بيروت - لبنان اليوم
أعلن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أنه «غير متشائم» فيما خص ملف انتخابات رئاسة الجمهورية التي شغر منصبها في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ولم يتمكن النواب من انتخاب بديل للرئيس المنتهية ولايته ميشال عون، فيما هاجم البطريرك الماروني بشارة الراعي النواب «المتقاعسين عن انتخاب الرئيس» ورأى أن طاعتهم العمياء لزعمائهم هي بمثابة «خيانة عظمى».
وقال الرئيس بري لـ«الشرق الأوسط» بأنه لن يدعو إلى جلسة جديدة للانتخاب «إلا إذا وجد إمكانية لانتخاب رئيس للجمهورية، أو إذا لمس وجود تنافس حقيقي في البرلمان» جازما بأنه «لا تكرار للمسرحيات» في إشارة جلسات الانتخاب الروتينية التي عقدت منذ أواخر العام الماضي من دون أن تثمر.وأشار بري إلى أن الحراك في الملف الرئاسي يقتصر حاليا على ما حصل من اجتماعات في فرنسا، وما يحصل من بعض الاتصالات الداخلية مع النواب لسبر إمكانية التوافق على مرشح ما، لكنه شدد في المقابل على أن «اللبنانيين هم الأساس في أي حراك رئاسي، وأي حراك خارجي لا بد من أن يستكمل بقرار لبناني داخلي، وهذا ما على الجميع أن يعيه وعدم الاستسلام للفراغ».
وأكد بري أنه «غير متشائم» في الملف الرئاسي، من دون أن يفصح عن الأسباب. ويقول: «نحن نحتمل أسابيع من الانتظار من دون رئيس، لكننا بالتأكيد لن نحتمل تأخيرا لأشهر وسنوات، خصوصاً أن البلاد تحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى لكل قطرة جهد لإخراجها من أزماتها». وشدد على ضرورة انعقاد الحكومة لمعالجة قضايا الناس الأساسية والملحة، معتبرا أن عدم انعقاد الحكومة هو مخالفة دستورية، وليس انعقادها» في إشارة غير مباشرة إلى اعتراض التيار الوطني الحر الذي يرأسه النائب جبران باسيل على أي اجتماع للحكومة في ظل الفراغ الرئاسي.
وكان البطريرك الراعي شن أمس هجوما غير مسبوق على النواب، معتبرا في عظة الأحد أن «حالة الشعب اللبناني الذي يعاني من الفقر والجوع، ومن حرمانه الدواء والغذاء، ومن فقدان الحق والعدل، إنما هي نتيجة سوء أداء السياسيين الممعنين في خيانة الشعب. الذي ائتمنهم على مؤسسات الدولة لكي يحكموا له بالحق والعدل، ويؤمنوا الخير العام الذي منه خير جميع المواطنين وخير كل واحد». وقال: «إن نواب الأمة بالطاعة العمياء لمرجعياتهم يحجمون عن انتخاب رئيس للجمهورية، ويؤثرون الانهيار المتفاقم في المؤسسات الدستورية والعامة، وقهر الشعب، وإرغام خيرة قوانا الحية على مرارة الهجرة. أليست هذه خيانة عظمى؟ بل هي جرم عظيم بحق الشعب اللبناني والدولة؟». وأضاف: «يتكلمون عن ضرورة الحوار من أجل الوصول إلى مرشح توافقي، فيما البعض يتمسك بمرشحه ويريد فرضه على الآخرين، والبعض الآخر يتمسك بحق النقض ضد ترشيح هذا أو ذاك من الشخصيات المؤهلة وهي عديدة.
أول ما يقتضي هذا الحوار، إذا حصل، الانطلاق أولا من لبنان ووضعه ومن حالة اللبنانيين، ومن ثم البحث عن المرشح الأفضل والأحسن لهذا الظرف. ويقتضي ثانيا التجرد من الأنانية الرامية إلى المصلحة الخاصة».أما متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة فقد رأى أن «الواقع المرير الذي نعيشه سببه الكبرياء والأنانية، أما المحرك فهي الارتباطات المشبوهة، والمصالح والمكاسب والانقسامات الطائفية». وقال: «إن التعنت والمكابرة والحقد وتصفية الحسابات لم توصلنا إلا إلى التراجع والانهيار. حان وقت التعقل والتواضع والعودة إلى الدستور الذي وحده ينظم حياتنا، وليقم كل مسؤول وزعيم ومواطن بواجبه من أجل إنقاذ هذا البلد». وسأل: «كيف يتقاعس المجلس النيابي، المؤتمن على تطبيق الدستور، عن انتخاب رئيس؟ وما هي مصلحة المعطلين؟».
أما المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان فقد رأى أنه «لا بد من الاتفاق على رئيس مصالح وطنية لأن موقع رئيس الجمهورية بقلب الهيكل السيادي. لبنان شراكة طوائف والسكاكين الدولية تحيط به من كل جانب، وأقصى ما نريده رئيس مصالح وطنية، وأي خطأ بهذا المجال يعني نحر لبنان».واعتبر النائب هاني قبيسي، عضو كتلة بري النيابية، أن «هناك من يعطل كل الاستحقاقات، ولا يريد رئيسا للجمهورية يوافق المقاومة برأي أو يؤيدها بموقف، بل لا يريد رئيسا يحمي ظهر المقاومة على مستوى النظام السياسي». وأضاف: «تعطلون انتخاب الرئيس وتعترضون على اجتماعات مجلس الوزراء لتصريف الأعمال ولا توافقون على أي تعيين فمؤسسات الدولة أصبحت مشلولة، وبهذا تدمرون مؤسسات الدولة برفضكم لإنجاز أي استحقاق بل تجتمعون مع الغرب لإصدار إملاءات جديدة علينا». ورأى أن «لبنان اليوم بأمس الحاجة إلى التفاهم وللعيش المشترك، ولنكون جميعا متفاهمين على ما هو خير لدولتنا ومؤسساتنا ولا أن يسعى فريق لهزيمة فريق آخر فنحن دعاة للحوار وللتفاهم مع كل الأطراف لإيصال رئيس ليس لطرف».
وأكد عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق أن «الحزب حريص على أن يبادر إلى كل ما من شأنه تخفيف معاناة اللبنانيين، وهو يبذل كل الجهود لأجل تسريع انتخاب رئيس للجمهورية، لأنه يشكل منطلقاً طبيعياً لإنقاذ البلد ووقف الانهيار». وقال: «لبنان لا يتحمل إملاءات خارجية لا رئاسية ولا غيرها»، معتبراً أن «الحل الوحيد المتاح هو الإسراع ببدء الحوار للوصول إلى توافق لبناني - لبناني، ولا بديل عن التوافق لا اليوم ولا غداً ولا بعد غد». وأضاف: «أما الذين يواصلون الصراخ وبأصوات مرتفعة ويرفعون شعارات أكبر من أحجامهم، فهؤلاء يعبرون عن يأسهم وإحباطهم وخيبتهم، وهم أعجز من أن يغيروا المعادلات التي أنتجتها انتصارات المقاومة، ومن أن يغيروا من هوية وتركيبة لبنان».
قد يهمك ايضاً