فيروس كورونا

لبنان يعود تدريجيًا ورويدًا رويدًا إلى حياته شبه الطبيعية، بعد فترة من التعبئة العامة، التي فرضت على اللبنانيين نمط عيش مختلفًا عمّا كانت عليه حالتهم قبل أن تجتاحها جائحة كورونا وتغيّر عاداتهم وتقلب يومياتهم رأسًا على عقب، وتبعدهم عن أشغالهم التي تأثرّت سلبًا بفعل الوضع الإقتصادي المتأزم أصلًا، والذي زادته الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة تأزيمًا.

ومن بين التدابير المتخذة إعتماد سياسة المفرد والمزدوج للسيارات الخصوصية، وقد إستثنيت من هذا الإجراء السيارات العمومية، وذلك من أجل المحافظة على نسبة متدنية من الإزدحام والتخالط العشوائي، تحت طائلة المسؤولية وتحرير محاضر ضبط بالمخالفين.

إستبشرنا خيرًا بهذا التدبير لما فيه من حكمة تجعل التزاحم والإختلاط بين الناس يخفّان تقريبًا إلى النصف، خصوصًا أن قوى الأمن الداخلي أقامت الحواجز وضبطت الوضع في بداياته، ولكن، وكما في كل مرّة، تراخت الإجراءات مما سمح بالتفلت والإنفلاش والفوضى، فأصبحنا نرى المفرد في يوم المجوز والمجوز في ايام المفرد وكأن لا قرارات حكومية ولا من يحزنون، فيما القوى الأمنية غافلة عن هذا الأمر من دون أن ندري ما السبب الذي يمنعها من تطبيق القرارات الحكومية، أو أن ثمة "قبة باط" مقصودة لكي يشعر الناس بالراحة في تنقلاتهم اليومية ومن أجل تسيير أمورهم طيلة ايام الاسبوع على حدّ سواء.

فإذا كان الأمر كذلك فلتبادر الحكومة إلى سحب قراراتها والتراجع عن أي تدبير لا يحظى بفرض شروطه وتطبيقه على الصغير والكبير، والمحافظة على الحدّ الأدنى من هيبة باتت تُفتقد في الليلة الظلماء.

فإذا لم تكن الحكومة على قدّ المسؤولية فما كان عليها إتخاذ قرار لا تستطيع تنفيذه، وإلا تصبح كخيال صحراء تعتاد عليه الطيور ولا تعود تخاف منه وتعيث في الكروم تخريبًا.

رحم الله العميد ريمون إده الذي كان يقول أن الحكم هيبة. فإذا فُقدت هذه الهيبة لا يعود للحكم أي معنى ولا يعود أحد يأخذه بعين كبيرة. وللتذكير كان العميد وزيرًا للداخلية، وهو الذي أسس الفرقة "16" في قوى الأمن الداخلي. ومن لا يعرف شيئًا عن هيبة هذه الفرقة فليسأل من هو أكبر منه، إذ كان يكفي أن تلوح "البيريه" الحمراء من بعيد حتى يرتعب كل من يخالف أو يعتدي.

نصيحة لوجه الله إلى "حكومة مواجهة التحديات": إذا لم تكوني على قدّ مسؤولية قراراتك فلا لزوم لتأخذيها، لأنه يكفيك ما تتعرضين له من شماتة الشماتين، أقله في ما خصّ العودة عن قرار التصويت في ما خصّ معمل سلعاتا.

اللبناني بطبعه ميّال إلى الفوضى فإذا لم تُتخذ في حقه إجراءات صارمة وموجعة فإنه يتمادى في إرتكاب المخالفات مع التباهي بهذه الإرتكابات. فقليل من الصرامة في تطبيق القوانين والقرارات لا يضرّ، لأن الضرب، وعذرًا على التشبيه، يعلم الدبّ الرقص.

قد يهمك ايضا:تمديد إجراءات التعبئة العامة في لبنان مع تسجيل 23 إصابة جديدة بـ"كورونا" 

 بدء جلسة المجلس الاعلى للدفاع برئاسة الرئيس عون للبحث في موضوع التعبئة العامة