الصحابي "الأصيرم"

استجاب عدد كبير من أهل مكة والمدينة لدعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم للدخول إلى الإسلام، منهم من أمهله القدر ليعيش مع النبي ويتعلم منه مبادئ الدين الإسلامي وفروضه، ومنهم من لم يمهله القدر لأداء هذه الفروض، كالصحابي الجليل عمرو بن ثابت الملقب بالأصيرم الذي استشهد عقب إسلامه مباشرة فشهد له النبي بالجنة. من هو الأصيرم؟ هو عمرو بن ثابت بن وقيش، من بني الأشهل، ويقال أقيش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل الأنصاري، وكان يلقب بالأصيرم، دخل الإسلام يوم غزوة أحد، وعن أنس بن مالك عن أسيد قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل". شهد له النبي بالجنة ولم يصلّ قط أسلم عمرو بن ثابت يوم غزوة أحد، فشارك في الغزوة مع المسلمين وظل يقاتل المشركين حتى استشهد، ولم يمهله القدر أن يصلى لله صلاة واحدة. وكما رواه أحمد وحسنه ابن حجر، قال "حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة قال كان يقول حدثوني عن رجل دخل الجنة لم يصل قط، فإذا لم يعرفه الناس سألوه من هو؟ فيقول أصيرم بني عبد الأشهل عمرو بن ثابت بن وقيش قال الحصين فقلت لمحمود بن لبيد كيف شأن الأصيرم؟ قال كان يأبى الإسلام على قومه، فلما كان يوم أحد وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد، بدا له الإسلام فأسلم، فأخذ سيفه فغدا حتى أتى القوم فدخل في عرض الناس فقاتل حتى أثبتته الجراح، فقالوا والله إن هذا الأصيرمِ ما جاء به؟، لقد تركناه وإنه لمنكر هذا الحديث، فسألوه ما جاء بك؟ فقال قالوا ما جاء بك يا عمرو أحربا على قومك أم رغبة في الإسلام؟ قال بل رغبة في الإسلام، آمنت بالله وسوله وأسلمت، ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتلت حتى أصابني ما أصابني قال: ثم لم يلبث أن مات في أيديهم، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "إنه لمن أهل الجنة". 

وقبل أن يسلم عمرو، كان يمنعه من الدخول للإسلام، أن له مالا من الربا، فخاف أن يدخل الإسلام قبل أن يأخذه، حتى شرح الله صدره للإيمان يوم أحد، فعن أبي سلمة عن أبي هريرة قال "إن عمرو بن أقيش كان له ربا في الجاهلية، فكره أن يسلم حتى يأخذه، فجاء يوم أحد، فقال أين بنو عمي؟ قالوا بأحد، قال أين فلان، قالوا بأحد، قال فأين فلان قال بأحد، فلبس لامته، وركب فرسه، ثم توجه قبلهم، فلما رآه المسلمون قالوا إليك عنا يا عمرو، قال إني قد آمنت، فقاتل حتى جرح، فحمل إلى أهله جريحا، فجاءه سعد بن معاذ فقال لأخته سليه حمية لقومك أو غضبا لهم أم غضبا لله؟ فقال بل غضبا لله ورسوله فمات، فدخل الجنة وما صلى لله صلاة".