جانب من احتفالات التونسيون بالذكرى الثانية للثورة
تونس ـ أزهار الجربوعي
وقع رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي، وكل من الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي ورئيسة منظمة الأعراف وداد بوشماوي، على وثيقة العقد الإجتماعي، الإثنين 14 كانون الثاني/ يناير 2013 يأتي ذلك فيما بدأ التونسييون، الإثنين، بالتوافد على شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة للإحتفال بالذكرى الثانية
للثورة وسط اجراءات أمنية مشددة وبحضور وفود دولية وعربية على غرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس والموريتاني محمد ولد عبد العزيز ورئيس المؤتمر الوطني الليبي يوسف المقريف.
وتتضمن وثيقة "وثيقة العقد الاجتماعي" التي تم توقيعها في المجلس الوطني التأسيسي التونسي، في حضور أعضاء الحكومة ورئيس أركان الجيوش الثلاث رشيد عمار، ووزيرة التشغيل البلجيكية مونيكا دي كونيك، ثمانية محاور تتعلق بالنمو الإقتصادي والإجتماعي وسياسات التشغيل والتكوين المهني، إلى جانب مسألة العلاقات المهنية والعمل اللائق .
وينص العقد الإجتماعي التونسي، التي تحصل "العرب اليوم" على نسخة منه، على تطوير اقتصاد أكثر تنافسية مبني على المعرفة والإبتكار، علاوة عن تكريس مقومات حقيقية للتنمية الجهوية تثمن قدرات الجهات وثرواتها وميزاتها التفاضلية وتحارب سياسة التمييز الإجتماعي بين المناطق الداخلية والساحلية.
كما تدعو الوثيقة إلى تحسين مناخ الأعمال ومراجعة مجلة الإستثمار ، إلى جانب تأهيل البنى التحتية والقدرات التنافسية من خلال مقاومة الإحتكار والتجارة غير المشروعة ،خاصة وضع استراتيجية كفيلة بالتصدي للتهريب والتجارة الموازية.
وأقر العقد الإجتماعي التونسي ضرورة مراجعة المنطومة الجبائية في إطار الشفافية مع الحفاظ على التوازنات المالية للصناديق الإجتماعية بالإضافة إلى تكفل الدولة بضمان العلاج المجاني للفئات الهشة والمستهدفة.
وختمت وثيقة العقد الإجتماعي بالتنصيص على إحداث مجلس وطني للحوار الإجتماعي، لا تتعدى فترة تشكيله حدود السنة من الزمن من تاريخ التوقيع، يتمتع بالإستقلالية المالية والإدارية يسهر على متابعة المناخ الإجتماعي العام ويراقب مدى احترام التشريع الإجتماعي، حيث تكون من أولوياته النظر في المسائل النقابية والتعهد بالمسائل الإقتصادية والإجتماعية ذات العلاقة بمنظومة العمل والتشغيل.
وتعهدت الحكومة التونسية ومنظمة الأعراف والمنظمة الشغيلة، على إحترام جميع بنود العقد الإجتماعي التي دخلت حيز التنفيذ منذ لحظة التوقيع عليها، وتأتي هذه الخطوة في الذكرة الثانية لثورة الحرية والكرامة التونسية تعزيزا للسلم الإجتماعي واستجابة لدعوة رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي الذي كان قد طالب المنظمات العمالية والنقابية بهدنة إجتماعية ، لتأمين ما تبقى من فترة الإنتقال الديمقراطية حتى يتم الإعداد للإنتخابات التشريعية والرئاسية القادمة في مناخ سليم، بعد أن عاشت تونس عامين من عمر الثورة في دوامة من العنف والإحتجاجات الإجتماعية مدعومة بارتفاع سقف المطالبة بالتشغيل وتوفير جودة الحياة ، وهو ما عجزت حكومتا ما بعد الثورة عن الإيفاء به متعللة بالظروف الإقتصادية الصعبة وبالتركة الثقيلة للنظام السابق التي دمرت الإقتصاد وهمشت المحافظات الداخلية وجعلت الثروة حكرًا على فئات قليلة دون غيرها.
إلى ذلك أشرف الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة حمادي الجبالي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر الاثنين، على تنظيم موكب لتحية العلم في ساحة الحكومة بالقصبة بمناسبة الذكرى الثانية للثورة حضره عدد من الوجوه السياسية البارزة في مقدمتهم الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامية الحاكمة والباجي قائد السبسي رئيس الحكومة الأسبق وزعيم حزب نداء تونس، الذي صرح بأن حضوره كان في إطار تحية العلم معتبرا أن يوم 14 يناير هو ذكرى الثورة وليس موعدا للإحتفال بها".
وحيا الرؤساء الثلاثة العلم على أنغام النشيد الوطني قبل أن يستعرضوا تشكيلة من الجيوش الثلاثة أدت لهم التحية .
ومن جهته أكد زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي على أهمية الإحتفال بهذا اليوم باعتبار أن الحكومة تسير في طريق تحقيق أهداف الثورة، على حد قوله، في حين أكد كل من رئيس الحكومة حمادي الجبالي ورئيس حزب المسار أحمد إبراهيم على أهمية هذا اليوم فيتاريخ تونس وشعبها.
وأعرب حمادي الجبالى عن أمله في أن " تشهد الفترة المقبلة "تقدما ملحوظا على مستوى وضع الدستور تمهيدا لإجراء الانتخابات القادمة".
ميدانيا ، تشهد الساحات الكبرى لتونس وخاصة شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة توافدا لأعداد غفيرة من التونسيين للإحتفال بالذكرى الثانية لثورة الحرية والكرامة وسط حضور أمني مكثف لتأمين المواطنين ولتسيير التظاهرات الاحتفالية التي تنظمها عدة أحزاب سياسية وجمعيات مدنية، والتي بدأت تتوافد على الشارع الرئيسي للعاصمة.
من جانبها، أصدرت وزارة الداخلية التونسية ،الإثنين، بيانا قدمت فيه بالتهاني للشعب التونسي بمناسبة الإحتفال بالذكرى الثانية للثورة، وأعلنت موافقتها على كل الطلبات لتنظيم تظاهرات إحتفالية وفنية وثقافية ورياضية.كما أكدت أنها اتخذت الإحتياطات اللازمة حتى تتم هذه الإحتفالات في أفضل الظروف.
ويشهد شارع الحبيب بورقيبة في هذا اللحطات حضور المجتمع التونسي بكافة أطيافه السياسية والحزبية ، حيث جمع على ضفتيه حزب التحرير الإسلامي الذي دخل في مناوشات مع أنصار الحزب الجمهوري الذي ينظم بدوره معسكرا احتفاليا ، بمعية حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي.
كما يشرف حزب نداء تونس بدوره على الإعداد لمسيرة حاشدة ، اعترضها عدد من المواطنين موجهين لها اتهامات بإيواء بقايا حزب الرئيس المخلوع وبخيانة الثورة، إضافة إلى أخرى تابعة لوحدات الحماية المدنية.
ولم تمض هذه الذكرى على أنصار حركة النهضة الحاكمة مرور الكرام ، الذين اتخذوا من باحة المسرح البلدي بتونس العاصمة مستقرا لهم لإحياء الذكرى الثانية للثورة، رافعين شعارات تنادي بضرورة حماية الثورة وتدعو إلى توحيد الصفوف.
وتزامنا مع الذكرى الثانية للثورة ،هنأ الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ، في كلمة مساء الأحد الشعب التونسي ، مشددًا على أنَّ الإنتخابات يجب أن تُجرى قبل الصيف المقبل، ووصف التواريخ التي تتحدث عن الانتخابات بالمهزلة، مبينًا أنَّ البلاد لم تعد لها القدرة على الانتظار أكثر وإذا لم تجرى الانتخابات بين يونيو وأيلول 2013، فإن الشعب له الحق في محاسبة المسؤولين عن ذلك" ، داعيا الأطراف السياسية إلى تقريب وجهات النظر وتجاوز الحسابات السياسية الضيقة.
وأشار المرزوقي أن مصلحة الأحزاب السياسية والأشخاص والوطن مرتبطة بعضها البعض، مؤكدا في السياق ذاته أن الانتخابات ستُخرج تونس من عنق الزجاجة على حد قوله.
وراى الرئيس التونسي أن بلاده حققت مكسبين مهمين هما ثورة سياسية وأخرى "عقلية"، تمثلت في التحرر من الخوف ومن بطش السلطة والدكتاتورية ورفع سقف الحريات.
و حذر المرزوقي من مخاطر المواجهة بين الحداثيين و الاسلاميين مدافعا عن الترويكا ،مضيفا " ما ان يتواجه الفريقان ونكون ازاء حرب اهلية باردة او ساخنة، او ان نتخذ موقفا مغايرا وهو موقفي : لا بد من ان نجعل من تونس المتعددة هذه واقعا موحدا ولا بد من دفع الناس الى التحاور".
وأكد الرئيس التونسي المنصف المرزوقي أنَّه غير نادم على "الخيار الاستراتيجي" الذي اتخذه بالتحالف مع حركة النهضة، إلا أن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يتزعمه عاد للتهديد بالإنسحاب من حكومة الترويكا, حيث صرح مدير ديوانه عماد الدايمي القيادي البارز في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، تمسك حزبه بأن يشمل التعديل الوزاري الوزارات السيادية معترضا بذلك على موقف حركة النهضة الرافض بالمساس بهذه الوزارات، ملوحا بإمكانية انسحاب المؤتمر من الحكومة في حال تمسك النهضة بعدم تغيير الحقائب الوزارية السيادية