واشنطن ـ وكالات
رغم بعد المسافة بين الشرق الأوسط وتشيلي، فإن الرحلة الطويلة للوصول إلى عاصمتها سانتياغو تستحق المغامرة والسفر حيث لا يقل المكان، من الوجهة السياحية، أهمية عن أي عاصمة أوروبية مشهورة . وقد لا تبلغ سانتياغو شأو مدن مثل بيونس آيريس، لكنها مدينة يفوح منها إرث تراثي كثيف ويشعر السائح خلال زيارتها، بأنها مدينة ثرية بالطموحات وكأنها تستنهض الهمم للسير حثيثاً نحو تحقيق كل ما هو جليل ومتطور . يكمن وراء ذلك التوازن بين جمال الطبيعة وحسن البناء ودقة توزيع الميادين المغطاة برداء الخضرة والمحفوفة بالورود الميدان الرئيس في سانتياغو والأبراج التي تمزج ما بين الحداثة وعراقة القدم خاصة تلك التي تتجمع في الحي المالي . وما يثير الاعجاب أن المدينة تجمع ما بين الأحياء التي تجسد التراث والقيم الجمالية والنهضة الملحوظة التي يحلو لكل زائر أن يكشف النقاب عنها في أول زيارة للعاصمة التشيلية . ولا تخلو المدينة من لمسات الفخامة التي يجسدها على سبيل المثال مكان مثل حي باريو برازيل . ولعل سبب سحر المدينة انتشار المتاحف في أماكن مترامية الأطراف فهناك متاحف الفنون الجميلة، ويدلك المشهد العام على أن سانتياغو تغفو وتستيقظ على مشهد خلاب من المشغولات الفنية المزدهرة . ويشعر الزائر بثقة كبيرة ويشحن بطاقة متنامية عجيبة، ولا يخفى على الزائر انتشار المقاهي القديمة والحديثة والمتنزهات التي تلف المدينة من كل اتجاه . وتلعب الجبال المطلة على المدينة دور الزركشات التي تمنح المدينة بارتفاع هامتها نوعاً من المهابة، ويمكن للزائر القيام بسلسلة طويلة، تكاد لا تنقطع، من الأنشطة الرياضية والترفيهية خاصة في مناطق الضواحي مثل ركوب الخيول ومراكب التجديف والتسلق والجري فضلاً عن الكثير من الأعمال التي ستحفر في الذاكرة الكثير من الصور المشرقة . وتصنف سانتياغو على أنها خامس أكبر المدن في أمريكا اللاتينية، وهي المدينة التي تبدو مرصودة للنمو . ولكنها تعد من كبريات المدن الأكثر قرباً من الحياة العصرية في القارة الأمريكية اللاتينية، ويبلغ عدد سكانها نحو 5 ملايين نسمة والثالثة ضخامة بحسب المدن التشيلية . ويحتل نشاطها المالية والتجاري والاقتصادي المكانة الخامسة بين المدن الأميركية . وتتميز سانتياغو بأنها غنية بالمواقع السياحية التي تستحق الزيارة .فعلى بعد 60 كم فقط إلى الجنوب تقع المنحدرات الجبلية المكسوة بالثلوج المثالية للتزلج، ولا تبعد الشواطئ الذهبية الواقعة على المحيط الهادي سوى بضعة كيلومترات إلى الشمال الغربي من تشيلي . وتقع في جنوب المدينة المزارع الجميلة التي تتشابك فيها كروم العنب خاصة في وادي ميبو أحد أهم المناطق إنتاجاً للعنب وللعصائر في العالم . ويمكن تقسيم المدينة إلى قطاع ريو مابوتشو الذي يجتاح المدينة من الشرق إلى الغرب قبل أن يهبط إلى سهول التي تجتاحها الفيضانات عادة . وتبدو ملامح هذا القطاع واضحة على الجانب الجنوبي والغربي من طريق الشمال وطريق نورت الشمالي وأفينيدا ليبرتادور بيرناردو، ويمكن العثور على أغلبية المتاحف الكبرى والنصب التذكارية والمواقع ذات الشهرة الهندسية المعمارية . وتقع في وسط أو قلب مدينة سانتياغو ساحة بلازا دي آرماس التي تقع على امتداد خمسة أحياء إلى الجنوب من النهر . ويجسد الحي صورة أصيلة للتراث الأوروبي وهو ما يجسده حي متنزه فوريستال الذي صمم ليضاهي أبرز المتنزهات الباريسية . ولعل أجمل المشاهد في المدينة عندما يمر الزائر بالساحات الصغيرة التي تصطف فيها كل أنواع الاشجار حتى يصل إلى متحف بيلاس للفنون . وصمم سوق ميركادو المركز على النمط الإنجليزي الذي تغطي أجزاء منه أسقف فولاذية التي تعكس الفن المعماري الإنجليزي في أواسط القرن التاسع عشر . وتباع في السوق اليوم أنواع مختلفة من المنتجات الغريبة . ويقع في الجوار حي بيللافستا الذي يضم أعداداً كبيرة من المطاعم والمقاهي . ويعد متنزه باركو ميتروبوليتانو الواجهة الخلفية لسانتياغو التي تكثر فيها ساحات المشي ومناطق النزهات وأبرزها حديقة الحيوان . ويمكن الوصول إلى قمة سيرو سان كريستوبال على متن الحافلات أو العربات المعلقة . ومن أبرز المعالم في منطقة بيللافيستا بيت تشازكونا الذي صممه الشاعر الفائز بجائزة نوبل بابلو نارودا، وحظي بشعبية واسعة بعد ظهوره في فيلم “إل بيستينو” . الجغرافيا تقع العاصمة سانتياغو على امتداد حوض سانتياغو، وهو عبارة عن وادي مكون من أراض واسعة وخصبة محاط بالجبال . وتقع المدينة على ارتفاعات متنوعة أقصاها 400 متر في المناطق الغربية و540 متر في منطقة ساحة باغويدانو . وتحاط المدينة بسلسلة جبار الأنديز وبسلسلة من الجبال الساحلية . وفي الشرق تقع سلسلة جبال سييرا دي رامون التي تشكل سفوحا لقمم جبلية شاهقة يزيد ارتفاعها على 3296 متراً . كما هناك سلاسل جبلية متفرعة عن جبال الأنديز يزيد ارتفاعها عن 6 آلاف متر . المناخ يشبه مناخ سانتياغو إلى حد بعيد مناخ حوض البحر الأبيض المتوسط . وتبلغ درجات الحرارة 35 درجة مئوية في أكثر الأيام حرارة . بينما تصل أقصى درجات الحرارة في الشتاء 13 درجة مئوية . أمطارها غزيزة أما هطول الثلوج فهو نادر باستثناء القمم الجبلية . الاقتصاد تعد سانتياغو العاصمة الصناعية وعاصمة النشاط المالي في تشيلي وتسهم ب 45% من إجمالي الناتج المحلي، وتستضيف المدينة عدداً من الوكالات الدولية، ويتم حاليا بناء مشروع عملاق يشمل أبراجاً تجارية وفندقاً ومركزاً تجارياً عملاقاً (ميغا مول) في الحي المالي . ويبلغ ارتفاع مشروع برج سانتياغو الكبير 300 متر وهو أعلى بناء في أميركا اللاتينية . وتتركز أغلبية الأنشطة الصناعية والتجارية في منطقة العاصمة سانتياغو .