الرياض – العرب اليوم
وضعت ندوة أقيمت الثلاثاء ضمن فعاليات مهرجان الجنادرية 30، خطوطا عامة في كيفية التعامل مع التحالفات الدولية لضمان بناء مستقبل أفضل للدولة الوطنية في الوطني العربي. حيث تطرق المحلل السياسي اليمني الدكتور رشاد العليمي لجملة من التحديات الداخلية التي ساهمت في تمكين القوى الدولية من إجهاض بناء الدولة الوطنية في المنطقة العربية ومؤسساتها والتي كانت تبلورت لدى المفكرين العرب سواء أثناء الكفاح ضد الاستعمار والهيمنة الأجنبية أو على مشارف الاستقلال وبعد الاستقلال.
مشيرا إلى أن تلك التحديات الداخلية كشفت عن وجود خلل في الفكر العربي الذي توزع بين مفاهيم تقليدية ومفاهيم حديثة لبناء الدولة الوطنية تمثلت في علاقة الدين بالدولة، ومفهوم الديموقراطية، بالإضافة إلى سيادة القانون، والنظام الاقتصادي. وعلى مستوى التحديات الخارجية حدد العليمي نوعين من التحالفات أحدهما التحالف بالاختيار والذي يعد ضمن التحالفات الدولية الساعية إلى تحقيق أهداف الدول المشاركة في ذلك التحالف ومصالحها، مستشهدا بمجموعة من التحالفات الإقليمية بالمنطقة بما في ذلك التحالف الدولي ضد نظام صدام حسين عام 2003. كما حذر الدكتور العليمي من خطورة التدخل الإيراني في كثير من الدول العربية من لبنان إلى سورية والعراق واليمن والخليج، مما أدى إلى تشظي النسيج الاجتماعي في تلك المنطقة وزرع جذور فتنة طائفية خطيرة تهدد على المدى القريب والبعيد الدولة الوطنية في المنطقة العربية والذهاب إلى حروب طائفية تقضي تماما على مفهوم الدولة الوطنية، مقترحا اللجوء إلى الحوار الفكري لمثل تلك الإشكالات بقيادة المؤسسات الدينية الموثوقة ومراكز الأبحاث والمفكرين، يفضي إلى حوار إسلامي تشارك فيه كل الأطراف تفاديا لمزيد من الصراعات المذهبية والطائفية.
وتحدث مدير مركز الدراسات الخليجية الدكتور فهد الشليمي في ورقته التي قدمها بالندوة حول "ماذا لو لم يقم التحالف بعاصفة الحزم؟
فمن حيث المستوى الجيوسياسي توقع الشليمي ازدياد النشاط وتوسع النفوذ الإيراني في المنطقة وزيادة التأثير على مناطق الممرات البحرية الدولية وتأكيد النفوذ في المنطقة أمام الدول الأجنبية الكبرى "مضيق باب المندب: تواجد بحري ونشاط إيراني تحت حجة مكافحة القرصنة البحرية وهو عبارة عن استخباراتي عملياتي "وستتحول العاصمة اليمنية صنعاء من نظام دولة إلى نظام حزبي طائفي مجهول النوايا والهوية، بالإضافة إلى ازدياد النفوذ الموالي لإيران باستخدام المحور الطائفي كما ستزداد المؤسسات الإيرانية السياسية والثقافية والمذهبية والمؤسسات الإعلامية المعادية للعرب والخليج والسعودية على وجه الخصوص، وستتغير التركيبة السياسية للبرلمان اليمني وزيادة النفوذ السياسي المذهبي الطائفي المتشدد. كما توقع الدكتور فهد أن تصبح مدينة صعدة مساندة لزيادة النفوذ السياسي والطائفي المساند لإيران وتكون مركزا لتواجد أسلحة استراتيجية تصل للعمق السعودي وقاعدة عسكرية متقدمة قريبة من الحد السعودي، ويكون النظام غير صديق لدول مجلس التعاون كما سيكون هناك أيديولوجية طائفية متشددة مشابهة في العرق ومعادية في الفكر وازدياد النشاط الإجرامي المعادي لسعودية. ومن حيث المستوى الاقتصادي فلو لم تدرك دول التحالف العربي اليمن سيعبر عبر باب المندب 4 ملايين برميل يوميا، كما سيعبر عبر مضيق هرمز 17 مليون برميل يوميا.
عن مفهوم الدولة الفاشلة والأخطار المهددة للدولة الوطنية، قدم الدكتور فارس سعيد "لبنان" قراءة من واقع المنطقة العربية، محددا مجموعة من المتغيرات الكبرى التي تتحكم في المنطقة العربية، منها بلورة نظام عالمي جديد بزعامة الولايات المتحدة الأميركية، وبروز تيارات إسلامية متطرفة تراوح بين قيام دولة ولاية الفقيه ودولة الخلافة، مع لجوء هذه التيارات إلى عنف متنقل وفائض عن حدود المنطقة العربية، مما شوه صورة المنطقة، وأسهم في بروز تيار معادٍ للإسلام في الغرب، أو بما يسمى بـ"الإسلاموفوبيا"، وبروز تيار آخر أشار إليه البابا فرنسيس خلال زيارته تركيا أخيرا. من جهته، ذكر الدكتور صالح المانع، في ورقته المقدمة في الندوة، أن الدولة الوطنية في المشرق العربي تواجه شكلا من أشكال التحدي العميق لهيمنتها وسلطتها، مبينا أن هناك تحديات داخلية وخارجية للدولة الوطنية، منها الجهات والأفراد الخارجون عن القانون، ومثل هؤلاء الأفراد أصبحوا يقلدون الدولة في تبنيهم فكرا وأيديولوجية معارضة، يحاولون استخدام جذب المؤيدين لفكرهم ونهجهم من صغار السن، إضافة إلى محاولة سحب بساط الشرعية من تحت أقدام الدولة الوطنية نفسها.