مؤتمر ثقافة الطفل والهوية العربية

اختتم مؤتمر "ثقافة الطفل والهوية العربية: تحديات ورهانات"، الذي نظمته وزارة الثقافة والفنون والتراث، ممثلة في جائزة الدولة لأدب الطفل، أعماله اليوم والذي استمر يومين في فندق شرق بمشاركة نخبة من الباحثين والأكاديميين العرب العاملين في الجامعات ومؤسسات الطفولة العربية من قطر و مصر والأردن والمغرب وتونس والكويت والعراق والسعودية والبحرين والجزائر والسودان وسوريا. 

ودعا المشاركون في البيان الختامي للمؤتمر الجهات الرسمية المعنية بثقافة الطفل إلى وضع معايير قياسية لجودة النصوص الأدبية التفاعلية الإلكترونية، من حيث القيمة الفنية والمحتوى وطريقة العرض، على أن تراعي الشركات والمؤسسات المنتجة هذه المعايير وتلتزم بها، وتشجيع الباحثين على إجراء المزيد من الأبحاث والدراسات على وسائط الثقافة الإلكترونية التفاعلية بجميع أشكالها ومصادرها، وحث الباحثين والمؤسسات على تبني مشاريع تثقيفية كبرى للطفل العربي تكون ذات طابع إجرائي أسوةً بالمشاريع الكبرى في الدول المتقدمة، مشددين على ضرورة تشديد العقوبة على الكتاب الذين يناقشون في كتاباتهم الإعاقة من خلال تصوير المواقف السلبية والممارسات الاجتماعية والثقافية الخاطئة السائدة في المنطقة العربية.

 وطالب المشاركون الجامعات العربية بإدراج مقرر دراسي عن أدب الطفل ضمن خطط أقسام اللغة العربية، وأن يتم استخدام النصوص التفاعلية الهادفة في العملية التعليمية وتصميم المناهج الإلكترونية وبخاصة للمرحلة الابتدائية، والعمل على تحفيز الباحثين للاهتمام بالجانب التطبيقي في تثقيف الطفل العربي، وعدم الوقوف عند التنظير ومحاورة المناهج الغربية الحديثة، واختيار ما يناسب أدب الطفل العربي وأسئلة الثقافة العربية التي تحفظ الهوية العربية والإسلامية، وضرورة إعادة الاعتبار للنصوص الأصيلة التي نظمها كبار الشعراء العرب من أجل تنشئة الطفل العربي؛ لأنها من ناحية تذكّر بالقيم الأصيلة، ومن ناحية ثانية تسهم في الحفاظ على اللغة العربية الفصيحة. 

كما دعا المشاركون وزارة الثقافة والفنون والتراث في قطر إلى عقد المؤتمر بشكل دوري في أدب الطفل وأن تنشئ الوزارة صفحة إلكترونية على موقعها تعنى بدراسات أدب الطفل، مهمتها خلق حوار بين الباحثين المشاركين وغيرهم من المعنيين، وإصدار البحوث المقدمة للمؤتمر في كتاب يثري المكتبة النقدية. 

وكان المؤتمر قد شهد خلال خمس جلسات علمية عرض 22 بحثا تناولت كافة محاور المؤتمر وهي بناء ثقافة الطفل في تجارب الأدباء والمؤسسات، القراءة وسبل تعزيز التثقيف الواعي للطفل، أهمية النصوص الأدبية في تثقيف الطفل العربي، المد الإعلامي وتأثيره في تثقيف الطفل العربي، الثقافة الالكترونية: مصادر وفرص وتحديات، الثقافة والأشخاص ذوو الإعاقة. وقد شهد اليوم تقديم العديد من البحوث والأوراق العلمية لمؤتمر ثقافة الطفل والهوية العربية، ففي الجلسة الأولى اليوم برئاسة الدكتورة أسماء عبدالله العطية قدم الدكتور المصطفى مبارك إيدوز أستاذ دكتوراة في الآداب والعلوم الانسانية جامعة الحسن الثاني بالمغرب بحثا بعنوان "نحو خطة واضحة المعالم لتمكين ذوي الإعاقة من حقوقهم الثقافية، تحقيقا للكرامة البشرية، وبناء لمجتمع العدل والمساواة"، أكد فيه ضرورة تمكين هذه الفئة من المجتمع من حقوقها العامة، وخصوصًا الحقوق الثقافية، مشيرا إلى انه على المستوى الغربي أو العربي، مازالت هذه الفئة محرومة من عدد من الحقوق التي تسعفها في الاندماج بشكل فعال داخل المجتمع، إضافة إلى حرمانها من حقوقها الثقافية، التي تمكّنها من إثبات هُويتها الخاصة وتحقيق ذاتها.وتناولت الدكتورة آمنة سلطاني أستاذ القانون العام بجامعة الشهيد حمه لخضر الوادي بالجزائر في بحثها دور التشريعات العربية في حماية الحقوق الثقافية للطفل، لافتة إلى اهتمام الدول العربية بالطفل من خلال توقيعها على الميثاق العربي لحقوق الطفل لسنة 1983، بالإضافة إلى الكثير من تشريعاتها الوطنية التي أكدت الاعتراف للطفل بالعديد من الحقوق ولاسيما الحقوق الثقافية والتربوية.وجاء بحث "تحديات الثقافة والهوية في أدب الإعاقة الموجه للطفل العربي" للدكتورة صباح عبد الكريم عيسوي أستاذ مشارك- قسم اللغة الإنجليزية- جامعة الدمام- السعودية والذي أكدت فيه أن للطفل ذي الاحتياجات الخاصة الحق في التمتع بالفوائد التي يحققها الأدب بل إنه أحوج من غيره لأدب يتماهى معه، ويعالج قضاياه ويطرح له السبل المثلى لتعاطي الحياة في نفس الوقت الذي يعرف به وبسماته النفسية وبحاجته للاندماج في مجتمع يقّدر الاختلاف ويسعى لقبول الآخر.

وخلال الجلسة الأخيرة التي أدارها الدكتور إبراهيم النعيمي، رئيس كلية المجتمع، تحدث الدكتور عبدالله عدوي أستاذ الإعلام (من فلسطين)، عن دور الإعلام الجديد في تثقيف الطفل العربي، مشيرا إلى قلة التطبيقات باللغة العربية في عالمي الأندرويد والأبستور الموجهة للصغار مقابل الإنجليزية، ومحذرا من خطورة التطبيقات الأجنبية على الهوية العربية.وتعمق الباحث التونسي ناجي بن محمد الثباب في الموروث الشعبي ودوره في تجذير هوية الطفل العربي، داعيا إلى تصالح الأطفال مع موروثهم الثقافي والشعبي والنظر إليه نظرة إيجابية.أما موضوع: الثقافة الإلكترونية: مصادر وفرص وتحديات، فكان موضوع بحث الدكتور عماد عبدالباقي من مصر والأستاذ بكلية الآداب جامعة قرامان بتركيا، وأكد فيه أن ابتعاد الأبوين عن الأطفال وتركهم للهواتف المحولة كمصدر للتلقي والثقافة والترفيه يؤدي إلى أطفال كسالى ضعيفي التركيز ويتسمون بالانطوائية وان معلوماتهم تكون مشوشة لا تستند على أساس علمي. وقدم سامر إبراهيم باخت من السودان عرضه بعنوان "نحو دور فاعل في المكتبة المدرسية في تثقيف الطفل وربطه بهويته"، ليكون الختام مع مشاركة حارث قحطان من العراق حول "كيفية الحد من تأثير مشاهد العنف في سلوكيات الطفل العربي".

وكان المؤتمر ناقش في جلساته السابقة عددا من الأوراق البحثية المهمة ومنها بحث بعنوان "دراسة واقع ثقافة الطفل في المجتمع القطري" قدمته  د. هدى بشير خبير بإدارة البحوث والتطوير بالمركز الثقافي للطفولة عن دراسة أعدها المركز للتعرف على واقع ثقافة الطفل في المجتمع القطري، وذلك من وجهة نظر الأطفال أنفسهم ومن وجهة نظر أولياء أمورهم، وكذلك من وجهة نظر العاملين مع الأطفال في المؤسسات الثقافية والتعليمية أو المعنية بثقافة الطفل وتنشئته بشكل عام. وأثبتت نتائج الدراسة اعتزاز معظم الأطفال بهويتهم من خلال حماسهم وتمسكهم برمز الدولة (العلم) وحماسهم للنشيد الأميري وحرصهم على المشاركة في الشعائر الدينية، كما أكد أولياء أمورهم على مشاركتهم في المناسبات الوطنية بفخر وحماس، واحترامهم للعادات والتقاليد المجتمعية. 

وأثبتت النتائج أن الأطفال في قطر يدركون أهمية التعليم كحق لكل مواطن، كما تبين إدراكهم لبعض مواد دستور قطر، إلا أن هناك قصورًا لدى الأطفال في متابعة الأخبار المحلية والعالمية والتعرف على الثقافات الأخرى والتعايش معها، كما أثبتت النتائج الاتجاه الإيجابي لدى الأطفال نحو ثقافة مساعدة الآخر، وأهمية الإتقان في العمل، والقيم الأخلاقية.ودعت الدراسة إلى تقديم برامج ثقافية تعمل على زيادة الانتماء الوطني، وتفعيل الأنشطة التراثية، لدعم الهوية الوطنية والدينية للطفل القطري، والتأكيد على غرس اللغة العربية في نفوس الأطفال والاعتزاز بها وتشجيعهم على استخدامها.

وحذرت ورقة الباحثة السعودية سارة عبدالرحمن الشهري التي حملت عنوان: تأثير الأنمي الآسيوي في هوية الطفل العربي من أن إقبال الأطفال على مشاهدة الأنمي الآسيوي (رسوم الأطفال اليابانية والكورية) له تأثير كبير على عقول الأطفال وتوجيهها أخلاقيا مما يجعلهم يرتبطون أكثر بالثقافة الآسيوية الوافدة، ويقوم بتقليدها ومحاكاتها مما يخلق في المستقبل جيلا غير قادر على حماية هويته الثقافية.وقدم الدكتور فايد محمد من الجزائر ورقة بحثية بعنوان "أثر الأداء اللّغوي في القنوات الفضائية الموجهة للأطفال على الطفل العربي، عمدت إلى تسليط الضوء على تعامل القنوات الفضائية الموجهة لأطفال العالم العربي مع اللغة العربية، مشيرا إلى الدور المهم لوسائل الاتصال الحديثة في تنمية المحصلة اللغوية عامة.

وقدم الدكتور محمد فارضي أستاذ اللسانيات بجامعة الحسن الأول بالمغرب ورقته بعنوان تكنولوجيا الإعلام والتواصل والطفل: أي علاقة ؟ وهدفت إلى فهم وتحليل جوانب العلاقة بين تكنولوجيا الإعلام والتواصل وتربية الطفل في إطار المرحلة الحضارية المعاصرة، انطلاقًا من فرضية شمولية الإعلام واتساع مجالاته، وتطور وسائل وتكنولوجيات التواصل، والتحديات التي تعيشها الأسرة والمدرسة في العالم العربي. 

وتناول الدكتور جليل وداي حمود الجبوري من العراق موضوع أغاني الأطفال المبثوثة في القنوات الفضائية العربية المتخصصة بهدف الوقوف على طبيعة تلك القيم التي يراد لها أن تنغرس او تتعزز لدى الأطفال، فضلا عن الكشف عن مدى المساهمة في تشكيل الهوية العربية الإسلامية التي نريد لها الرسوخ في عقول الأطفال.   وتناول الباحث الدكتور فتحي حميدة أستاذ الطفولة المبكرة المشارك بقسم العلوم النّفسية  كليّة التّربية في جامعة قطر في بحثه دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تثقيف أطفال ما قبل المدرسة، داعيا إلى دعم تنمية ثقافة الطفل عبر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتوسيع نطاقها، ولكن مع إيجاد ضوابط لاستخدامها.