بغداد – نجلاء الطائي
شهد الصالون الثقافي للدكتور القاضي وائل عبد اللطيف، محاضرة للروائي صادق الجمل، تناول فيها تاريخ الرواية العراقية في مائة عام، بحضور مثقفين وإعلاميين، كتّاب وأساتذة وأكاديميين.
وأدار الجلسة المهندس والباحث حامد رويد، مستهلاً بمقدمة، أكدّ فيها أهمية هذه المجالس والمحاضرات في إثراء وإغناء المشهد الثقافي والمعرفي في الساحة العراقية، واصفاً هذه المجالس بالأسواق المعرفية فهي تأخذ وتعطي المعلومات مجاناً.
وقال رويّد: "إنّ عالم الرواية ينتمي إلى جنس السرد القصصي، ففي القرن الثامن عشر ظهرت أولى محاولات السرد على يد القاص البريطاني دانيال، ومن ثمّ دخل الروس ومنهم ديستوفسكي وتولستوي، وبعدهم الفرنسيين، أمّا في البلدان العربية فتمثلت بسليمان فيضي والبعض الأخر يقول بدأت عند أحمد محمود".
بدوره تحدث المحاضر الروائي صادق الجمل، عن ماهية الرواية، قائلاً: "هي جنس من أجناس الأدب وأكبرها حجماً، فهي بمثابة سوق وباقي الأجناس محاولات في هذا السوق".
وقدم الجمل عرضاً تاريخياً أستعرض فيه بداية نشوء الرواية العربية، فالتاريخ الروائي يذكر أنها انطلقت من لبنان متمثلة بأنور بوشداق، أما القصة فقال عنها إنها عراقية بحتة، متمثلة بألف ليلة وليلة ومقامات الحريري.
وعن بداية نشوء الرواية العراقية ذكر المحاضر، أنها بدأت عام 1916، وعندما شعر العراقي بالاستغلال عند دخول القوات البريطانية إلى العراق، فقد شاهد العراقي المحتل واحتك به مما أدى إلى استيقاظ الحركة التأسيسية، موضحاً:" إنّ أول من تصدى لكتابة الرواية هو سليمان فيضي، فقد قدم أول رواية عام 1916، وكتب فيضي معاناة المعتقل والمحتجز في السجون، وألف مجموعة البصرة العظمى وبقي حتى عام 1951 منتجاً اجتماعيا وقدم سيرة وطن، أما المرحلة التي تلته فتمثلت بجعفر الخليل وسامي خوندة، ولابد أن نذكر أن الرواية بعد عام 1927، بدأ بأحمد محمود السيد".
وأكدّ المحاضر إنّ جيل السيد قدم كثيراً وكثيراً جداً من أعمال أسست لما قدمه جيل الخمسينيات والستينيات، وهنالك إبداعات لبعض العراقيين، وهذه الومضات تؤسس للرواية منهجاً وطريقاً، فالسيد كان كاتباً ومبشراً جمع لفنون الرواية، معرجاً على أهم كاتب وهو غائب طعمة فرمان الذي أكتشفه الأوربيين عندما كتب روايته الخالدة التي بقيت مشعة حتى بعد رحيله "النخلة والجيران" والتي تحاكي نفس المعاناة وتسلط الضوء على رحاب الدين والانتهازيين" .
وأشار المحاضر إلى أنّ غائب طعمة فرمان هو المؤسس الحقيقي للرواية العراقية، عندما وثق حالة المجتمع العراقي في تلك الفترة وأسس ما قدمه الآخرون في الرواية، وهنالك أيضا ادمون صبري ذلك الكاتب الواقعي الذي كتب القصص والمسرح ومن أهم مجموعاته : حصار الدموع، وسعيد أفندي الذي يعدّ من الأفلام المهمة في مسيرة السينما العراقية، قائلاً:" إنّ الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية وحتى السبعينيات ظهرت فيها أسماء مهمة أبرزها عبد الملك الدروبي الذي يلقب بالأستاذ، فهو أستاذ فؤاد التكرلي وكان له مجلس في مقهى البرازيلي، وهنالك أسماء أخرى أمثال: محمود الطاهر ومحمود عبد الوهاب وعبد الرحمن مجيد الربيعي".
وعن الفترة الممتدة حتى حرب الخليج الأولى أردف قائلاً: "ظهرت أسماء مهمة أمثال عبد الستار ناصر، وأحمد خلف، وياسين البصير، أحمد خضير، ويعرب السعيدي...".
وبيّن المحاضر أنها شهدت انحساراً في الأدب والفن والرياضة، فقد كانت فترة مظلمة وفيها نكوص وكان الكاتب أسيراً أو مقاتلاً، وظهر في هذ الفترة عبد الستار الناصر، فيما شهدت الفترة التي تلت عام 2003 منحى آخر في الكتابة، فالعراقي كان مكبوتاً ولا ينشر وكثير منهم يحرقون كتاباتهم، وكلّ يكتب حسب وجهة نظره.
وعن الفترة الحالية قال المحاضر صادق الجمل:" الرواية الآن فيها ميزة جميلة، فهي بعيدة عن التزلف وهذا أجمل ما في هذه المرحلة، التي شهدت كثرة المجالس الثقافية والأدبية لتلاقح الأفكار، مما أسهم في تشكيل وعي ثقافي عراقي، من ابرز الكتاب في هذه المدة : شوقي كريم، وأحمد سعداوي، وعبد الكريم الساعدي، ومن النساء صبيحة شبر، ولطفية الدليمي، وأيناس البدران".