رام الله ـ العرب اليوم
كانت صورة السيد المسيح حتى فترة قريبة جدًا مزروعة في الأذهان انطلاقًا من إسقاطات الغرب في كتب التاريخ وكافة الإيقونات التي جعلت منه "صورة طبق الأصل" للإنسان الغربي الأبيض. جعلت تلك الصور النمطية المستمدة من رسوبات الحملات الصليبية من للسيد المسيح سحنة غربية شعره أشقر طويل القامة وجلدته بيضاء.
هكذا زُرِعَت صورة المسيح في العقول وتغلغلت في عقول البشرية ليبدو رسولًا يحمل الغرب صورته. وقد استفاد الغرب الاستعماري كثيرًا من هذه الصورة وتأثيرها على العالم الثالث على "الجنوب" في ظل قوته المادية والعسكرية، حتى أن الأيقونات المنتشرة في العالم العربي في فلسطين، بلد المسيح، وفي الشرق في لبنان في سوريا وفي العراق وكامل الشرق المسيحي كلها أيقونات تشبه المسيح "الرجل الغربي" الأشقر الأبيض طويل القامة. في الكنائس وبيوت المؤمنين في المدارس في الأديرة في كل مكان على الرزنامات المسيح أشقر شعره طويل وسحنته بيضاء.
لم يطرح أحد سؤالًا كيف أن "المغارة يحيط بها رجال ونساء وجوههم شرقية بينما المسيح ومريم لهما شكل غربية"؟ ولقد انكب علماء على هذا الأمر الذي يحمل تناقضًا علميًا بديهيًا لا يمكن لأي عالم أو أي فكر علمي أن يقبل به. نتيجة هذه الدراسات التي قام بها علماء جيولوجيون واختصاصيون في علم دراسة تطورات البشرية عبر التاريخ توصلت إلى أن السيد المسيح كانت له بشرة مخالفة جدا لكل ما نشر عنه سابقًا : فهو أسمر البشرة شعره أسود مجعد متوسط القامة .
واستعمل العلماء للوصول إلى هذه النتيجة علم الانثروبولوجيا الطبية الشرعية للوصول إلى شكل رجل شبيه بالرجال الذين عاشوا في الفترة التي تواجد خلالها السيد المسيح. واستعان الفريق أيضًا ببعض ما ورد في الانجيل من وصف للشعر وما ذكره القديس بولس في رسالته إلى أهل كورنثوس الذي عاب فيها على الرجال طول الشعر.رغم أن العلماء لم يخلصوا إلى نتيجة حاسمة بالنسبة للجسد وحجمه إلا أنهم اعتمادًا على دراسات انتروبولوجية سابقة حول الإنسان "السامي" في منطقة فلسطين ما بين البحر والنهر وبعد تحليل بعض الهياكل العظمية التي وجدت في المنطقة فهم توصلوا إلى أن السيد المسيح لا بد أن تكون قامته بحدود الـ ١٥٥ سنتيمتر ويزن نحو ٤٩ كيلوغرام.
سوف تصدم هذه الدراسة الغرب وبشكل خاص أوروبا البيضاء وبشكل أخص الأوساط اليمينية المتطرفة التي تعادي المهاجرين على أساس اثني وديني. ولا بد أن تصدم هذه الدراسات ما أن يتوسع الحديث عنها الطبقة السياسية والناشطون في أوساط اليمين الذين يطالبون بتوقيف وتفتيش المارة حسب لون وجههم لأنه لو كان السيد المسيح مارًا اليوم أمام مقر الجبهة الوطنية المتطرفة حزب مارين لوبن لكانت الشرطة أوقفته وطالبته بإبراز هويته أو ورقة إقامته.