تونس – العرب اليوم
نظّمت جمعية جيران القمر للثقافة والإعلام التي يرأسها الكاتب والصحافي محمود حرشاني، يومي السبت والأحد، الدورة الثالثة لصالون القمر الثقافي في فضاء المركب الشبابي 17 ديسمبر/كانون الأول، بمشاركة عدد هام من الإعلاميين والمثقفين والمبدعين.
وتناولت ندوة فكرية موضوع إشكاليات الصحافة الجهوية في تونس بين الموجود والمنشود. ولدى افتتاحه لهذه الندوة، بيّن الإعلامي محمود حرشاني رئيس الجمعية، أنه تم اختيار هذا الموضوع نظرًا، لأهميته واعتبارًا إلى الفراغ الكبير الذي تركه انسحاب عدة صحف ومجلات جهوية وتوقفها عن الصدور بعد ثورة 14 يونيو/حزيران، في 2010، نظرًا لما اعترضها من صعوبات عديدة.
وبيّن أن البلاد في حاجة أكيدة إلى صحافة جهوية لتكون محملًا لمشاغل المواطن واهتماماته في جهته وأيضا أداة للتواصل وترسيخ الديمقراطية المحلية. وأكد أنه لا يمكن الحديث عن تحقيق تنمية جهوية ومحلية في غياب صحافة جهوية بعيدة عن تأثير الأحزاب أو اللوبيات المالية وتنقل بصدق مشاغل المواطن إلى جانب دورها الإعلامي والتربوي والثقافي. وأكد أن البلاد التونسية عرفت الصحافة الجهوية منذ مطلع القرن العشرين، ولم تكن تخلو ولاية من الولايات التونسية من صحيفة أو مجلة تصدر بها. وإلى وقت قريب كانت تصدر في الجمهورية التونسية أكثر من عشر صحف ومجلات جهوية اختفت كلها بعد الثورة، لأنها لم تجد الدعم من الحكومات التي تعاقبت إلى جانب ضعف واردات الإشهار وهو ما أثر على استمرارية هذه الصحف.
وقدّم الباحث محمود نجيب هاني مداخلة حول تاريخ الصحافة الجهوية في تونس، مؤكدًا ما كانت تزخر به البلاد من عناوين صحافية جهوية، مبرزًا ما كان يحدو الرواد من عزيمة للحفاظ على استمرارية هذه المجلات والصحف، مستعرضًا أهم العناوين التي استطاعت أن يكون لها حضور متميز في المشهد الإعلامي التونسي، مثل مجلات مرآة الساحل في سوسه والقنال في بنزرت وتعاضد وثقافة بقفصة ووشمس الجنوب بصفاقس والمشعل بتطاوين وصدى الصحراء بقبلي.
وأوضح أن المجلات التي استطاعت أن تصمد ويستمر صدورها لأكثر من ثلاثة عقود هي مرآة الوسط في سيدي بوزيد لصاحبها محمود حرشاني وشمس الجنوب لصاحبها علي البقلوطي بصفاقس والقنال ببنزرت لصاحبها صالح الدريدي. واستعرض جوانب من مسيرة مجلة مرآة الوسط الصادرة بسيدي بوزيد والتي انطلقت في البداية كجريدة جهوية ثم تحولت إلى مجلة وحققت انتشارًا كبيرًا ونجاحات مهمة مما دفعها إلى تأسيس مهرجان ثقافي سنوي باسمها وإصدار مجلة للأطفال بعنوان براعم الوسط. وبيّن أن كل هذه المجلات انقطعت عن الصدور بعد الثورة لأسباب مادية وغياب إرادة حكومية للعناية بهذه الصحف وعدم تنظيم سوقي الإشهار والتوزيع.
أما الباحث بلقاسم برهومي فقد قدم مداخلة بعنوان المضمون الثقافي في الصحافة الجهوية، مؤكدًا أن هذه المجلات قامت بدور مهم في مجال اكتشاف المواهب الأدبية وتشجيعها على الاستمرار في الكتابة. وقد تخرجت عديد الأسماء الكبيرة اليوم من المجلات الجهوية وتمرست بالكتابة فيها. ثم قدم الأستاذ الصادق شرف مدير مجلة الإخلاء ومؤسسها تجربته مع إصدار هذه المجلة التي تعد رائدة في مجال الصحافة الثقافية وهي اليوم من أقدم المجلات الثقافية وتحولت إلى مؤسسة ثقافية كاملة واتخذت منحى تخصيص إعداد قطاعية ومختصة أما بكاتب معين أو بمحور معين كما تحدث عن تجربته مع عديد المسائل وصعوبات النشر وقال إن وزارة الثقافة لا تقتني من مجلته اليوم أي عدد.
وعرض الكاتب والصحافي محمود حرشاني المدير المؤسس لمجلة مرآة الوسط تجربته مع إصدار مجلة مرآة الوسط التي صدر عددها الأول سنة 1981واستطاعت أن تواجه عديد الصعوبات ولكن بعد الثورة اضطرب صدورها. وبيّن أن الحكومة عليها أن توجه عنايتها لموضوع الصحافة الجهوية وتعيد العمل بالمنحة السنوية التي كانت تسندها لهذه الصحف، وتنظم سوق الإشهار العمومي بما يضمن للصحف الجهوية نصيبًا من الإشهار العمومي يساعد على التخفيف من التكاليف المادية.
وتحدث عن جملة التحديات التي واجهتها المجلة مثل سائر المجلات الأخرى وحملة الشيطنة التي تعرضت لها هذه الصحف بعد الثورة .
أما الإعلامي والصحافي لخضر صويد الذي تم تكريمه بالمناسبة اعتبارًا لثراء تجربته فقد تحدث عن علاقته بالصحافة الجهوية منذ بداية الستينات سواء مع الصحف الوطنية أو مجلات تم تأسيسها أو إصداره لمجلة شمس الجهوية باللغة الفرنسية في قفصة. واكد أنه كان دائمًا بحماس كبير وإيمان برسالة الصحافي في تغيير الواقع كما تحدث عن علاقته بالتمثيل والمشاركة في بطولات أفلام سينمائية تونسية وأجنبية ومساهمته في تأسيس عديد المجلات، رغم كونه ينتمي إلى قطاع الهندسة المعمارية، ومنها مجلة شمس باللغة الفرنسية بقفصة وتحريره للصفحة الأسبوعية الخاصة بولاية قفصة في صحيفة لاسيون.
وتحدث عن علاقته الشخصية بالصحافي محمود حرشاني، وقال إنه اكتشف موهبته في الكتابة باللغتين العربية والفرنسية منذ كان في بداية مرحلة التعليم الثانوي، وهو الذي نشر له أول مقال باللغة الفرنسية في صفحة قفصة بجريدة لاكسيون، وقال إن نشر ذلك المقال أحدث تحولًا كبيًرا في حياة شاب صغير مقبل على القراءة والمطالعة بنهم كبير، ليصبح اليوم واحدًا من أهم الصحافيين في تونس. وقال إنه فخور بتلميذه الذي تنبأ له مثلما تنبأ له أساتذته الأخرين بمستقبل كبير في الصحافة
وتم تكريم عدد من رواد الصحافة الجهوية والإعلام الجهوية، حيث تم تكريم الصحافي الكبير لحضر صويد مؤسس مجلة شمس والشاعر والإعلامي الصادق شرف أبو وجدان مؤسس مجلة الإخلاء والصحافي محمود حرشاني مؤسس مجلة مرآة الوسط، تم التكريم بمبادرة وإجماع من الحاضرين في الندوة، والصحافي علي البقلوطي مؤسس مجلة شمس الجنوب بالغياب، حيث تعذر عليه الحضور، نظرًا لتهاطل الأمطار يومها كما تم تكريم الصحافي شوقي الغانمي مدير مكتب لاوات في سيدي بوزيد والمنشط ومقدم البرامج الإذاعية بإذاعة المنستير رابح الفجاري، ومدير إذاعة الكرامة في سيدي بوزيد والصحافي محمد نجيب هاني عن الصحافيين الشبان والصحافي صالح السباعي.
وانتظمت أمسية ثقافية تم خلالها تقديم كتاب للدكتور فريد الصغيري، حول مشاغل الشباب وحمايته من خطر الوسائط الاتصالية ورواية المنعطف للكاتبة زهرة الظاهري. وانتظمت أمسية شعرية كانت ضيفتها الشاعرة فضة خليفة التي قدمت مجموعة من قصائدها، واشترك في الأمسية كل من الشاعر عبد السلام شعيبي، والشاعرة فتحية النصيري. وكان ضيف الأمسية المنشط الإذاعي رابح الفجاري. وفي اليوم الثاني للصالون انتظم مقهى ثقافي حول إشكاليات النشر والتواصل مع الجمهور بمشاركة الصحافي محمود حرشاني، والإعلامي رابح الفجاري والصحافي محمد نجيب هاني، والشاعرة فضة خليفة والباحث بلقاسم برهومي، والمدون ناجي الغربي والصحافي صالح السباعي والمدون سمير الطويل.