عامر الفاخوري

كتب منير الربيع في "المدن": على الرغم من كورونا وأزماتها، لا يتوقف حزب الله عن تقصي الأوضاع الإسرائيلية، وفيما كانت إسرائيل تبرم توليفة سياسية لنسج اتفاق يعيد بنيامين نتنياهو رئيسًا للوزراء، ليصبح بني غانتس رئيسًا لمجلس النواب، كان حزب الله يصر على رصد ما يرتبط بهذه الخطوة التي لا تنحصر بالسياسة الإسرائيلية الداخلية. فعندما تلجأ إسرائيل إلى هذا النوع من الاتفاقات الكبرى في داخلها، يعني أنها تحاول تجنّب الكوارث والتشظيات التي قد تعصف بها، إذا ما ذهب القضاء في تحقيقه وإجراءاته ضد نتنياهو حتى النهاية.

فأزمة كورونا شكّلت فرصة للإسرائيليين للذهاب إلى هذه التسوية السياسية الكبرى التي لم تكن المحكمة بعيدة عنها. وهي حتمًا ستكون حاضرة في تداعياتها في مرحلة ما بعد كورونا، مهما طالت. وهذا النوع من التسويات الداخلية، غالبًا ما يفتح الطريق أمام تصعيد هائل، سواء ضد الفلسطينيين أو ضد غيرهم. ولا يمكن استبعاد نشوب أي حرب قد تخوضها إسرائيل للخروج من مآزقها الداخلية.

تهويل بالحرب

طبعًا حاليًا كل شيء مؤجل الآن، لمواكبة أزمة كورونا وتداعياتها. لكن بعدها حتمًا سيكون هناك تطورات كبيرة. والاهتمام الإسرائيلي لا يزال يتركز على حزب الله الذي يعرف ذلك. ولا تخلو الصحافة الإسرائيلية من تحذير حزب الله، وتوقعها نشوب حرب كبرى. لكن ذلك غالبًا ما يكون من باب التهويل والبحث عن تسويات. وهذا لا ينفي أن لحظات الأزمات السياسية التي تفرض التسوية قد تفرض الحرب.

حزب الله في المقابل، يراقب عن كثب، يهتم جيدًا بإيصال الرسائل السياسية، التي كان آخرها اختراق طائرة مسيّرة الأجواء الفلسطينية المحتلة، فأسقطتها القوات الإسرائيلية، ووصفت الحادثة بأنها خرق للسيادة وخطيرة.

رسائل أربع

يعرف حزب الله أن هذا التحرك لا يستدعي الدخول في حرب. فاللعبة لا تزال ضمن القواعد الممسوكة التي لا تمنع إيصال رسائل متعددة الاتجاهات: أولًا، في اتجاه إسرائيل للقول إنه غير غافل عما يجري فيها، وهو جاهز لأي تطور قد يحصل فجأة. وثانيًا، إلى المجتمع الدولي حول وجوب تخفيف الضغوط عليه والعقوبات المفروضة عليه. وثالثًا، إلى الدولة اللبنانية، تقول إنه قادر على مواكبة الأحداث والتطورات وفرض ما يريد في معادلات السلم والحرب. خصوصًا أن عملية  الطائرة المسيرة تعيد فتح السجال السياسي في لبنان من قبيل: من يملك قرار السلم والحرب؟

لكن الرسالة الأهم هي الرابعة: يريد حزب الله إبلاغ جمهوره بأنه غير غافل عن مواجهة العدو الإسرائيلي، على الرغم من الأزمات والضغوط المالية والعقوبات الاقتصادية. وهو يعتبر أن العملية  تأتي في إطار الردود السياسية وغير المباشرة على اغتيال قاسم سليماني، وإطلاق سراح عامر الفاخوري.

خنادق الضياع

وهذه الرسالة ليست بعيدة من الرسائل الكثيرة التي أراد حزب الله توجيهها بكشفه عن خطته لمواجهة أزمة كورونا، وإعلانه عن نشره جيشًا من المتطوعين الطبيين، لمواكبة الأزمة، وتجهيز مستشفيات ميدانية في حال حصول أي طارئ، أو انتشار الوباء على نحو تعجز الدولة عن مواكبته.

يتعاطى حزب الله مع أزمة كورونا وكأنها حرب كونية. وهو يعدّ خطط استباقية لمخيمات اللاجئين واللبنانيين المغتربين. وهذا، ليبرز صورته الإنسانية والفاعلة على الصعيد الطبي. وذلك ردًّا منه على الاتهامات والحملات التي كانت توجه إليه، بأنه لا يجند غير المقاتلين العابرين للحدود. وهذا يمنحه أيضًا فرصة للخروج من ميدان مواجهة استحقاقات من نوع آخر، لا سيما الاستحقاقات المالية والاقتصادية والسياسية والصحية.

وهو بذلك يخرج من خنادق الضياع، سواء أكان يؤيد خيار اللجوء إلى صندوق النقد الدولي أو يرفضه. تأييد الكابيتال كونترول أم معارضته. تجنب مواجهة الأزمة الاقتصادية والمعيشية، والذهاب إلى مسرح جديد يثبت فيه قوته وقدرته في المجالات الإنسانية والطبية. وفي هذه المجالات أيضًا لا بد من إظهار فائض القوة والإبتكار والتنظيم والتطوير والقدرة على المتابعة والمواكبة.

قد يهمك ايضا:علاقة "حزب الله" بحلفائه تهتز ولا تسقط بحكم دقة الوضع بعد إطلاق سراح الفاخوري  

عبارة "نكد الدهر" عند حزب الله اللبناني تُثير التساؤلات حول دلالتها