القاهرة - العرب اليوم
هناك أسئلة سألها النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" لأصحابه رضوان الله عليهم؛ ليعلمنا ديننا، وهناك أسئلة سألها الصحابة لرسول الله "صلى الله عليه وسلم"وأجاب عنها.. وكل يوم من أيام رمضان سنعرض بعض هذه الأسئلة..
من العادات السيئة التي ينبغي أن يحذر منها المسلمون؛ أن ينظروا إلى ما منَّ الله به على إخوانهم بعين الحسد والحقد، بل الذي ينبغي في هذه الحالة أن يسألوا الله أن يبارك لإخوانهم فيما أعطاهم، وأن يسألوا الله من فضله.
ولكن هناك حالة محمودة في النظر للآخرين؛ وتتمثل في التطلع إلى أن يكون مثل الصالحين، وهذا ما حدث مع الصحابة رضي الله عنهم؛ فعَنْ أبي ذر رضي الله عنه أنَّ أناسًا قالوا: "يَا رسُولَ اللَّهِ، ذَهَب أهْلُ الدُّثُور بالأجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّى، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بَفُضُولِ أمْوَالهِمْ قال: أوَ لَيْس قَدْ جَعَلَ لَكُمْ مَا تَصَدَّقُونَ بِهِ؟! إنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدقَةً، وكُلِّ تَكبِيرةٍ صَدَقَةً، وكلِّ تَحْمِيدةٍ صَدَقَةً، وكلِّ تِهْلِيلَةٍ صَدقَةً، وأمرٌ بالمعْرُوفِ صدقةٌ، ونَهْىٌ عنِ المُنْكر صدقةٌ وفي بُضْعِ أحدِكُمْ صدقةٌ قالوا: يَا رسولَ اللَّهِ أيَأتِي أحدُنَا شَهْوَتَه، ويكُونُ لَه فِيهَا أجْر؟ قَالَ: أرأيْتُمْ لَوْ وضَعهَا في حرامٍ أَكَانَ عليهِ وِزْرٌ؟ فكذلكَ إِذَا وضَعهَا في الحلاَلِ كانَ لَهُ أجْرٌ". رواه مسلم.
وهذا السؤال يدل بلا شك من فقههم، وحرصهم على تحصيل أسباب دخول الجنة من كل سبيل يقدرون عليه، وهذا ما أرشد الله إليه عباده في قوله تعالى: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ يعني إلى أسبابها وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْض (الحديد: 21.
ويقول سبحانه) :وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ). آل عمران: 133.
وهكذا قوله عز وجل:) فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ). البقرة: 148.
والمراد المنافسة في كل خير من صلاة وذكر وصدقة وغير هذا.
وأبواب الخير التي يتسابق في مضمارها الصالحون، والتي ينبغي أن يقتدي بها المسلمون، كثيرة، ومنها، ما رواه أبو ذر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لي النبيُّ ﷺ: "لاَ تَحقِرنَّ مِن المعْرُوفِ شَيْئاً ولَوْ أنْ تلْقَى أخَاكَ بِوجهٍ طلِيقٍ". رواه مسلم.
وعن أَبِي هريرةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ علَيْهِ صدَقةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ: تعدِلُ بيْن الاثْنَيْنِ صدَقَةٌ، وتُعِينُ الرَّجُلَ في دابَّتِهِ، فَتحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أوْ ترْفَعُ لَهُ علَيْهَا متَاعَهُ صدقةٌ، والكلمةُ الطَّيِّبةُ صدَقةٌ، وبِكُلِّ خَطْوَةٍ تمْشِيها إِلَى الصَّلاَةِ صدقَةٌ، وَتُميطُ الأذَى عَن الطرِيق صَدَقةٌ متفق عليه.
ورواه مسلم أيضاً من رواية عائشة رَضي اللَّه عنها قالت: قالَ رسُول اللَّه ﷺ: "إنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إنْسانٍ مِنْ بني آدم علَى سِتِّينَ وثلاثمائَةِ مَفْصِلٍ، فَمنْ كَبَّر اللَّه، وحمِدَ اللَّه، وَهَلَّلَ اللَّه، وسبَّحَ اللَّه واستَغْفَر اللَّه، وعَزلَ حَجراً عنْ طَرِيقِ النَّاسِ أوْ شَوْكَةً أوْ عظْماً عَن طَرِيقِ النَّاسِ، أوْ أمَرَ بمعرُوفٍ أوْ نهى عنْ مُنْكَرٍ، عَددَ السِّتِّينَ والثَّلاَثمائة، فَإِنَّهُ يُمْسي يَوْمئِذٍ وَقَد زَحزحَ نفْسَهُ عنِ النَّارِ".
ألا فليحرص كل مسلم على أبواب الخير هذه وغيرها، وليكونوا على نفس سيرة الصالحين، في أقوالهم وأفعالهم وسلوكهم.