بيروت - لبنان اليوم
يتواصل مع عطلة نهاية الأسبوع الاستنفار السياسي والنيابي الشامل قبل ثلاثة أيام من موعد الأربعاء المفصلي في مصير الأزمة الرئاسيّة على رغم انطباع ساحق يسود البلاد بأنّ الجلسة الانتخابية الثانية عشرة لمجلس النواب لن تشهد انتخاب رئيس جديد في ظلّ انحصار المواجهة بين المرشّحين الوزيرين السابقين سليمان فرنجية وجهاد أزعور . وازدادت صورة المشهد الداخلي غموضاً وتوتّراً في ظلّ تصاعد الخطاب الهجومي المقترن بحملة اتّهامات مقذعة للمرشح أزعور عبر وسائل التواصل الاجتماعي الأمر الذي عكس تزايد الاتّجاهات التصعيديّة للفريق الداعم لفرنجيّة كلّما توافرت معطيات جديدة عن ازدياد حجم التأييد لانتخابه.
وإذا كانت العناوين العريضة ليوم التصويت الحاسم لإظهار حجم الدّعم لكل من المرشّحين معروفة لجهة توقّع استجماع أزعور عدداً للأصوات يتفوّق على عدد أصوات داعمي فرنجية فإنّ الإطاحة بالدورة الثانية من الجلسة عبر افتقادها نصاب الثلثين لن يسقط في أيّ شكل من الأشكال الدّلالات المدويّة للتقدم المرجّح لأزعور وما سيتركه ذلك من تآثير فعال على مواقف المتردّدين الرماديين في الداخل والخارج سواء بسواء. ولذا تنامت في الساعات الأخيرة الشكوك الأقرب إلى تساؤلات قلقة حول ما يمكن أن يحصل في حال ثبوت تقدّم أزعور على فرنجيّة تقدّماً مثيراً للخوف من فوزه إذا تركت المعركة تأخذ مجراها. ولكن أوساطاً معنيّة بمتابعة مجريات الاتصالات الجارية سخرت من موجة السيناريوهات الإعلاميّة التي تستبق موعد الأربعاء مشدّدة على أنّ الأمور ستكون مرهونة بساعتها ولن يكون ممكناً أو واقعيّاً رسم سيناريوهات مسبقة فيما الواقع يتحرّك بقوة كبيرة حاملاً تطورات جديدة في كل لحظة.
وتستمر في هذا السياق الاتّصالات بين عدد من نوّاب التغيير وأزعور وبين بعضهم البعض لحسم وِجهتهم الأربعاء، وسيجتمع عدد من الكتل تباعاً مطلع الأسبوع لتحديد خياره الانتخابي، ومنهم نواب بيروت المستقلّون في دارة النائب نبيل بدر على الأرجح، وتكتّل الاعتدال الوطني ونواب الجنوب المستقلون والطاشناق علماً أنّ هذه الأطراف كلّها أكّدت رفضها تطيير نصاب الجلسة وأشارت إلى أنها ستشارك فيها.
وسط هذه الأجواء الضاغطة، تتّجه الأنظار إلى ما سيقوله اليوم المرشّح فرنجية حيث ستكون له كلمة في ذكرى مجزرة إهدن في قصر الرئيس فرنجية في إهدن.
وواصل "حزب الله" حملته على الفريق الآخر، معتبراً "أنّ مَن تقاطعوا لعزله عبر قطع الطريق على مرشّحه، سيفشلون، داعياً في الوقت عينه إلى الحوار. وأكّد عضو المجلس المركزي في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق أنّه "أمام أزمات البلد المتراكمة يجب أن تكون المرحلة مرحلة إنقاذ وليس الإنقلاب على التوازنات الداخليّة الحسّاسة". وأشار قاووق من جبيل إلى أنّ "لبنان يحتاج إلى تقاطعات وطنيّة تنقذه من الانهيار وتحصّنه من الفتنة، إلى تقاطعات تصب في المصلحة الوطنيّة لا في مصلحة أشخاص، ونقول للذين يحمسون والذين يتحمّسون، لا تخطئوا بالحسابات ولا تأخذكم الحماسة الزائدة إلى المزيد من الرهانات الخاسرة".
وقال: "الاصطفافات المستجدة في ملف الرئاسة أكّدت هواجسنا الوطنية وفضحت النوايا المبيتة، ومسؤوليتنا الوطنية تفرض علينا تحصين الساحة وقطع الطريق على الفتنة، وإن تبنّي "حزب الله" للحوار غير المشروط سواء على مستوى المشاركين أو المرشحين هو موقف جدي وليس مناورة سياسية أو إعلامية".بدوره، أشار رئيس "تكتل بعلبك الهرمل" النائب حسين الحاج حسن "أنّنا سنصوت للوزير سليمان فرنجية، وهذا التصويت هو لمرشح طبيعي نحن أعلنا تأييدنا له، وهو مرشّح له تاريخه السياسي، والذين يصوّتون له هم حلفاؤه منذ فترة طويلة، وتربطنا به علاقة راسخة منذ فترة طويلة. في مقابل مرشح تم التقاطع عليه قبل أيّام من قبل جهات بعضها كان قد وضع فيتو على ترشيحه، وبعضها كتب فيه ما لا يمكن أن يسمح لهم بتبنّي ترشيحه، وبعضهم يقول بوضوح أنهم توافقوا عليه فقط، وهم يختلفون في كلّ شيء في البرامج السياسية. وهذا يطرح أسئلة حول الغايات وحول من هندس هذا التقاطع. هذا التقاطع يساهم في تأزيم الأمور أمام انتخابات رئاسة الجمهورية".
في المقابل، شدّد رئيس "اللّقاء الديموقراطي" النائب تيمور جنبلاط على "مقاربة عقلانية للإستحقاقات الراهنة والإبتعاد عن لغة التحدّي والمواقف المتشنجة المتصلة بها". ورأى في تصريح على هامش لقاءات السبت في قصر المختارة، ان "القبول بمنطق العمل الديموقراطي المبني على أسس الحوار، وحده الكفيل بإستمرار البحث عن الخيارات الوفاقية والجامعة لمصلحة الوطن ومستقبله".
كما أكد عضو اللقاء الديمقراطي النائب مروان حمادة "اننا لم نأخذ أزعور على أنّه مرشح تحد ولا نعتبر أنفسنا بمواجهة أحد إنّما الآخرون هم الذين يواجهون ويتجنّون على أصحاب الخيارات. مرّ علينا الكثير في العام والخاص ولا نخاف بل سنعمل وفق قناعاتنا، واذا نجح فرنجيّة بأكثرية واضحة فأهلاً وسهلاً. في النهاية لا نستطيع أن نقول لا للعبة الديموقراطية، أمّا إذا حصلت لعبة النصاب وتطييره فهذا ما لا نقبل به". وأوضح أنّ "الصداقة مع فرنجية غير مرتبطة بالسياسة، وما رح نرجّع بشار الأسد ع قصر بعبدا".
على صعيد آخر، وعشية مؤتمر بروكسل الذي سيتطرق إلى النّزوح السوري يعقد مجلس الوزراء جلسة الثلثاء المقبل للبحث في موضوع النزوح السوري والورقة التي سيحملها لبنان إلى المؤتمر، علماً أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كلّف وزير الخارجية عبدالله بوحبيب تمثيل لبنان فيه. كما أنّ وزير المهجّرين عصام شرف الدين، يستعدّ لزيارة سوريا لمناقشة هذه القضية مع المعنيين بها في دمشق. إلى ذلك، يناقش مجلس الوزراء أيضاً طلب وزارة العدل الموافقة على عقد اتفاق بالتراضي مع محاميين فرنسيين لمعاونة رئيس هيئة القضايا في الدعوى المقدمة بملف أنا كوساكوفا ورفاقها.
وأكَّد رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية أنَّه في حال وصوله إلى سُدّة الرئاسة سيكون رئيسًا لكل اللبنانيين، مشيرًا إلى أنَّه “نريد من الجميع أن يكون بجانبنا لاخراج البلد من كبوته”.وفي الذكرى الـ45 لمجزرة إهدن، قال فرنجية: “قال فريق إن هذا المرشح يُطمئننا وتعالوا للحوار ولكن الفريق الآخر سارع للقول لا نرضى برئيس يُفرض علينا”.وشدَّد على أنَّه لا يفرض نفسه على أحد، مشيرًا إلى أنَّه “إذا اتُفق على مرشح وطني يريح البلد وكان هناك اجماع وأكثرية عليه فلا مانع لدي”، معتبرًا أنَّه “في هذا الجو من الصعب انتاج رئيس وسنذهب الى الخنادق السياسية”.
وأوضح فرنجية أنَّه “يجب طمأنة المسيحيين في لبنان بأن الشركاء في الوطن لا يسعون لالغائنا”، لافتًا إلى أنَّه “اسمي كان مطروحًا للرئاسة في 2005 و2018 وكل نائب يمكنه اختيار من يعتبر أنه يحقق نظرته للبنان المستقبلي”.وأضاف: “كان المطلوب أن يتم تصويري بأنني مرشح لفريق قبل أن يتم ترشيحي من رئيس مجلس النواب نبيه بري وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله”، مؤكدًا أنَّه “لم أخجل في يوم بانتمائي إلى مشروع سياسي ولكن عندما أصبح رئيس سأكون لكل اللبنانيين”.وأشار رئيس تيار “المردة” إلى أنَّ الفريق الآخر لا يجمعه إلا السلبية والالغاء وعندما تنتهي مصالحهم يعودون للصراع فيما بينهم.
وتوجّه فرنجية لـ”القوات اللبنانية” بالقول: “أنتم ضد مرشح “الممانعة” ولكن أذكركم أن “الممانعة” كانت ضدي في 2016 في حين كان مرشحها الرئيس ميشال عون وأنتم تحالفتم معه، وعطلتم النصاب الذي كان لمصلحتي مرارا”.وشدَّد على أنَّ المشكلة ليست مع حزب الله بل مع أي مسيحي منفتح يمكن أن يعيد المسيحيين إلى لبنان وليس إلى “الكنتونات”، لافتًا إلى أنَّه يجب طمأنة المسيحيين في لبنان بأن الشركاء في الوطن لا يسعون لالغائنا.وللتيار “الوطني الحر”، قال فرنجية: “تريدون مرشحًا من خارج المنظومة ومرشحكم ابن المنظومة ووزير مالية “الابراء المستحيل””.
وأكَّد أنَّ لديه رؤية يناقشها مع رئيس الحكومة وقاموسي أن لا تعطيل بالحياة السياسية، مضيفًا: “نحن انطلقنا من قناعتنا بالحوار ومستمرون بهذه القناعة”.وتابع: “نحن أبناء بيت سياسي عمره 100 عام ولا يمكن لاحد أن يزايد علينا بمسحيتنا وبوطنيتنا وعروبيتنا”، مؤكدًا أنَّ المشروع التوحيدي قوي وأقوى من كل وقتٍ مضى.وأشار فرنجية إلى أنَّ الرئيس سليمان فرنجية كان مؤمنًا بعروبة لبنان وترك المشاريع الساعية للتقسيم، وأنَّ المصالحة في الشمال ضربت كل مشاريع الالغاء والتقسيم وكانت مجزرة اهدن.
قد يهمك ايضاً