صورة تخيلية لعملية هبوط فيلاي على سطح مذنب

بعد اكثر من عشر سنوات من السفر في الفضاء، تستعد المركبة الاوروبية غير المأهولة "روزيتا" لانزال الروبوت "فايلاي" الاربعاء على سطح مذنب، في عملية هي الاولى من نوعها في تاريخ استكشاف الفضاء.

وقال سيلفان لوديو المسؤول عن العمليات في وكالة الفضاء الاوروبية "نحن على اتم الاستعداد للعملية"، مضيفا "انها لحظة ساحرة".

واشار فيليب غودون المسؤول في وكالة الفضاء الفرنسية عن المهمة الى ان العملية "ليست سهلة" وانها "ستستغرق اياما".

وفي حال نجاح عملية انزال الروبوت على سطح المذنب "تشوريوموف-غيراسيمنكو"، فهي ستكون المرة الاولى التي يتمكن فيها العلماء من دراسة نواة مذنب عن كثب.

ونواة المذنب هي الجزء الصلب منه، بخلاف ذنبه المكون من انبعاثات الغبار والغازات الناجمة عن ارتفاع حرارته جراء اقترابه من الشمس.

وسيقوم الروبوت باعمال حفر على سطح المذنب وتحليل عينات.

واطلقت مهمة روزيتا في العام 2004، ويشبهها العلماء باعمال التنقيب عن الاثار لفهم تاريخ الحضارة الانسانية، اذ ان من شأن نتائج هذه الاعمال ان تلقي الضوء على نشوء النظام الشمسي وتطوره.

ولذلك اطلق على المهمة اسم "روزيتا" اي حجر رشيد الذي اتاح فك رموز اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية).

ويبدي العلماء منذ سنوات اهتماما بالغا بالمذنبات، وهي اجرام صغيرة ذات نواة صلبة يكسوها الجليد والغبار، فهم يشبهونها بالاسطوانات الشاهدة على نشأة النظام الشمسي الذي يقع فيه كوكبنا.

وعلى ذلك، فان الاطلاع على ما في داخل هذه الاسطوانات من جليد ومواد اخرى، يزود العلم الحديث بمؤشرات ذات اهمية قصوى حول اصل المجموعة الشمسية وربما عن اصل الحياة في الكون كذلك، اذ انها تحتوي على جزيئات عضوية.

وقد قطعت المركبة روزيتا، 6,5 مليارات كيلومتر قبل ان تتقاطع مع المذنب الذي تلاحقه منذ سنوات.

وحدد موعد انفصال الروبوت البالغ وزنه 100 كيلوغرام عن المركبة عند الساعة 8,35 ت.غ. من يوم الاربعاء.

وسيفصل بين الاحداث التي تجري هناك وبين وصول اشاراتها الى العلماء في مراكز التحكم الارضية 28 دقيقة، وذلك بسبب المسافة الكبيرة التي تفصل المركبة عن كوكب الارض وتزيد عن 500 مليون كيلومتر.

وبين مساء الثلاثاء والاربعاء يجري مركز التحكم مناورات عدة قبل اعطاء الاشارة النهائية للروبوت بالتوجه الى المذنب والهبوط على سطحه، في نقطة اطلق عليه اسم "اجيليكا" تيمنا بجزيرة تضم اثارا فرعونية في نهر النيل.

وستقذف المركبة الروبوت من بعد حوالى عشرين كيلومترا عن سطح المذنب، وسيهبط "فايلاي" بعد ذلك بهدوء متأثرا بالجاذبية الضعيفة للمذنب الذي يوازي حجمه حجم جبل صغير.

وجهز الروبوت بنظام يبقيه مستقيما اثناء عملية الهبوط التي تستغرق سبع ساعات.

ولن يكون الروبوت في حالة سبات في هذه الساعات، بل ان عشرة من اجهزته ستعمل على التقاط صور للمركبة روزيتا وايضا لموقع الهبوط.

أما الأجهزة على متن روزيتا، فستبقى تراقب الروبوت وتزود العلماء بالبيانات اللازمة لتقييم صحة مساره.

وفي حال سارت الامور كما هو مقرر، فان الروبوت سيلتحم بسطح المذنب عند الساعة 16,00 ت.غ.

وستشوب هذه العملية تعقيدات وتحديات كبيرة، فالمذنب ليس سهل المنال، وفق فيليب غودون.

وقد جهز الروبوت بنظام يجعله يتشبث بسطحه كي لا يرتد ويرتطم مرارا به، لكن في المقابل لا شيء يضمن الا يغوص الروبوت في السطح اللين جدا.

واختير مكان الهبوط بعناية، اذ ان سطح المذنب وعر ومتعرج، وتكثر فيه الاماكن غير المناسبة لهبوط آمن.

وازاء هذه التعقيدات كلها، يرى فيليب غودون ان احتمال النجاح لا يزيد عن 70 %.

وفي حال نجح الهبوط كما ينبغي، سيبدأ الروبوت فورا بالعمل، مبتدئا بيومين ونصف اليوم من التحليل المتواصل للسطح.

ويتوقع العلماء ان يستمر فايلاي بالعمل حتى شهر اذار/مارس، فحينها يكون المذنب قد اقترب من الشمس كثيرا بحيث يتعطل الروبوت.

الا ان المركبة روزيتا ستواصل ملاحقة المذنب الى شهر اب/اغسطس، وهو الوقت الذي يقترب فيه المذنب الى ادنى مسافة من الشمس.