بيروت - لبنان اليوم
من يعد بالذاكرة إلى بدايات التفاهم بين "التيار العوني" و"حزب الله" يكتشف أن ثمة مصلحة مشتركة بين التيار المسيحي والماروني تحديدًا وبين الحزب الشيعي، مع ما لكل منهما من فوارق في الإنتماء والمرجعيات، ويتضح له أن ما أملى هذا التفاهم هو حاجة كل طرف للآخر في أكثر من مجال، وأن العواطف لا تلعب دورًا رئيسيًا على المستوى القيادي، وأن كانت القواعد الشعبية لكل منهما قد تؤخذ ببعض العواطف، كشرط من شروط التكامل الإستراتيجي بين الكبار، والذي يترجمه الصغار على مستوى بعض التفاصيل، إذ لا يُفترض بمن ينتمي إلى كل من البيئتين أن يكون متعمقًا في مندرجات التفاهم، الذي لم يُترجم سوى في مرحلتين أساسيتين، ويتفرع منهما بعض المحطات المرتبطة بهاتين المرحلتين، وهما وقوف "التيار العوني" إلى جانب المقاومة، أي الحزب، في حرب تموز من العام 2006، وهي مرحلة لا يمكن أن ينساها الحزب، وقد "قرّشها" في الإنتخابات الرئاسية بعدما عطّلها سنتين ونصف تقريبًا إلى أن تأكد ضمان إيصال العماد ميشال عون إلى السدّة الرئاسية، الذي لم ينسَ بدوره وقوف الحزب إلى جانبه، وردّ له الجميل من خلال إعطائه مشروعية لعمل المقاومة من على منبر الأمم المتحدة، وقبلها من مصر العربية.
وبذلك يكون كل من عون و"حزب الله" قد قاما بـ"الواجب" وأوفيا نذوراتهما تجاه بعضهما البعض، وهما مستمرّان في هذا النهج ما دام عون رئيسًا للجمهورية، وما دام "حزب الله" يحتاج إليه للدفاع عنه أمام الرأي العام وتسليفه مواقف متقدمة لم يقدم عليها حتى الرئيس أميل لحود نفسه، وهذا الأمر يمكن أن يتدرّج ليصل إلى ذروته عندما تدق ساعة إعادة العلاقات اللبنانية – السورية إلى طبيعتها وما يمكن أن تتخذه الدولة اللبنانية ممثلة برئيس الجمهورية، وبموافقة ضمنية من رئاسة الحكومة الحالية، وبمباركة من رئاسة مجلس النواب، وهذا ما كان السيد حسن نصرالله قد ألمح إليه في إحدى إطلالاته عندما ربط تعافي لبنان إقتصاديًا بعودة العلاقات بين بيروت ودمشق إلى سابق عهدها.
ولكن بين الخطوط الإستراتيجية المتوافق عليها وتفاصيل اليوميات فرقًا شاسعًا، إذ لم تبلغ العلاقات الثنائية في بعض المفاصل الرئيسية والثانوية ما بلغته العلاقة بينهما على المستوى الإستراتيجي، إذ أن ثمة أكثر من تباين في وجهات النظر بين رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل وبين الحزب، إذ تُرجم ذلك عبر وسائل التواصل الإجتماعي، والذي إفتتحه النائب زياد أسود، من دون أن يلقى كلامه أي ردة فعل من قبل نواب الحزب أو قيادييه، مع العلم أن هذا الجو إنعكس سلبًا على قواعد الفريقين، الذين يتأثرون عاطفيًا، سواء سلبًا أو أيجابًا.
وعلى رغم هذا التنافر فإن مصادر الطرفين لا تعلق عليه أهمية كبيرة، وتضعه في إطار التباين، الذي يمكن أن يكون داخل الفريق الواحد بعض الأحيان، وذلك في محاولة للتقليل من اضرار هذا النفور والتباعد على خلفية بعض المواقف، سواء بالنسبة إلى معمل سلعاتا أو بالنسبة إلى قضية العفو العام وضرورة شموله الذين فرّوا إلى الأراضي المحتلة، كما يرى "التيار".
فهل يمكن أن تؤثرّ هذه الأجواء على العلاقة القائمة بين باسيل والحزب، وهل يمكن الأ تدوم "قصة الغرام" بينهما إلى مشارف خريف 2022؟
الجو العام يشير إلى أن تعاطي الحزب مع الرئيس عون، قبل الرئاسة وبعدها لن يكون في نفس المستوى مع أي كان حتى مع باسيل بالذات، وأن ما أعطي لعون لن يعطى لسواه.
قد يهمك ايضا:المانحون الدوليون يرفضون مساعدة مؤسسات يديرها "حزب الله" في لبنان
نصرالله يؤكد " لا نريد حرباً أهلية ويمكن البحث في تطوير "الطائف"