أوغاريت

في تعاقب زمني لا نظير له في العالم تطور الإنسان على الأرض السورية من حالاته الأولى في البحث عن مفاتيح الحضارة إلى الإمساك بهذه المفاتيح فبعيد العصر الحجري الحديث تطورت البنى السكانية في سورية فأنشأ العموريون والكنعانيون ما يعرف بممالك المدن التي امتدت من الشرق في ماري وحتى أوغاريت في الغرب واتصلت هذه المدن ببعضها برباط عرقي واقتصادي وجغرافي

وتعد اوغاريت التي مر 87 عاما على اكتشافها أحد أهم هذه الممالك التي سكنها الإنسان السوري منذ العصر الحجري الحديث وشغلت موقعا متقدما على خارطة الحضارات القديمة في الشرق للأهمية التي تتمتع بها وما تم الكشف عنه من آثار لمدينة جيدة التخطيط والمباني متقدمة في العلوم والصناعة وعدت ملتقى اللغات وموطن أول أبجدية في تاريخ البشر.

أوغاريت التي كانت معروفة للاثاريين عبر ورود اسمها في وثائق وجدت بممالك كنعانية أخرى كماري ويمحاض حيث ذكر وجود مدينة مزدهرة تقع بالقرب من موقع مدينة اللاذقية الحالي وكما هو الحال مع سائر المدن المدفونة تحت الارض اكتشفت اوغاريت صدفة عام 1928 عندما اصطدم محراث فلاح من أهالي قرية رأس الشمرا بحجارة منحوتة ضخمة تبين أنها سقف لمدفن أثري عائلي فشكلت إثر ذلك بعثة أثرية للعمل في الموقع برئاسة عالم الآثار الفرنسي كلود شيفر بدءاً من عام 1929.

وجاءت تسمية رأس شمرا لموقع اوغاريت من نبات الشمرا الذي يغطي التل المرتفع الذي توضعت عليه كما اشتق اسم أوغاريت من كلمة أغارو التي تعني باللغة الاكادية “الحقل”.

ويورد الباحث الدكتور محمود حمود في دراسة له عن أوغاريت أن عمليات التنقيب بينت وجود خمس سويات أثرية في الموقع تمتد من نحو7500-1200 قبل الميلاد أهمها السوية العائدة إلى عصر البرونز المتأخر 1600-1200 قبل الميلاد والتي بينت أن أوغاريت كانت إحدى أهم ممالك الشرق القديم .

وتألفت مدينة اوغاريت من قسمين الأول مدينة مرتفعة تتضمن الأبنية الضخمة كالمعابد والقصور والثاني مدينة منخفضة تتضمن بيوت الناس العاديين وأحيط كلا القسمين بسور دفاعي مهم كشف عن جزء منه في الجهة الغربية من المدينة وهو من النوع المسمى السور المنحدر ذا القاعدة العريضة تدعمه الأبراج القوية وتخترقه البوابات من نوع الكماشة التي يعتقد أن أوغاريت احتوت 4 منها على غرار بقية المدن العمورية/الكنعانية.