الرئيس سعد الحريري

بدلًا من أن يكون لقاء بعبدا بداية لحلّ، أو بداية لإيجاد حل لأزمة طويلة وعريضة، لها أول، ويبدو أن ليس لها آخر، أصبح هذا اللقاء اليوم مشكلة بحد ذاته تضاف إلى المشاكل الكثيرة التي يعيشها البلد، والذي دخل مرحلة جديدة من المراوحة والإنتظار، بعد رفض كتلة "المستقبل" المشاركة فيه لأسباب شكلية وجوهرية، وبعد ردّ مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، الأمر الذي يوحي بأن هذا اللقاء قد ولد ميتا، من حيث نوعية الحضورمن جهة أو من حيث النتائج من جهة أخرى، وأن الغاية التي من أجلها كانت الدعوة إليه، إنطلاقًا من حرص رئيس الجمهورية على القيام بدوره الدستوري، كما جاء في بيان المكتب الإعلامي، لم تعد قائمة، أو بالأحرى نُسفت، مع ما سيرافق ذلك من نسف للجسور بين "بيت الوسط"وثصر بعبدا مرورًا أو ربطً بـ"ميرنا الشالوحي".

فإذا كانت الغاية من هذه الدعوة لإطلاع رؤساء الكتل النيابية، أي القوى السياسية الأساسية في البلد، على الخطة الإقتصادية التي أقرتها الحكومة بالإجماع، فإن حضور بعض القيادات المصنفة في خانة المعارضة يُعتبر لزوم ما لا يلزم، لأنهم قد اطلعوا عليها، وهم في صدد الإعداد لدراسات مفصلة تتضمن الملاحظات عليها، وهي كثيرة على ما يبدو، وهي ستكون علمية ودقيقة ومفصلةن وفق ما تقوله مصادر مطلعة.وفي رأي أكثر من مرجع في أحزاب المعارضة أنه طالما أن هدف اللقاء هو فقط للإطلاع على الخطة من رئيس الحكومة، فإن عدم الحضور يُعتبر مبررا أقله من الناحية الشكلية، بغض النظر عن رأي هذه القوى بمضمون الخطة، وبغض النظر أيضًا عن الخلافات السياسية القائمة بينهم وبين العهد، وبالأخصّ بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري، بعدما سقطت التسوية الرئاسية بالضربة القاضية، وبعدما أصبحت علاقاتهما كالمتوازيين اللذين لا يمكن أن يلتقيا، خصوصًا أن ثمة أطراف تعمل على تعميق الشرخ بينهما، الأمر الذي ينعكس على مواقف كل منهما، وهي مواقف عالية السقف، وسيكون لها تداعيات على الصعيدين السياسي والوطني، بإعتبار أن تيار "المستقبل" يمثّ شريحة واسعة من الشارع السني، وبالتالي لا يمكن تجاهل حضوره السياسي على الساحتين السياسية والوطنية.

فلو كانت الدعوة إلى اللقاء على غير الصورة التي جاء فيها، كمثل ضرورة التشاور بين المكونات الأساسية والرئيسية في البلد من اجل الخروج بخلاصات قد تسّهل عودة الأمور إلى مجراها الطبيعي، بإعتبار أن مسؤولية الإنقاذ مشتركة بين الجميع، بغض النظر عن الخلافات السياسية، لكانت ظروف إنعقاد اللقاء أفضل مما هي عليه اليوم. أما أن تتضمن الدعوة عبارة لـ"الاطلاع" فإن فيها ما فيها من إساءة، ولو غير مقصودة، لزعماء سياسيين يمثلون ما يمثّلونه على مساحة الوطن.

وفي رأي بعض الأوساط أن ثمة من يتقصدّ توريط رئيس الجمهورية بمواقف لا تخدم العهد ومسيرته كثيرًا، وهذا ما كان يشكو منه الرئيس الحريري خلال توليه رئاسة الحكومتين السابقتين في النصف الول من العهد، إذ غاليًا ما كان يشكو من "الوشوشات"،التي كانت من بين الأسباب، التي أدّت إلى الطلاق بينهما.على أي حال، فإن "لقاء بعبدا"، بمن حضر، لن يدخل في مسار إنجازات العهد، ولن يكون "يومًا تاريخيًا"يضاف إلى روزنامة الأيام التاريخية، والتي اصبحت كثيرة.

قد يهمك ايضا:

رئيس الحكومة السابق سعد الحريري يجري مشاوراته مع قيادة تيار "المستقبل"

  "المستقبل" تطالب الحكومة بالكف عن معزوفة الثلاثين عامًا و تنفيذ الحلول