القاهرة – العرب اليوم
رغم تطور سرعة وقوة أجهزة الحواسيب حالياً إلا انها ما تزال بعيدة كل البعد عن الدماغ البشري، حيث يتم برمجة أجهزة الحواسيب لأداء مهام فريدة ومحددة مثل التحدث أو لعب الشطرنج.
ولكن عند قياس إمكانيات جهاز الحاسب مع قدرات العقل البشري بشكل كامل يظهر اختلاف واضح وان العلاقة بين الاثنين غير وثيقة ومتشابهة.
وحاول العلماء على مدى السنوات القليلة الماضية وبمختلف الطرق المتنوعة الحصول على الحاسب الخارق الذي بإمكانه تقليد درجة تعقيد ومعالجة قوة الدماغ البشري الحقيقي.
وتعمل الحواسيب الفائقة بشكل عام وفق نظم معالجة متوازية وتتطور باستمرار تماشياً مع قانون مور الذي ينص على ان عدد الترانزستورات ضمن الرقاقة يتضاعف كل ثمانية عشر شهرأ، مما يعني امكانية تأدية رقاقة واحدة وظيفة مجموعة معالجات متوازية مستقبلاً.
ويعمل الدماغ البشري بشكل متوازي أيضاً، ولكن ضمن نطاق مختلف عن الحواسيب الفائقة، ووفقاً لعلماء الأحياء فإن الدماغ البشري يمتلك ما يقارب من 90 مليار خلية عصبية مرتبطة معاً بكل معنى الكلمة، مما يعني تواجد أكثر من 220 تريليون نقطة اتصال تسمى نقاط الاشتباك العصبي أو المشابك العصبية.
ولا تتواجد حواسيب فائقة قادرة على تشغيل برامج محاكاة للدماغ بشري حتى الآن، وبوفر نظام الاتصال المتكامل والمتقن داخل الدماغ مئات التريليونات من المسارات المختلفة للإشارات الدماغية بحيث يمكنها التنقل من خلالها.
ويعمل العلماء على محاولة تقليد قدرة الدماغ البشري رقمياً، واحتاجوا قبل سنوات قليله إلى أكثر من 82.000 معالج يعملون على أحد أسرع الحواسيب العملاقة في العالم من أجل تقليد ثانية واحدة من نشاط دماغ الإنسان.
ويقدر الباحثون أن محاكاة الدماغ البشري تحتاج على الأقل إلى جهاز مع قدرة حسابية 36.8 بيتافلوب petaflops، وتعتبر البيتافلوب مكافئة لألف تريليون عملية نقطة عائمة في الثانية الواحدة، مع ذاكرة وصول عشوائي تبلغ 3.2 بيتابايت أو 3200 تيرابايت.
ولا يتوقع الوصول إلى هذه القدرات وفق مقاييس التكنولوجيا العملاقة اليوم قبل ثلاث سنوات على الأقل.
وقال بون كوابينا الباحث الرئيسي والاستاذ المساعد في قسم الهندسة الحيوية في جامعة ستانفورد “أحد التحديات الرئيسية في بناء نظام بنى عصبية عبر السيليكون هو أن كل عصبون يتصل مع الآخرين من خلال 8000 نقطة اشتباك عصبي”.
وأضاف بون “نحتاج إلى حوالي 20 ترانزستور لتنفيذ مشبك واحد، ويتضح ان إمكانية بناء ما يعادل حوالي 220 تريليون نقطة اشتباك عصبي عبر الترانزستور والسيليكون ليست مشكلة سهلة الحل لدينا”.
وأشارت دراسة بحثية تم نشرها مؤخراً إلى إكتشاف إمكانية احتفاظ الدماغ البشري بالمعلومات بكمية أكبر عشر مرات مما كان يعتقد سابقاً، ويعتقد العلماء الآن ان قدرة الدماغ البشري تدور حول بيتابايت أي ما يقارب من ألف تيرابايت.
وتم نشر العديد من الأبحاث في الآونة الأخيرة حول هذه القضية والتي تلقي الضوء على أهمية المقارنة والتنافس حسابياً بين الدماغ البشري والحاسب.
ويمتلك البشر العديد من الأشياء المذهلة بما في ذلك مقدرتهم في التعرف على الأنماط والقدرات اللغوية والتفكير الإبداعي، وعلى الرغم من تحسن سرعة الحواسيب في التعرف على الأنماط إلا ان معظم البرامج ما زالت تقوم بذلك بمستوى طفل صغير.
ويعتبر النمط الكلاسيكي للتعرف على الأنماط هو مقدرة التعرف على الوجوه، بحيث يمكن للإنسان التعرف على الوجوه في مجموعة متنوعة من السياقات.
ويمكن للإنسان التعرف على الوجوه مختلفة الأعمار أو المقنة أو المتغيرة تبعاً لتغير شعر الوجه، بينما لا تقوم أجهزة الحواسيب بتأدية هذه المهام بشكل جيد مشابه للبشر.
وتعتبر أجهزة الحواسيب أقوى من البشر عندما يتعلق الأمر بتنفيذ تعليمات بسيطة خطوة بخطوة، بينما يتفوق البشر على الحواسيب في المهام التي لا يمكن تحليلها وتجزئتها بسهولة إلى خطوات بسيطة متتابعة.
وتهدف مجالات علوم الحاسب والذكاء الصنعي والتعلم الآلي في تحليل وتجزئة المشاكل إلى قطع صغيرة بحجم بايت ليسهل هضمها واستيعابها من قبل أجهزة الحاسب.
ويمكن اعتبار أجهزة الحاسب حتى الآن بمثابة أطفال رضع ليس بإمكانهم تعليم نفسهم كيفية حل المشاكل المعقدة وتجزئتها إلى مهام بسيطة ومتتابعة وتحتاج بشكل مستمر إلى قدرة الدماغ البشري.