بغداد ـ العرب اليوم
اختُتم في بغداد أمس الاربعاء، الملتقى الشعري العربي العراقي، بحفل نظمه الإتحاد العام للادباء والكتاب في العراق. واستمر الملتقى الذي حمل شعار "سيعشب العراق بالمطر" يومين، وتميز حفل الافتتاح الذي اقيم الثلاثاء على المسرح الوطني، بحضور لافت للأدباء والمثقفين والإعلاميين وفرق غنائية وموسيقية، فضلاً عن محبي الشعر من مختلف فئات المجتمع العراقي.
وبدأ الحفل بكلمة للشاعر عمر السراي بعنوان "ما الذي سيحدث لو أن الحياة من دون شعر؟ وقال فيها: "نيابة عن الورود الشجر، نيابة عن الربيع والعشاق ، نيابة عن قطعة حلوى يخطفها متكرش كريه ويتمناها فقير بعيد ، نيابة عن العثرات التي تفككها الكلمات القاتلة ، نيابة عن كل شيء استجاب للقصيدة .. ما الذي سيحدث لو أن العالم من دون شعر من دون حب ولوعة وغرام؟ سيحدث أن الشعر سيكون موالاً وحديقة وأغنية ورقصة… سيحدث أن يكون الشعر مدينة … سيكون الشعر كل شيء في زمن كل ما فيه لا شيء … فحافظوا عليه أيها الشعراء …".
و أضاف السراي الذي ادار حفل الافتتاح ، في كلمته المعبرة وتعليقاته الشعرية" ضعوا شاعراً في كل شيء ومع كل شيء … ضعوا شاعراً خيمة تأوي كل نازح وشهيد …ضعوا شاعراً مائدة لكل جائع .. لكنكم وبصبركم وبوجودكم ستحولونه ليس لكم إنما للجميع. فأنتم الجميع..”.
بهذه الرؤى ذهب شعراء العراق والعرب بكلماتهم ، وهم يعيشون أجواء الملتقى الشعري العربي العراقي الذي تحتضن بغداد الشعراء والصور اماسيه واصبوحاته الجميلة .
وقال الأمين العام للاتحاد العام للأدباء الشاعر إبراهيم الخياط لـ"العرب اليوم" : إن الملتقى الشعري العربي يعد ملتقى عربيًا عراقيًا للشعر، وبالتأكيد إن التسمية أتت لان العرب مشاركون، وهو يتزامن مع اليوم العالمي للشعر، استنادا إلى ما أقرته منظمة اليونسكو بمبادرة من العرب، وتحديدا في الملتقى الشعري الفلسطيني، فكان هناك شعراء مثل محمود درويش وعز الدين المناصرة عام 1997 في باريس طرحوا هذه المبادرة، وهكذا كان اعتماد هذا التاريخ، ولكن لأول مرة يتم الاحتفاء بهذه المناسبة في العراق بهذا الشكل الثقافي الكبير، إذ كانت سابقا تعقد جلسات، ولكن هذه المرة ونحن نفتخر إن اتحاد الأدباء والكتاب يقوم بنفسه بهذه المهمة، وان الدعوات لم تقتصر على الشعراء العرب فحسب، وإنما لطيف من شعراء العراق المهمين الذين يسكنون المحافظات.
أما الشاعر السوري هاني نديم فقال: إن زيارته الحالية ليست الأولى للعراق وإنما العاشرة، لذلك فهو يجد في العراق على انه بلده، ذاهبا إلى انه لا شعر دون بغداد، وان مشاركته في حفل الافتتاح يعد مفرحا بالنسبة له."
ووصف الشاعر العراقي ياس السعيدي الاحتفال ، بأنه "لشيء جميل أن يحتفى بالشعر ولاسيما في العراق، في هذا الزمن غير الشاعر، وفي هذا البلد الذي يريدون أن يصورنه على انه ليس شاعر، فاليوم مؤسسات كبرى تحاول أن تسرق سيادة الشعر العراقي، ومثل هذه الملتقيات لا أقول إنها إعادة إثبات ذاتها، وإنما هي إثبات بديهية ، وهو إن الشعر عراقي سيبقى عراقيا، وأظن وفق هذه المعطيات التي أراها من جيل أو جيلين من الشباب سيبقى عراقيا لفترة طويلة. وحضوري قبل الدعوة لدعم المشروع ، وهذا واجب إنساني قبل أن يكون شعري".
بدوره رأى الشاعر اللبناني مهدي منصور ، أن "الشعر العربي يأبى إلا أن يجرب قصائده في العراق، فإذا اخذ الضوء الأخضر من الجمهور العراقي، ومن المشهد الثقافي العراقي فبإمكانه أن يؤسس لمشروع شعر، وبالنسبة لي لطالما أرى في العراق انه عائلتي، ولدي أهل وأقارب وشعراء في العراق، وعندما جئت إلى المربد قبل عامين ورأيت كيف أن الشعر احتشد في العراق، وان الجنوب العراقي كان مزدهرًا فقلت كيف بغداد، واليوم احمد لله أن في هذه المناسبة الكونية التي تمر فيها الشمس في 21/ 3 ويتساوى بها الليل بالنهار، أي يتساوى بها الحب والإبداع والجمال في المسرح الوطني".
وأشاد رئيس الإتحاد العام للأدباء والكتاب الاستاذ ناجح المعموري في كلمته بالجهود المتواصلة لبث الروح من جديد في الثقافة العراقية قائلاً : "بذلنا جهداً من أجل استعادة الحياة لمساءات بغداد الجميلة التي هاجرتنا منذ زمن بعيد .. ومساءات بغداد شعرية وتنتمي للعناصر المكونة للشعر".
وقد تحدث المعموري عن جنوبية الشعر العراقي وعتباته الأولى في التاريخ . وأضاف أن بلاد سومر كانت كبيرة جداً، وابتكرت أيضا فوق حواس الشعر كلا من الغناء والموسيقى. وان سومر أحد العناصر التي تنطوي عليها مقولة " أن السلوك هو الروح والشعر هو السومر في العراق".. مختتما كلمته بأننا (لا نحيا في العراق بعيداً عن الشعر وبعيداً عن الجمال .. نحنن الأبناء الورثة لامتداد سومر . عندما استلمنا منها واغنينا الوسط والشمال بالموسيقى والغناء والرقص".
يذكر ان منهاج الملتقى ضم عدداً من النشاطات الثقافية، منها عزف وغناء لفرقة انغام الرافدين للتراث الموسيقي العراقي التي يرأسها الفنان طه غريب.. إذ تعرف الحضور من خلال اغانيهم وعزفهم على الطرب الأصيل الذي أشتهر به العراق عبر غناء عدد من الاغاني المشهورة والمقام العراقي لبعض الفنانين العراقيين فضلا عن قراءة الشعر والأبوذيات فصدحت الفرقة باغاني مثل "أحبك بغداد" و "أنا المغني".
وتضمَّ فرقة انغام الرافدين للتراث الموسيقي العراقي كلا من الفنانين صباح هاشم، ستار ناجي، محمد خليل و صباح كاظم. كما وشارك في حفل الافتتاح ايضا عدد من الشعراء العراقيين والعرب وهم د. محمد حسين آل ياسين، موفق محمد، كاظم الحجاج ، والمصري إيهاب البشبيشي، والسوري هاني نديم، واللبناني مهدي منصور .
أما اليوم الثاني ضم منهاج اليوم الثاني 22 آذار جلستين شعريتين بدأت الاولى في الساعة الحادية عشر صباحا على قاعة الجواهري في مبنى الإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق .
وبحضور نخبة من المثقفين والشعراء والنقاد، واستهلت القراءات الشعرية بقراءة للشعراء ، وتخلل الجلسة توزيع الألواح والشهادات التقديرية للمشاركين في الملتقى واختتم الملتقى بحفل الغناني قدمه الفنان طلال علي. وقد أبدت اللجنة التحضيرية المكونة من الأدباء عارف الساعدي، مروان عادل حمزة ، جمال جاسم أمين، رياض الغريب ،آشور ملحم ، وعمر السراي عزمها على أن يكون الملتقى الشعري العربي العراقي من أهم الخطوات في محاربة الإرهاب. إذ يسعى أدباء العراق إلى أن تكون الثقافة سلاحاً ضد هذا الإرهاب عبر الحب والجمال.