مدينة تدمر الآثرية

استعرض الدكتور المهندس نزيه بدور في محاضرة بعنوان تدمر وروما المدينتان التؤمان من خلال مقارنة أجراها حول مراحل تأسيس مدينتي تدمر وروما الايطالية أهمية هاتين المدينتين الموغلتين في القدم التاريخي مبينا أنهما تشكلان تؤما حضاريا في تاريخ الانسانية.

وأوضح بدور وهو مدير النادي السينمائي بحمص وعضو جمعية العاديات التاريخية الاثرية في محاضرته التي استضافها المركز الثقافي بحمص ان روما هي عاصمة الامبراطورية الرومانية وعاصمة ايطاليا الحديثة منذ عام 1871 كانت ولا تزال مركزاً للدين المسيحي ومقراً لباباوات الكنيسة الكاثوليكية فيما تعد اختها تدمر مملكة سورية الآرامية حيث ازدهرت في القرون الثلاثة الأولى بعد الميلاد واستخدمت فيها اللغة التدمرية والارامية التي تشوبها الكثير من الكلمات العربية بالاضافة إلى اللغة اليونانية وهو ما تؤكده خمس عشرة وثيقة تاريخية.

وعن القصة الاسطورية لبناء مدينة روما بين بدور أن هذه القصة رصفت على أرضية فسيفسائية بمساحة سبعة وعشرين متراً مربعاً واكتشفت في قرية فريكا في جبل الزاوية في سورية ويعود تاريخ هذه اللوحة التي تضم مشاهد لحيوانات من البيئة بوضعيات مختلفة إلى عام 511 ميلادي وتم حفظها في متحف المعرة.

ولفت إلى أن تدمر وروما مدينتان توءمان ولدتا في الوقت نفسه من رحم الثقافة السورية الارامية والفينيقية وكبرتا معاً وازدهرتا وترافقتا عدة مئات من السنين واصبحتا نجمتين في سماء الزمن مشيرا الى ما قامت به التنظيمات الارهابية من تدمير لمدينة تدمر الاثرية واوابدها واعمدتها ومدافنها التي قل نظيرها على مستوى العالم.

وتابع.. ان تأثير الثقافة السورية على روما ولا سيما عمارتها واضح جداً باعتبارها الانعكاس الحقيقي للثقافة مبينا ان التأثير كان اعمق من العمارة باعتبارها اتت من الارض التي شهدت ولادة الابجدية وعلمت الانسانية الكتابة واهدتها الاديان منذ انبلاج فجر الحضارة وهكذا استوردت روما آلهتها من سورية.

واستشهد بدور برأي الباحث التاريخي وقارئ الكتابات الاثرية ملاتيوس جغنون حيث يقول “إن سورية صدرت المسيحية إلى أثينا وروما وكانت الخميرة الاولى للمسيحية قد نشأت في انطاكية العاصمة السورية آنذاك وانطلقت إرهاصاتها الاولى منها ومن دمشق قبلها لتنتقل الى قلب الامبراطورية الرومانية الوثنية ولتصبح روما فيما بعد مقرا للكرسي الرسولي والبابوية ولا سيما التأثير التاريخي العميق الذي احدثه ذلك الحلول ليس في روما وامبراطوريتها فحسب بل وفي العالم اجمع”.

واستعرض الباحث المدن التاريخية التي اشتهرت بها سورية ومنها مدن ايبلا وماري مستذكراً بهذا الشأن ما جاء في تاريخ كمبردج القديم بان سورية كانت متقدمة على روما في مجال العمارة بل كانت نموذجها المحتذى وان سورية تفوقت على روما في عبقريتها المبدعة وفي معارفها التقنية وفي مهارة عمالها مستذكرا قول المؤرخ الشهير مارسيل بوئيت “إن روما ليست هي التي ابتكرت عناصر تنظيم المدن بل وجدتها واتخذت من نفسها مالكاً لها”.

وقدم المحاضر شرحاً مستفيضاً عن مدينة تدمر الاثرية من حيث موقعها الاستراتيجي والاوابد الاثرية التي تكتنزها من تماثيل ومدافن واعمدة وعملات مبينا السمات العامة للفن التدمري الذي تأثر بالفنون الهندية والفارسية القديمة اضافة الى تأثيرات كلاسيكية اغريقية.