بيروت - لبنان اليوم
أكَّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أنه "إذا استمر المسار الحالي السائد والقائم على ما يسمى بـ"صفقة القرن" فلا سلام سيتحقق في الشرق الأوسط إذا لم يكن سلاما عادلا، وعكس ذلك يصبح فرض أمر واقع على الشعوب العربية التي لا يمكنها أن تنسجم مع شعب غريب استوطن أرضها، وهو لا يتعاطى مع الآخرين إلا وفق منطق القوة"، مؤكدا أن "أي سلام بين الشعوب لا يقوم إلا على مبدأ العدالة والقبول بالآخر وهو لا يزال مفقودا".
جاء كلام الرئيس عون خلال استقباله قبل ظهر الأربعاء، في قصر بعبدا، وفدا من المشاركين في برنامج زمالة رواد الديمقراطية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الجامعة الأميركية في بيروت، برئاسة شانتال سعيد مشنتف، وهو برنامج ممول من قبل الشراكة الأميركية الشرق أوسطية التابعة إلى وزارة الخارجية الأميركية ويضم شبابا من مختلف الدول العربية.
إقرأ أيضًا:
المطران ميشال عون يترأس قداسًا احتفاليًا في بلدة "جربتا البركة"
مشنتف
بدأ اللقاء بكلمة للسيدة مشنتف، شكرت فيها الرئيس عون على "الفرصة التي اتحتموها لنا والتي لا شك في أنها فرصة فريدة لصقل هذه التجربة التعليمية ولإضفاء وقع مميز على مسار كل من الزملاء وأعضاء فريق العمل على حد سواء"، وأشارت إلى أن "برنامج زمالة رواد الديمقراطية يرمي إلى تطوير الحوكمة الشاملة وتمكين المجتمع المدني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عبر تزويد رواد من ديمقراطيات ناشئة ومن المجتمع المدني بدروس أكاديمية، تتبعها زمالة ترتكز على بناء المهارات بهدف تحقيق التطور المهني للزملاء، ويقوم كل سنة على اختيار أفضل الشباب الفاعل والمؤثر جمعويا وسياسيا معا يشكلون فسيفساء متنوعة ومتناسقة من شباب العالم العربي".
وقالت: "لا يخفى عليكم فخامة الرئيس، بأن جل البلدان المشاركة في البرنامج تتشارك في العديد من الصعوبات وتجابه العديد من التحديات التي تعيق تحقيق التنمية والرخاء لشعوبها، ومن أبرز هذه التحديات الحرب على الإرهاب وإرساء ثقافة السلام ومقاومة الآفات الاجتماعية، كتمكين المرأة باعتبارها عنصرا فاعلا في المجتمع، والقضاء على البطالة التي وصلت إلى معدلات كبرة، لا سيما لدى الشباب الحامل للشهادات العليا وغيرها من القضايا التي نعمل على حلها كقادة شباب فاعلين في أوطانهم".
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد في لبنان، أملا "أن يكون حضوركم ومشاركتكم في البرنامج ناجحين على مختلف المستويات سواء الثقافية منها أو السياحية"، مشددا على أن "لبنان بلد مضياف ونحن نؤيد العمل الذي يقوم على أساسه البرنامج لجهة تشجيع الجيل الشاب، لا سيما النساء، على الانخراط في العمل العام"، مشيرا إلى "أهمية تشجيع المرأة على الانخراط أكثر فأكثر في المجال السياسي"، موضحا أن "المرأة في لبنان تتمتع بكامل حقوقها المدنية والسياسية وذلك منذ خمسينات القرن الماضي، وقبل العديد من الدول حتى الأوروبية منها".
ودار حوار بين أعضاء الوفد ورئيس الجمهورية، حيث شدد الرئيس عون على أن "عالم الشباب وعالم المسؤولين متكاملين، وعلى الشباب أن يؤهلوا أنفسهم للانخراط في العالم السياسي أكثر فأكثر"، منوها بـ"أهمية أن تفسح الجامعات في المجال لهم لكي يتلقوا هذا التأهيل المطلوب"، وبأنه طالب بهذا الأمر "مختلف الجامعات في لبنان عبر رسالة وجهتها إليها".
وقال رئيس الجمهورية: "نعمل على إدخال قدرات كبيرة إلى دوائر القرار وإلى مختلف سلطاته"، ولاحظ أن "العمل الاقتصادي منفتح كالسياسي على دخول الطاقات الشابة إليه"، وأكد "أهمية تعزيز الكفاءات الشابة والاختيار منها في كل ميادين العمل العام"، وأشار إلى "ضرورة إيلاء موضوع الهجرة الريفية إلى المدن، لا سيما إلى العاصمة بيروت، أهمية أساسية، من خلال تشجيع مختلف قطاعات الإنتاج وإيجاد فروع للجامعات اللبنانية والمعاهد المهنية في القرى والبلدات البعيدة عن المدن الكبرى، لتركيز الشباب في أماكن وجودهم والحد من نزوحهم".
ورأى رئيس الجمهورية أن "للبنان خطة اقتصادية من شأنها إحداث تغييرات جذرية في البنى الاقتصادية، وذلك لمواجهة مختلف التحديات العصرية والخروج من الأزمة الراهنة، وتم تحديد القطاعات المنتجة وتوظيف الطاقات فيها، ما من شأنه تعزيز مختلف المناطق اللبنانية"، أملا "أن يتم الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج في وقت قريب تطبيقا لهذه الخطة".
وردا على سؤال، شدد الرئيس عون على أن "موضوع النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين يشكل عبئا كبيرا على لبنان الذي بات غير قادر على تحمله، سواء لجهة مضاعفة الكثافة السكانية أم لجهة ارتفاع نسبة البطالة لدى الشباب اللبنانيين إضافة إلى الشح في الموارد لدى لبنان"، معتبرا أن "مختلف الخدمات تعاني أيضا نتيجة هذا العبء، ما يضاعف من نسبة هجرة اللبنانيين إلى الخارج، وهذا بحد ذاته يشكل أزمة، من دون أن نغفل ارتفاع نسبة الجرائم نتيجة الظروف الاقتصادية التي نعاني منها، وزيادة مشاكل التعليم، وضعف البنى التحتية التي لا يمكنها مجتمعة استيعاب نتائج هذا العبء".
ولفت إلى أن "نسبة المساعدات الدولية لا توازي نسبة الحاجات"، مشيرا في الوقت عينه إلى أن "هذا العبء بات مفروضا علينا لأن البعض يشترط مسبقا إيجاد الحل السياسي في سورية قبل عودة النازحين"، وفي معرض رده على سؤال من أحد أعضاء الوفد، استعاد رئيس الجمهورية الأزمة القبرصية "التي لا تزال دون حل بعد مرور 45 سنة على بدايتها، والقضية الفلسطينية التي تبقى دون حل بعد 71 سنة على حصولها"، معتبرا أن "لا حل لها في الأفق، إذا ما استمرت السياسة الدولية في التوجه عينه، حيث وهبت الولايات المتحدة مدينة القدس إلى اسرائيل، وهي أصلا لا تملكها، كما وهبتها الجولان، وهناك تصاريح تعد بضم غور الأردن والمستعمرات المبنية على أراض عربية إلى إسرائيل".
وقال: "كل ذلك هو ضد مبادئ الشرعية الدولية، لا سيما أن النازحين السوريين إلى لبنان أتوا نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية التي استتبت اليوم في معظم أراضي سورية، وبات بمقدورهم العودة إلى ديارهم، لكن هناك من يمنعهم من العودة، وهذا يشكل بذاته إحدى المظالم التي تصيبنا في لبنان من بعض المجتمع الدولي".
قد يهمك أيضًا:
عون لقائد "اليونيفيل": إسرائيل هددت استقرار المنطقة الحدودية
ميشال عون يلتقي جوزيف القصيفي لبحث أوضاع العاملين في الصحافة والإعلام