كولمبو - كريم سعداوي
أعلن الرئيس السريلانكي غوتابايا راجاباكسا عزمه التنحي، بعد ساعات قليلة من اقتحام محتجين مقر إقامته الرسمي، وإشعال النار في منزل رئيس الوزراء.
ولم يكن الرئيس ولا رئيس الوزراء في المبنيين.
وتدفق الآف المتظاهرين الغاضبين إلى العاصمة كولومبو، للمطالبة باستقالة الرئيس بعد أشهر من الاحتجاجات على سوء إدارة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بسريلانكا
وسوف يتنحى راجاباكسا يوم 13 من الشهر الحالي.
وقال رئيس البرلمان ماهيندا أبيوردانا، إن الرئيس يستقيل "لضمان انتقال سلمي".وقبل ساعات من هذا الإعلان، اشتعلت النيران في منزل رئيس الوزراء ويكرمسينغ بعد أن اقتحم المتظاهرون المكان وأشعلوا فيه النيران. تُظهر مقاطع الفيديو المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي ألسنة اللهب تضيء سماء الليل.
ويأتي ذلك بعد إعلان رئيس الوزراء عزمه الاستقالة لتمهيد الطريق لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وقال رئيس البرلمان ماهيندا أبيوردانا إن الرئيس يستقيل "لضمان انتقال سلمي".
وأفادت تقارير بأنه تم نقل الرئيس بالفعل إلى مكان أكثر أمانًا بعد اقتحام المحتجين مقره الرسمي في العاصمة كولومبو.
وتعاني سريلانكا من تضخم متزايد، وتكافح من أجل استيراد الغذاء والوقود والأدوية.
وسافر الآلاف من المتظاهرين المناهضين للحكومة إلى العاصمة. وقال مسؤولون لوكالة فرانس برس إن بعضهم "استولى" على القطارات للوصول إلى هناك.
وقال مصدران بوزارة الدفاع إن راجاباكسا ترك محل إقامته الرسمي يوم الجمعة، كإجراء احترازي قبل الاحتجاجات المزمعة.ولم تتمكن بي بي سي من تأكيد مكان وجود الرئيس. وقال مصدر مقرب من رئيس الوزراء إنه في "مكان آمن".
وتدفق المتظاهرون نحو المنطقة الحكومية في كولومبو، مرددين هتافات مثل "ارحل يا غوتا!" واخترقوا العديد من حواجز الشرطة للوصول إلى منزل الرئيس.
وأطلقت الشرطة أعيرة نارية في الهواء، واستخدمت الغاز المسيل للدموع في محاولة لمنع الحشود الغاضبة من اجتياح المنزل، لكنها لم تتمكن من منع بعض الحشود من الدخول.
وكان مصدر رفيع في وزارة الدفاع لوكالة فرانس برس في وقت سابق يوم السبت، إن "الرئيس اصطُحب الى مكان آمن. إنه لا يزال الرئيس، وتحميه وحدة عسكرية".
وأظهرت لقطات بث مباشر على فيسبوك من داخل المبنى مئات المتظاهرين يتجمعون في الغرف والممرات، بينما يتجول المئات أيضًا في فناء المبنى بالخارج.
وأظهرت لقطات عشرات الأشخاص وهم يغطسون في مسبح القصر. مكن رؤية البعض يفرغ خزانة أدراج من محتوياتها.على الرغم من أنه المقر الرسمي للرئيس، إلا أنه ينام عادة في منزل منفصل قريب .
وقال متحدث باسم المستشفى الوطني في كولومبو إن ما لا يقل عن 33 شخصًا، من بينهم أفراد من قوات الأمن، أصيبوا ويتلقون العلاج في المستشفى.
"مستعد للاستقالة"
وأعلن مكتب رئيس وزراء سريلانكا، رانيل ويكريميسنغه، استعداد الأخير للاستقالة من منصبه لإفساح المجال أمام تشكيل حكومة تضم كل الأحزاب.
وجاء ذلك بعد أن أجرى ويكريميسنغه محادثات مع العديد من قادة الأحزاب السياسية في البلاد، لتحديد الخطوات التي يجب اتخاذها لحل الأزمة.
وقال مصدر بالحكومة لوكالة رويترز إن ويكريميسنغه "نُقل أيضا إلى مكان آمن".
ولكن بعد فترة وجيزة من إعلان رئيس الوزراء، بدأت مقاطع الفيديو تنتشر عن منزله وقد اشتعلت فيه النيران.
ويعيش رئيس الوزراء مع عائلته في منزل خاص يعرف باسم فيفث لين. يستخدم مقر إقامته الرسم ، المسمى تيمبل تريز، للأعمال الرسمية فقط.وقالت إحدى المتظاهرات، فيونا سيرمانا، التي كانت في الاحتجاج في منزل الرئيس، إن الوقت قد حان "للتخلص من الرئيس ورئيس الوزراء وللبدء بعهد جديد لسريلانكا".وأضافت، "أشعر بحزن شديد للغاية لأنهم لم يذهبوا من قبل".
وحاولت السلطات في سريلانكا وقف الاحتجاجات من خلال فرض حظر التجول مساء الجمعة. لكن المتظاهرين لم يتراجعوا، ورُفع حظر التجول بعد أن اعترضت عليه جماعات المجتمع المدني وأحزاب المعارضة بشدة.
و دولة سريلانكا هي جزيرة قبالة جنوب الهند. نالت استقلالها عن الحكم البريطاني في عام 1948. وتشكل ثلاث مجموعات عرقية - السنهاليون والتاميل والمسلمون - 99 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 22 مليون نسمة.
وقد هيمنت عائلة واحدة من الإخوة على حكم البلاد على مدى سنوات. أصبح ماهيندا راجاباكسا بطلاً بين الأغلبية السنهالية في عام 2009، عندما هزمت حكومته المتمردين التاميل بعد سنوات من الحرب الأهلية المريرة والدموية. وشقيقه غوتابايا، الذي كان وزيراً للدفاع في ذلك الوقت، هو الرئيس الآن.
و أدت الأزمة الاقتصادية في الآونة الأخيرة إلى الغضب في الشوارع. وأدى ارتفاع التضخم إلى نقص المعروض من بعض الأطعمة والأدوية والوقود فضلا عن انقطاع التيار الكهربائي، ونزل الناس العاديون إلى الشوارع غاضبين حيث حمل الكثيرون عائلة راجاباكسا وحكومتهم المسؤولية عن هذه الأزمة.
وأوقفت السلطات مبيعات البنزين والسولار للمركبات غير الضرورية الأسبوع الماضي، في محاولة للحفاظ على مخزون الوقود المتضائل في البلاد.
وتحاول الحكومة تأمين الوقود عن طريق الائتمان من دول بما في ذلك روسيا - دون نجاح حتى الآن.
وطلبت مساعدة مالية طارئة وهي تلقي باللوم في هذه الأزمة على جائحة كورونا، التي كادت أن تقضي على قطاع السياحة في سريلانكا - أحد أكبر مصادر الدخل بالعملة الأجنبية.
لكن العديد من الخبراء يقولون إن سوء الإدارة الاقتصادية هو السبب الرئيسي للأزمة.
وتطالب المظاهرات التي بدأت منذ مارس/ آذار باستقالة الرئيس راجاباكسا.
وكانت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة قد أدت إلى إجبار الأخ الأكبر للرئيس، ماهيندا راجاباكسا، على الاستقالة من منصبه كرئيس للوزراء في مايو/ أيار الماضي.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
الرئيس السريلانكي يقلّد الأمير الوليد بن طلال وسام الجمهورية