بيروت - لبنان اليوم
بعد تفشي فيروس كورونا في عدد كبير من دول العالم، استعاد نقاد ومبدعون علاقة المرض بالعديد من الأعمال الإبداعية التي قامت على أساس تناول الأوبئة والأمراض، وأبرزها رواية "الطاعون" لألبير كامي، و"مئة عام من العزلة" لجابرييل جارسيا ماركيز.
في حين تحدث آخرون عن الكارثة كمدخل لما يسمى "رواية نهاية العالم"، وهي أحد مسارات روايات "الديستوبيا" التي تقوم على تناول ما يسمى "المكان الخبيث".
ومعنى الديستوبيا باللغة اليونانية المكان الخبيث، وهي عكس المكان الفاضل يوتوبيا. وظهرت قصص مثل هذه المجتمعات في عدد من الأعمال الخيالية، خصوصاً القصص التي تقع في مستقبل تأملي.
والديستوبيات تتميز غالباً بالتجرد من الإنسانية، وترصد الخصائص المرتبطة بانحطاط كارثي في المجتمع. لهذا السبب اتخذت "الديستوبيا" شكل التكهنات بمشكلات التلوث والفقر والانهيار المجتمعي والقمع السياسي أو الشمولية.
وأول رواية دستوبية يمكن الرجوع إليها هي للأديب الإنجليزي جوزيف هول بعنوان "العالم الآخر والعالم ذاته" Mundus alter et idem التي نُشرت عام 1607، لكن موجة الكتابة الموسعة عن الديستوبيا بدأت مع الثورة الصناعية في أوروبا وظهور طبقة العمال الذين يعيشون ويعملون في أسوأ ظروف ممكنة.
وكانت البداية مع رائعة ويلز "آلة الزمن"، ثم ظهرت رواية "باريس في القرن العشرين" لرائد الخيال العلمي الفرنسي جول فيرن، و"جمهورية المستقبل" لآنا باومان، و"العقب الحديدي" لجاك لندن.
غير أن الموجة الأهم جاءت مع الحرب العالمية الأولى، وتلتها الثانية مع فقدان الكُتاَّب الأمل في مستقبل البشرية، وصاحب هذا يأس مماثل في الفن والأدب والفلسفة فظهرت النزعات الوجودية والعدمية، وكانت هذه مرحلة ازدهار الكتابات الديستوبية وفيها نشرت رواية رائدة "عالم جديد شجاع" (1932) Brave New World لألدوس هكسلي الشهيرة.
وفي الوقت الحالي هناك مؤلفات الكاتبة الكندية المخضرمة والمرشحة الدائمة لنوبل مارجرت آتوود، وأيضا "1984" لجوروج أورويل التي كانت من بين أكثر الروايات الأجنبية مبيعا في العالم العربي عقب موجة انتفاضات 2011.
وقصص "الديستوبيا" Dystopia أي نقيض اليوتوبيا، تتحدث عن المستقبل، لكن على عكس الأخرى، إذ تقدم تصورًا مظلمًا جدًا سيفقد البشر فيه الكثير حريتهم ومشاعرهم ومواردهم.
ويفرق النقاد بين الديستوبيا ونوع آخر من أدب الخيال العلمي السوداوي يدعى "أدب نهاية العالم" Apocalypse الذي يختص بكارثة هائلة، مثل الكوارث الطبيعية والبيولوجية أو الحروب النووية.
فالديستوبيا لا تصف نهاية العالم إنما نهاية الإنسانية. "
آراء أدباء عرب بعد تفشي فيروس كورونا وكيف يمكن تناوله روائيا، وهل يدشن مرحلة جديدة في تاريخ "أدب نهاية العالم" الذي يكاد يكون غير موجود في الإنتاج الأدبي عربيا مع انعدام أدب الخيال العلمي تقريبا.
الروائي اليمني محمد الغربي عمران قال: "ما نعيشه وما سنعيشه يمنح الخيال آفاقا جديدة، فالكارثة ستساعد في خلق خيال جديد يتجاوز عملية إعادة خلق الأساطير، وأجزم بأننا على صعيد المشهد الإبداعي العربي سيكون لما يحدث أثر في نتاج أعمال مختلفة".
أما الروائي المصري عمرو المنوفي فقال: "كل كوارث العالم هي أرض خصبة لكتاب أدب الديستوبيا ونهاية العالم. كان الوباء بعيدًا يحدث فقط للآخرين ثم أصبح على مرمى حجر منا".
وأضاف: "الخيال الجامح أصبح واقعا أسود للمرة الأولى، لذلك أعتقد أن معظم كتاب الرعب والخيال العلمي سيستخدمون هذه التيمة أكثر من ذي قبل".
وتابع: "من رأيي أن الخطر أو السلاح الفيروسي هو من سينهي العالم، لأنه سلاح لا يمكن السيطرة عليه فور انطلاقة. مع تحور هذا النوع من الفيروسات وسرعة انتشارها وضعف الوعي في دول كثيرة عبر العالم".
قد يهمك أيضا: