الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد

أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد أن في الدين الإسلامي شرائع محكمة لتحقيق التكافل بين أبناء الأمة، وتنشئة النفوس على فعل الخير، وإسداء المعروف، والوعد على ذلك بعظيم الأجر وجزيل الثواب، مشيرًا إلى أن شهر رمضان المبارك هو شهر البذل والجود والكرم والمواساة وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس في المسجد الحرام: الحديث عن الجود في شهر الجود حديث لا ينقضي منه العجب، وكيف ينقضي العجب ونبي الجود عليه الصلاة والسلام جوده كالريح المرسلة، وهو أجود ما يكون في شهر رمضان وليس الجود بذل المال فحسب، بل هو مفهوم أوسع وأشمل، فالجود والكرم والسخاء كلمات يفسر بعضها بعضا، ويدل بعضها على بعض كلمات كريمة تطلق على كل ما يحمد من أنواع الخير والشرف والعطاء، قال بعض أهل العلم: "الكرم اسم واقع على كل أنواع الفضائل، ولفظ جامع لمعاني السماحة والبذل والنوائل" والله جواد كريم يحب الجود والكرم ويحب مكارم الأخلاق، ومن عظمت نعم الله عنده عظمت مؤونة الناس عليه، ومن لم يحتمل تلك المؤونة عرض النعمة للزوال.

وأضاف قائلًا وأكرم الناس أتقاهم، وأكرم الرجال نبي الله يوسف عليه السلام، فهو الكريم بن الكريم بن الكريم، وما ذلك إلا لأنه اجتمع له شرف النبوة، والعلم، والعفة، وكرم الأخلاق، والعدل، ورئاسة الدين والدنيا، فالكرم أيها الصائمون الكرام، والجود أيها القائمون الأجواد: مفهوم واسع، يكون العبد كريما مع ربه بصلاح العقيدة وإحسان العبادة، وتجريد الإخلاص، وكريما مع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بحسن الاقتداء والمتابعة، والحب، والتوقير، وكريما مع نفسه بإبعادها عن مواطن الذل والمهانة، وكريما مع أهله وأقاربه ومع الناس أجمعين، بحسن المعاملة والبذل والبر والتحمل، فمن ضحى براحة جسمه وبذلها تعبا وكدا في مصالح الناس ومصالح إخوانه فقد بذل غاية الكرم وأردف فضيلته يقول: من صرف الأوقات في خدمة المحتاجين فهو الجواد الكريم، ومن بذل جاهه في سبيل الخير والشفاعة الحسنة، ونصرة المظلوم، ورفع المظالم، وإعانة الضعيف، ومشى مع الضعفاء لذوي السلطان والجاه فهو الكريم ومن أسقط دينه الذي على أخيه، وأبرأ ذمته فهذا غاية الجود ناهيكم بسخاء النفس بسمو أخلاقها بِشرًا وتبسمًا، وصبرًا ورفقًا، وعفوًا وتحملًا، وبعدًا عن الحسد، والغل، والشحناء شعاره ودثاره، حُبَّ لأخيك ما تحب لنفسك، يفرح لفرح إخوانه، ويحزن لحزنهم، ويتعفف عما في أيديهم كرم في المال وبذله، وكرم في العلم ونشره، وكرم في النصيحة وتقديمها، وكرم في النفس وجاهها، وكرم في القوة بإعانة الضعفاء، وأكرم الكرم حسن الخلق.