القاهرة - العرب اليوم
سؤالي إليكم هو: في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال إن الله تعالى قال: من شغله القرآن عن ذكري ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ـ فهل إذا اشتغلت بقراءة القرآن في وقت استجابة الدعاء وبقيت أقرأ وأقرأ يعطيني ربي ما كنت سأدعو به إذا لم أقرأ وتكون قراءتي هنا أفضل لي من دعائي؟ وهل أدعو أم أقرأ القرآن وأكثر منه؟ وما هو الذي يعطيه الله تعالى للعبد الذي هو أفضل ما يعطي السائلين؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن تلاوة القرآن أفضل الذكر على الإطلاق, فالقارئ له بكل حرف عشر حسنات، لقوله صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف. رواه الترمذي، وصححه الشيخ الألباني.
وجاء في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: الأصل الأول أن جنس تلاوة القرآن أفضل من جنس الأذكار، كما أن جنس الذكر أفضل من جنس الدعاء، كما في الحديث الذي في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أفضل الكلام بعد القرآن أربع، وهن من القرآن: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. انتهى.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 44759.
وبخصوص الحديث الذى سألت عنه: فقد اختلف أهل العلم هل هو ضعيف أو حسن, وراجع التفصيل في الفتوى
رقم: 9202.
وعلى القول بثبوت هذا الحديث فإنك إذا اشتغلت بتلاوة القرآن يعطيك الله تعالى ثواب من يسأل الله تعالى حاجته، ويعطيك أفضل عطاء, ويثيبك أحسن مثوبة, وإليك بعض كلام أهل العلم في هذه المسألة, قال الحافظ في فتح الباري: أن الذاكر يحصل له ما يحصل الداعي إذا شغله الذكر عن الطلب، كما في حديث بن عمر رفعه يقول الله تعالى: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ـ أخرجه الطبراني بسند لين، وحديث أبي سعيد بلفظ: من شغله القرآن وذكري عن مسألتي ـ الحديث أخرجه الترمذي وحسنه. انتهى.
وفي مرعاة المفاتيح: يعني من اشتغل بقراءة القرآن ولم يفرغ إلى الذكر والدعاء أعطاه الله مقصوده ومراده أحسن وأكثر مما يعطي الذين يطلبون من الله حوائجهم، يعني لا يظن القارئ أنه إذا لم يتطلب من الله حوائجه لا يعطيه، بل يعطيه أكمل الإعطاء فإنه من كان لله كان الله له.
قال الشوكاني: في الحديث دليل على أن المشتغل بالقرآن تلاوة وتفكرا يجازيه الله أفضل جزاء ويثيبه بأعظم إثابة. انتهى.
وفي تحفة الأحوذي شرح الترمذي: قَوْلُهُ: مَنْ شَغَلَهُ الْقُرْآنُ عَنْ ذِكْرِي وَمَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ ـ أَيْ مَنِ اشْتَغَلَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَلَمْ يَفْرُغْ إِلَى ذِكْرٍ وَدُعَاءٍ أَعْطَى اللَّهُ مَقْصُودَهُ وَمُرَادَهُ أَكْثَرَ وَأَحْسَنَ مِمَّا يُعْطِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَ حَوَائِجَهُمْ. انتهى.
لكن صرف الوقت في الإتيان بالأذكار المأثورة والأدعية المأثورة في وقتها المحدد شرعا أفضل من تلاوة القرآن, جاء في مرقاة المفاتيح: وكان وجه الاستغناء عن ذكر الذاكرين بذكر السائلين أنهم من جملتهم من حيث إنهم سائرين بالفعل أو القوة إذ لسان حال كل مخلوق ناطق بالافتقار إلى نعم الحق وإمداده بعد إيجاده، ثم هذا الفضل من حيث هو إلا فمحله ما لم يشرع غيره من الأذكار والأدعية المأثورة. انتهى.
وفي مطالب أولي النهى ممزوجا بغاية المنتهى وهو حنبلي: ويتجه أن صرف الزمان فيما ورد أن يتلى فيه من الأوقات ذكر خاص كإجابة المؤذن والمقيم وما يقال أدبار الصلوات وفي الصباح والمساء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة أفضل من صرفه في قراءة القرآن تأدباً بأن يفضل شيء عليه، وهو اتجاه حسن بل مصرح به في مواضع من كلامهم. انتهى.
والله أعلم.