دبي – العرب اليوم
ظهرت منطقة الشرق الأوسط بصفتها إقليم دولي بارز على ساحة الاقتصاد الرقمي العالمي المقدّر حجمه بنحو 3.8 تريليون دولار، بحسب لائحة “بلاك بوك” العالمية للإنفاق التقني الصادرة عن “آي دي سي” في 2016، في وقت تحوز فيه دولة الإمارات قصب السبق في العالم التقني من خلال إطلاقها مبادرات من شأنها تغيير قواعد اللعبة، مثل تشييد أول مبنىً للمكاتب بالكامل عبر الطباعة ثلاثية الأبعاد، وصندوق دبي لوقف المستقبل، الذي يوقف مليار درهم لدعم المشاريع المبتكرة في الإمارة.
وأصبحت دبي، التي تحتضن أحدث التقنيات المتطورة، بوابة عالمية للتحوّل التقني. ومع دخول العالم حقبة مستقبلية ستشهد اتصال ستة مليارات جهاز بحلول العام 2018، وفقاً لبيتر سوندرجارد، النائب الأول للرئيس والمدير العالمي للأبحاث لدى شركة “جارتنر”، فإن العالم سوف ينظر إلى الجهات العارضة وأصحاب المبادرات والمشاريع الريادية والخبراء ممن يعتزمون المشاركة في الدورة المرتقبة من أسبوع جيتكس للتقنية، كقادة يشقّون الطريق نحو عالم أكثر اتصالاً وترابطاً. ويأتي 40 بالمائة من النمو الحاصل في الإنفاق على تقنية المعلومات والاتصالات في المنطقة، من الشركات والمؤسسات. ويُعتبر أسبوع جيتكس للتقنية أحد المحركات البارزة في تعزيز الاقتصاد الرقمي العالمي، وهو يحظى باهتمام كبير في الأوساط التقنية المرموقة، إذ يزوره ما يقرب من 22 ألفاً من المديرين التنفيذيين من كبرى الشركات والمؤسسات في المنطقة والعالم.
أما في الشرق الأوسط فمن المتوقع أن يصل الإنفاق على تقنية المعلومات إلى 212.9 مليار دولار في العام 2016، أي بزيادة قدرها 37 بالمئة عن العام السابق، الأمر الذي يضع حدث جيتكس في قلب اقتصاد تقنية المعلومات والاتصالات العالمي المزدهر.
وأكّدت تريكسي لوه ميرماند، النائب الأول للرئيس بمركز دبي التجاري العالمي، الجهة المنظمة لجيتكس، أن الحدث يحتلّ مكانة مرموقة في منظومة التجارة والابتكار التقني العالمية، مشيرة إلى أن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة تحوز قصب السبق في استخدام التقنية لإحداث التحويل المنشود في المعيشة اليومية والأعمال التجارية، وقالت: “يُعتبر جيتكس إحدى أقوى المنصات وأشدها تأثيراً وفاعلية في تمكين المؤسسات والشركات من الحصول على أفضل الحلول والابتكارات التقنية في المنطقة”.
التقنية بتصوّرات جديدة
يعود أسبوع جيتكس للتقنية ليقام هذا العام تحت شعار “الواقع بتصورات مبتكرة”، وذلك في الفترة بين 16 و20 أكتوبر المقبل، ليساهم في وضع تصورات جديدة للطرق التي يمكن بها للتقنية إحداث التغيير المرجو لدى الشركات والمؤسسات عبر ما يعرضه من أنحاء العالم من منتجات وخدمات وحلول، فضلاً عما تشتمل عليه المؤتمرات المصاحبة من كلمات ومحاضرات وعروض توضيحية، وغيرها.
وفي هذا السياق، وصف محمد عارف، نائب الرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا لدى “أفايا”، التي شاركت في دورة العام الماضي من جيتكس إلى جانب 4,200 شركة وعلامة تجارية عارضة وراعية من 130 بلداً، أسبوع جيتكس للتقنية بأنه “بوابة موصلة إلى النمو السريع في أسواق الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا، ومنصة عالمية لتبادل المعرفة والابتكارات بدءاً من الطلبة ووصولاً إلى الشركات الناشئة”. وكانت دورة 2015 من الحدث شهدت حضور 146 ألف زائر من 144 بلداً.
ما الجديد في أسبوع جيتكس للتقنية 2016
يعتزم أسبوع جيتكس للتقنية 2016 تغيير الطريقة التي يشاهد بها زواره العالم، بفضل قسم التقنيات الغامرة (ثلاثية الأبعاد) التفاعلي. ومن المتوقع أن يرتفع حجم صناعة ألعاب الواقع الافتراضي وحدها إلى 4.4 مليار دولار بحلول العام 2022، وهي الصناعة التي باتت مهيّأة لتكون صناعة المليار دولار المقبلة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وفق تقرير توقعات التقنية والإعلام والاتصالات الصادر عن شركة “ديلويت”. ويستعدّ أسبوع جيتكس للتقنية 2016 لإظهار الكيفية التي يمكن بها إحداث التغيير في حياة الأفراد وفي الأعمال التجارية لدى الشركات، عبر النظر إلى الواقع من زوايا جديدة، سواء من خلال أجهزة الواقع الافتراضي الترفيهية، وحتى أدوات الواقع المعزز المستخدمة في إجراء العمليات الجراحية.
وتتربع دبي على قمة فئتها فيما يتعلق بوضع نماذج الأعمال التجارية المتمحورة حول تقنية المعلومات والاتصالات، وهي تحلّ في المركز المئوي الثلاثين عالمياً، وفقاً لمؤشر الابتكار العالمي 2015 الصادر عن جامعة كورنيل. ومن المتوقع، في جانب ذي صلة، أن تصبح فعالية حراك الشركات الناشئة الجديدة في جيتكس من أشهر الفعاليات العالمية من نوعها، إذ تربط بين ما يزيد على 400 شركة ناشئة من 35 دولة، و1,000 من أصحاب المبادرات والمشاريع الريادية، وأصحاب رؤوس الأموال، والمستثمرين الملائكة، والمشترين الحكوميين، والموجِّهين.
من ناحية أخرى، سوف يمثل مؤتمر أيام جيتكس للقطاعات الرئيسية منصة لقادة تقنية المعلومات تمكّنهم من تناول قضايا القطاع والاستماع من قادة الفكر العالميين إلى أفكارهم وخلاصة خبراتهم، سواء كانوا أصحاب شركات ناشئة أو قائمة. ومن المنتظر أن تخاطب مجموعة من كبار المتحدثين المرموقين من مختلف أنحاء العالم هذا المؤتمر، بينهم جريج كانون، نائب الرئيس للتسويق والأمور الرقمية لدى “سيزار إنترتينمنت”، وأندريس وولبيرج-ستوك، الرئيس العالمي للمنصات والخدمات الناشئة لدى مجموعة “سيتي”.
وتبدي القطاعات في جميع المجالات، من جهة أخرى، شهية متزايدة لتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، التي يُتوقع أن يصل الإنفاق عليها في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وحدها إلى 1.3 مليار دولار بحلول العام 2019، ما يدل على حجم الفرص المتاحة في السوق. وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أزاح الستار في وقت سابق من هذا الشهر عن أول مبنى للمكاتب في العالم مشيّد بالكامل باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد. وتشهد السوق الإقليمية للطباعة ثلاثية الأبعاد طلباً مرتفعاً في ضوء الإعلان عن تأسيس مركز عالمي للطباعة ثلاثية الأبعاد في دبي. ومن شأن تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد المزمع عرضها في جيتكس أن تُظهر كيف يمكن لمجموعة من الطابعات والصانعين المختصين إنتاج أغراض متنوعة تتراوح بين اللوازم الطبية وقطع غيار السيارات، لتساهم هذه التقنيات في صوغ ملامح الرؤية المتعلقة بالطباعة ثلاثية الأبعاد.
ومن المنتظر أن يشهد زوار أسبوع جيتكس للتقنية 2016 السبل التي يمكن بها للروبوتات والطائرات المسيّرة عن بُعد تطوير سلاسل التوريد، وفي هذا السياق، قال بلال الحطاب، مدير الإدارة لدى شركة “ديجي روبوتيكس تكنولوجيز” المصنّعة للروبوتات، والتي تتخذ من دبي مقراً، إن ارتفاع شمس حقبة إنترنت الأشياء، سوف يعني “حتمية دور الروبوتات والحلول الآلية لدى الشركات في التغلب على أكثر التحديات إلحاحاً في العالم”، وأضاف المسؤول في الشركة التي تعتزم المشاركة في أسبوع جيتكس للتقنية 2016: “نرى أن الجيل المقبل من الخدمات الآلية والمؤتمتة التي سيجري عرضها في جيتكس، وتتراوح بين الأنشطة ذات المخاطر العالية مثل اللحام، مروراً بالسيارات العاملة من دون سائقين وحتى المقاهي الآلية، من شأنه دفع عجلة الابتكار في مجال المدن الذكية في الشرق الأوسط وحول العالم”.
ومن المنتظر أن يشهد افتتاح أسبوع جيتكس للتقنية 2016 إلقاء كلمات افتتاحية من قادة ومسؤولين وخبراء عالميين رفيعي المستوى من الحكومة والقطاع الخاص، بينهم د. فيليس شنيك، كبير مسؤولي الأمن الإلكتروني لدى وزارة الأمن الوطني الأمريكية، وجيمس باريسي، كبير مسؤولي التقنية السابق لدى شركة “باي بال”، وأسيم بوري، كبير مسؤولي التسويق لدى “يونيليفر”، وبول كلارك، كبير مسؤولي التقنية لدى “أوكادو” أكبر متجر بقالة إلكتروني في العالم، إلى جانب د. رفاييل جروسمان، أول طبيب يلجأ إلى نظارة “جوجل جلاس” في إجراء عملية جراحية، وكيث كبلان، الرئيس التنفيذي لمؤسسة “تيسلا” الفكرية.
وقال روبرت سكوبل، خبير تقنية المعلومات المقيم في سان فرانسيسكو، والذي سيتحدث في جيتكس طارحاً أفكاره بشأن الاقتصاد الرقمي، إن التقنيات الناشئة، مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز، “مهيّأة تماماً لإحداث تحوّل في المعيشة اليومية وفي عالم الأعمال، مع تحوّل اجتماعي هائل يماثل ما حدث في الماضي عند إطلاق أجهزة الحاسوب الشخصية”، وأضاف: “ستكون الحكومات والشركات القائمة أو الناشئة التي تبكّر في تبني التقنيات الحديثة والابتكار، قادرة على تخطي المنافسين ووضع تصورات مبتكرة لأعمالها ودفع عجلات الاقتصاد الرقمي في العالم”.
ومن المنتظر أن يلفت أسبوع جيتكس للتقنية 2016 الأنظار إلى أحدث التقنيات الناشئة، فيما سيعزز دوره كموقع بارز لتطوير الأعمال والتواصل بين المعنيين في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات. وأكّدت لوه ميرماند أن أسبوع جيتكس للتقنية 2016 سيكون للابتكار التقني بمثابة الصوت المسموع والأرضية الخصبة، وخلصت إلى أن التقنية لم تعد تقتصر على أقسام تقنية المعلومات في الشركات، وأن القطاعات بحاجة إلى فهم كيفية تعزيز التحول الرقمي للقدرات التنافسية، بدءاً من التطبيقات التنقلية السحابية ووصولاً إلى الروبوتات والطائرات المسيّرة عن بعد والطباعة ثلاثية الأبعاد.