معرض الشارقة الدولي للكتاب

 تزّينت جدران وردهات معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي انطلق هذا العام في دورته السابعة والثلاثين بمجموعات متجانسة من حروف اللغة اليابانية، هذه الحروف التي تحمل في طيّاتها إرثاً تاريخيّاً كبيراً، يمزج بين العراقة اللغوية، والأبعاد الثقافية للحضارة اليابانية التي يحتفي بها المعرض هذا العام ضيف شرف دورته التي تستمر حتى العاشر من نوفمبر الجاري في مركز أكسبو الشارقة.

وبما يجسّد الشعار الذي رفعه المعرض هذا العام "قصة حروف"، يحتفي الحدث بالحروف بأشكالها المختلفة، فتجد الحرف الياباني إلى جانب الحرف العربي والإنجليزي، ليمزجا معاً لوحة بصرية تدل على حرص هيئة الشارقة للكتاب الجهة المنظمة للمعرض على مدّ جسور التواصل الحضاري والإنساني مع مختلف الثقافات العالمية.

وتشارك اليابان في الحدث ضمن جناح خاص تستعرض فيه خطوط ومميزات الثقافة اليابانية لزوّار الحدث، حيث أعدّت منصات تعرّف بالأدباء والكتّاب والفلاسفة اليابانيين إلى جانب إتاحة الفرصة للزوار بالتعرّف على ملامح ثقافية خاصة تمتاز بها الحضارة اليابانية وتتحدث في حضورها عن تاريخ مليء بالآثار والكنوز الإنسانية، إلى جانب استعراض ثقافات الطهي وغيرها من المظاهر الثقافية والمجتمعية اليابانية.

ومن هذه المنصات، خصّص الجناح ركناً تتواجد فيه المدربة "تاكي كودايرا، التي ترتدي الزّي الشعبي الياباني التقليدي "الكيمونو"، التي تستقبل الزوار بابتسامة وتحية، تمسك بين يديها "ريشة" الكتابة الخاصة، لترسم بالحروف اليابانية "الكنجي" أسماء الزوّار الذين اصطفوا بدهشة مراقبين هذا النوع من الفنون الإبداعية.

وبين دهشة هنا وابتسامة هناك تخوض كودايرا حديثاً شيّقاً مع الزوّار لتعرّفهم على تاريخ هذا النوع من الكتابة التي تقترب بمفهومها من فنّ الخطّ العربي، هذا القاسم المشترك الذي تجتمع حوله معظم الثقافات حول العالم خاصة التي تمتاز بتاريخ متميز على صعيد رسم الحروف وصفّها، واستعراض خصوصيتها وما تتضمنه من أشكال وزوايا، وغيرها مثلما ينطبق على الحرف الياباني ذو الخصائص العديدة.

ثقافة الكتابة اليابانية

وتعدّ اللغة اليابانية واحدة من اللغات المهمة حول العالم، تجمع ما يقارب 3 آلاف حرف في تركيبتها، وينطق بها ما يزيد عن 130 مليون نسمة، حيث يصنّف الباحثون هذه اللغة على أنها "لغة معزولة" ولكن البعض يصنفها من اللغات "الألطية" أي أنها سمّيت نسبة إلى جبل ألطاي في آسيا الوسطى، وتضمّ اللغة التركية، والمنغولية (اللغة الرسمية لجمهورية منغوليا وتسمى بلغة الخالخا)، في وقت اختلف جانب من العلماء على أن اليابانية والكورية هي من اللغات الألطية ما جعلها في موضع شكّ.

تقنيات

وبالرغم من أن اليابانية كانت تُكتب من اليمين إلى اليسار كاللغة العربية في فترة من الفترات، إلا أنها تُكتب حالياً من اليسار إلى اليمين، ومن الأعلى إلى الأسفل، وهناك نظامين لكتابة هذه اللغة، الأولى هي "الكانجي"، وهي رموز مأخوذة من اللغة الصينية تعبر عن كلمات كاملة يعود تاريخها إلى القرن الخامس الميلادي، حيث استوردت من الصين في أثناء نقل الديانة البوذية إلى اليابان كون اليابانية آنذاك كانت لغة صوتية، لكن خبراء اللغويات ومن خلال مقاطع الكانجي أحدثوا عليها تغييرات طفيفة، حيث أشاروا إلى أن عدد الكلمات قبل الحرب العالمية الثانية يفوق الأربعين ألف رمز، لكن الولايات المتحدة بعد هزيمة اليابان أجبرتها على تقليص عددها إلى ما يفوق الألفين بقليل.

أما النظام الثاني هو نظام "الكانا" وينقسم إلى فرعين: "الهيراغانا"، وهي أحرف لكتابة الكلمات القواعدية بالإضافة إلى الكلمات من أصل ياباني عوضاً عن الكلمات من أصل صيني، والثاني هو "الكاتاكانا"، وهي أحرف ذات أشكال مختلفة عن أحرف الهيراغانا لكنها تلفظ مثلها تماما وتستعمل عادة لكتابة الكلمات من جذور غير يابانية وأغلبها الكلمات الدخيلة من اللغة الإنجليزية.

وتذكر السجلات التاريخية أن الرموز الصينية قدِمت إلى اليابان عبر الأختام والسيوف والعملات المعدنية والمرايا وغيرها من البضائع المستوردة من الصين، إبان فترة حكم الإمبراطورة "سويكو" حيث بدأ إرسال بعثات دبلوماسية كاملة إلى الصين مما نشأ عنها زيادة في معرفة القراءة والكتابة بالصينية في البلاط الياباني، في الوقت الذي استوردت فيه الرموز الصينية كان لا يوجد نظام كتابي للغة اليابانية وكانت النصوص تكتب وتقرأ بالصينية فقط.