شامبو، أو أفضل مكيفات الـ "كونديشنر"، أو أفضل ماء لغسله، أو أفضل "جل" أو "سبري" لتثبيته، ليس هو الأساس في الحصول على شعر حيوي جذاب. بل البحث في تلك المستحضرات والمنتجات التجميلية والتنظيفية، هو حول أقلها ضرراً بالشعر حينما نُريد تنظيفه أو تصفيفه في وضعيات تتناسب مع الموضة أو المناسبة الاجتماعية التي نحضرها.
هل يعني هذا أن العناية بالشعر ليست تحت "دوش" الاستحمام أو أمام مرآة التسريحة؟ بل هي في المطبخ وعلى طاولة الطعام؟
نعم، وبالضبط هذا ما يجب أن تكون عليه محاولات الحصول على شعر حيوي وجذاب وصحي. والشعر ينمو حوالي نصف بوصة (أي نحو 1.25 سم) في الشهر، وهو في ذلك لا يختلف عن نمو الأظافر والطبقات الخارجية للجلد. وما يُسهم في نشاط هذه الأنواع من النمو لتلك الأجزاء من الجسم هو توفر العناصر الغذائية اللازمة، أي التي علينا الحصول على كميات كافية منها عبر غذائنا. وحينما تكون تغذيتنا صحية، فإن أجزاء أجسامنا، الخارجية والداخلية، ستكون قوية وأكثر صحة. وبالذات حينما تكون غنية بالعناصر المستخدمة في إنتاج خصلات الشعر، فإن الشعر سيكون في هيئة وتركيب وبُنية صحية. بل وسيتمكن من مقاومة ما يتعرض له من أي ظروف بيئية قد تُزيل عنه مظاهر القوة والصحة.
والوجبات الغذائية حينما تكون متوازنة في محتواها على منتجات غذائية طبيعية ومتنوعة، وبكميات صحية لا تتسبب باضطرابات في الجسم، هي الأفضل للحصول على صحة ونضارة الشعر. وتقول أندريا جيانكولي، الناطقة باسم رابطة التغذية الأميركية: "إن التغذية المتوازنة في احتوائها على بروتينات اللحوم الخالية من الشحم، والفواكه والخضار، والحبوب الكاملة غير المقشرة، والبقول، ولحوم الأسماك الدهنية كالسلمون، ومشتقات الألبان القليلة الدسم، ستُساعد في الحفاظ على شعر صحي".
وإذا ما أغرى الواحد منا رغبته في فقد كيلوغرامات من وزن جسمه، باتباع تلك الموضات والصرعات التي تُحقق فقداً سريعاً للوزن في بضعة أيام أو أسابيع، فإن علينا أن نتذكر جيداً أن ذلك سيتحقق على حساب صحة الجسم، والشعر أحد أهم ما سيتضرر جراء تلك السلوكيات غير الصحية في خفض وزن الجسم. ولن يتضح الأثر السلبي على الشعر إلا بعد بضعة أشهر.