"الشمع" يجمع ميسي وجلال الدين الرومي

بالكاد يميز الزائر لمتحف "مدام توسو" في مدينة إسطنبول التركية بين معروضات المتحف الشمعية وزواره من الناس، فالتماثيل نحتت بدقة حولتها إلى نسخ "طبق الاصل" للشخصيات الأصلية.
وعلى مدخل المتحف الواقع في شارع الاستقلال التاريخي بالقرب من ميدان تقسيم يستقبل مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك الزوار ببدلته السوداء الأنيقة، والوقفة التي اشتهر بها في كثير من صوره.

ومن المتوقع أن يساهم افتتاح المتحف في تنشيط حركة السياحة الشتوية التي تشتهر بها متاحف إسطنبول ومعارضها وصالاتها المغلقة في الفصل الذي تنخفض فيه الحرارة إلى مستويات متدنية.

يعيد المتحف تركيا إلى تاريخها الذي يجسده محمد الثاني فاتح القسطنطينية وهو يقف بسيفه قرب رمز تاريخي آخر هو السلطان سليمان القانوني، وخلفهما المهندس الشهير معمار سنان، ليقدم اجتماع الثلاثة صورة حية عن ازدهار العهد العثماني.

ويمنح المتحف زواره فرصة اللقاء بشخصيات معروفة على المستويات المحلية والعالمية، مقدما إياها بهيئتها البشرية الطبيعية وإن كانت من الشمع لا روح فيها.

وصممت كافة التماثيل المعروضة لتحقق أعلى نسبة تطابق مع صفات الشخصيات الحقيقية من قبيل الطول وامتلاء الجسم ولون البشرة والعينين وكثافة الشعر وغيرها من الصفات.

وراعت التصاميم أيضا اختيار الأزياء والملابس التي اشتهرت الشخصيات بارتدائها ضمن الحقل الذي تمثله، كما اهتمت بتقليد الهيئات الشهيرة التي عرف بها أصحاب التماثيل مثل هيئة الجلوس والوقوف أمام الكاميرا.

وللمتحف قيمة وطنية تركية خالصة، إذ يعرض تماثيل لرموز تركيا من علماء وأدباء وفنانين كالشاعر يشار كمال والممثل كيفانش تاتليتوغ الذي اشتهر في العالم العربي بدور "مهند" والإمام الصوفي جلال الدين الرومي.

كما يضم تماثيل أخرى لرموز من الرياضيين كلاعب نادي برشلونة الإسباني والمنتخب التركي لكرة القدم أردا توران، ولشخصيات رائدة مثل صبيحة غوشكن أول قائدة طائرات تركية.

ويعرض المتحف أيضا تماثيل لشخصيات عالمية، منها "أبو النسبية" المتعدد الجنسيات ألبرت آينشتاين وهو يقف أمام لوح عليه طلاسم معادلاته الفيزيائية.

 كما يقدم نجوم الرياضة العالميين المعاصرين أمثال الراحل محمد علي كلاي ومهاجمي برشلونة الضاربين البرازيلي نيمار والأرجنتيني ليونيل ميسي، وشخصيات معروفة في السينما العالمية التي تجلى إبداعها بشخصية الغول الأسطوري "شريك".

ويعد متحف مدام توسو للتماثيل الشمعية أحد أهم المعالم الثقافية والفنية بالعالم، إذ تأسس في لندن عام 1835 على يد النحاتة الفرنسية الأصل ماري توساد التي بدأت بنحت تماثيل شمعية لرموز الثورة الفرنسية من أدباء وفنانين وضحايا قمع، ثم أخذ المتحف بالانتشار فافتتحت له فروع في 23 مدينة من كبرى مدن العالم، من بينها سبعة فروع في الولايات المتحدة وخمسة في الصين.

ويوم الاثنين الماضي افتتح الفرع الـ24 للمتحف بإسطنبول بعد أربع سنوات من العمل تم خلالها عقد لقاءات مع الكثير من الخبراء والعارفين بالتفاصيل اللازمة لنحت التماثيل بأقرب هيئة لأصحابها. ويعرض بالمتحف حاليا 55 تمثالا، وسيضاف لها ثلاثة أو أربعة تماثيل في كل عام.

وحصلت مجموعة مدام توسو في إسطنبول على أذون بإقامة التماثيل بشكل مباشر من أصحابها الذي ما زالوا على قيد الحياة، كما لجأت إلى ذوي الشخصيات المتوفاة وعائلاتها للحصول على الأذون اللازمة لتجسيد تلك الشخصيات في المتحف.