إسلام آباد ـ أعظم خان
كشف وزير بارز في باكستان أن السلطات الباكستانية شنّت حملة قمع قوية ضد الجماعات الجهادية، وتم احتجاز أكثر من 120 شخصا اعتقالا إداريا، كما سيطرت الحكومة على ما لا يقل عن 200 مدرسة ومستشفى هذا الأسبوع كجزء من حملة ضد المنظمات الإسلامية المحظورة.
واستهدفت عمليات الاعتقال ومصادرة الأصول المدارس الإسلامية والجمعيات الخيرية التي تعدّ واجهة للجماعات المتطرفة المدرجة في القائمة السوداء للأمم المتحدة، والتي تعمل متسترة في محاولة للإفلات من العقاب في البلاد، وتتزايد الضغوط الدولية على إسلام آباد بعد تفجير انتحاري في كشمير المتنازع عليها على يد جماعة جيش محمد التي تتخذ من باكستان مقرا لها، وهو ما أطلق شرارة سلسلة من الهجمات الجوية المتبادلة بين الهند وجارتها وأول معركة بين طائراتها خلال 50 عاما.
وحُظرت جماعة "الدعوة" (JD)، وهي منظمة اجتماعية جمعت تبرعات لجماعة "عسكر طيبة" المتشددة رسميا هذا الأسبوع، كما تم إغلاق مقرها في لاهور، وقال يحيى مجاهد "هناك حملة جارية ضدنا، حيث تستولي الحكومة على مكاتبنا ومدارسنا ومرافقنا الطبية وسيارات الإسعاف، لكن قيادتنا وجهت النشطاء والمؤيدين ليبقوا مسالمين"، وتم حظر حافظ سعيد رئيس جماعة عسكر طيبة، من أداء صلاة الجمعة في مجمع جماعة الدعوة في إحدى المناطق المزدحمة في لاهور، وأوضح أحد ضباط الشرطة الذين انتشروا في الموقع الجمعة "لم يقاومنا ناشطو جماعة الدعوة، ونخطط خلال الأيام القليلة المقبلة على الاستيلاء على المساجد التي تديرها الجماعة وهناك المئات منها في لاهور وحدها".
وأعربت الهند عن تشككها في أن حملة القمع الأخيرة تختلف عن حملات الاعتقالات والإغلاقات السابقة التي لم تفعل الكثير لإعاقة عمل المنظمات المتطرفة، وعدت الحكومة الباكستانية بإنهاء جماعات متطرفة مثل جماعة الدعوة بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 المتطرفة، وهجمات مومباي عام 2008 التي أودت بحياة 166 شخصًا، إلا أنهم استمروا في العمل بشكل علني من أكبر مقاطعة في البلاد مقاطعة البنجاب، كما توسعوا في المناطق النائية من البلاد.
اقرأ أيضا:الهند تحشد تعزيزات في كشمير ومودي يعد بمحاسبة باكستان "خطوة خطوة"
وقال فؤاد تشودري وزير الإعلام الباكستاني: "لم تكن الحكومات السابقة جادة في قمع هذه الجماعات المناهضة للهند، لأن هؤلاء الأشخاص لم يشكلوا تحديا خطيرا لباكستان، لذا لم يكن هناك إلحاح للتصدي، لكننا قررنا أننا لن نسمح لهذه المنظمات بالعمل هنا، ولن يُسمح للمنظمات المسلحة بالعمل من باكستان بعد الآن".
وأفاد تشودري بأن القادة العسكريين مثل سعيد تحت المراقبة، مضيفا "نحاول تسوية الأمور بطريقة سلمية، وإذا لم نتمكن من ذلك سنستخدم القوة الكاملة للقانون ضدهم"، وأوضح تشودري أن الحكومة مستعدة لمنح المسلحين فرص عمل وقروضا تجارية مع استيعابهم في المدارس الدينية والمساجد التي تديرها الحكومة والسماح لهم بالدخول في السياسة العامة، ويكمن الفرق الرئيسي في هذه الحملة أن الحكومة المدنية الباكستانية وقواتها العسكرية متضامنة معا في الحملة، وتابع تشودري: "هذه المرة قيادة الجيش والقيادة المدنية لديهما نفس الرؤية، وهذا لم يحدث في الماضي".
وقال مسؤول في دلهي إن الحكومة الهندية لن تكون مقتنعة بأن باكستان جادة حتى تتخذ "خطوات يمكن التحقق منها" مثل إغلاق حسابات الجماعات المسلحة ومقاضاة القادة المتورطين في الهجمات المتطرفة وتصفية الأصول، ونجحت باكستان في إخماد جماعات مثل طالبان الباكستانية التي شنت هجمات على أراضيها، لكن التعامل مع المتشددين المناهضين للهند سيكون أصعب، وتقول دلهي إن مثل هذه الجماعات تغذيها المؤسسة الأمنية للبلاد لاستخدامها كمقاتلين بالوكالة عبر الحدود وهو الاتهام الذي تنفيه باكستان.
وتوفّر العديد من المؤسسات الخيرية الإسلامية المتهمة بكونها جبهات لمنظمات متشددة خدمات التعليم والرعاية الصحية والطوارئ الوحيدة للملايين من الباكستانيين الفقراء، وأتاح زلزال كشمير الكبير في البلاد عام 2005 وأزمة الفيضانات عام 2010 فرصة جديدة للجمعيات الخيرية الإسلامية مثل جماعة الدعوة لإثبات قدرتها على توفير خدمات الإغاثة التي لم تستطع الحكومة توفيرها، وهي الخدمات التي ساعدتهم على جذب المجندين الجدد إلى الجماعات المسلحة المحظورة، وفي ظل تعثر التعليم العام غالبا ما تتجه الأسر الباكستانية الفقيرة إلى المدارس الإسلامية التي تغذي وتؤوي أولادها، لكنها تقدم لهم أيضا نموذجا مسلحا من الإسلام.
وأفاد تشودري بأن المحاولات السابقة لقمع الجماعات عرقلتها العوامل الإقليمية ومشاكل الأمن الداخلي، وتابع تشودري "هناك حرب مستمرة مع أفغانستان، ونحن عالقون في العديد من المواجهات مع هذه المجموعات المتطرفة، والآن يريدوننا أن نضغط على هذه الجماعات المناهضة للهند لتتحول ضدنا.. الأمر محير للغاية".
وقال دبلوماسي غربي في دلهي إن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا ودولا أخرى كانت تحث إسلام آباد على اتخاذ إجراءات صارمة ضد المتشددين الذين يعملون على أراضيها والتي يعتبرونها "أكبر خطر على الاستقرار الإقليمي"، وأصبح الأمر واضحا بعد أن أعلنت الحكومة الهندية أن المزيد من الهجمات ستثير ردة فعل قوية، الأمر الذي سيؤدي إلى مواجهة باكستان، وهو ما يزيد من خطر نشوب صراع أوسع، وأضاف المسؤول "إذا لم تتحرك باكستان ضد الإرهابيين وحدث هجوم آخر في الهند، حقيقة لا أعرب إلى أين سيذهب الوضع".
قد يهمك أيضا: