اجتمع المجلس الأعلى للدفاع في لبنان برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، اليوم الأحد، في قصر بعبدا، في جلسة استثنائية للبحث في تداعيات انفجار مستودع المحروقات في بلدة التليل في عكار. وبدء الاجتماع بالوقوف دقيقة صمت عن أرواح ضحايا انفجار بلدة التليل العكارية. كما التقى عون رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قبيل اجتماع المجلس الأعلى للدفاع.
واستهل عون اجتماع المجلس الأعلى للدفاع بتقديم تعازيه بضحايا انفجار مستودع المحروقات في بلدة التليل العكارية، طالباً من الأطقم الإسعافية والطبية والاستشفائية أعلى درجات الاستنفار لمواجهة تداعيات هذه الفاجعة.
وأكّد عون، في كلمة خلال الاجتماع، أنّ "الأزمات التي نمرّ بها وما ينجم عنها، تحضّنا جميعاً على عدم التهرّب من المسؤوليات الأخلاقية والإنسانية والدستورية التي تحتّم علينا اتّخاذ ما يلزم من تدابير لمواجهتها".
وطالب السلطات القضائية المختصة بـ"الإسراع في إجراء كافة التحقيقات التي من شأنها الكشف عن الملابسات والأسباب التي أدّت إلى وقوع الكارثة في التليل، ومحاكمة مسبّبيها ومن يقف وراءهم وفق القوانين المرعية الاجراء".
كما حذّر عون "من تسييس المأساة التي وقعت في التليل واستغلال دماء الشهداء لرفع شعارات وإطلاق دعوات تكشف بوضوح نوايا مطلقيها وضلوعهم بمخططات هدفها الإساءة الى النظام ومؤسساته"، داعياً لـ"إظهار أقصى درجات التضامن في هذه الظروف الصعبة، والتعالي على الجراح والانقسامات".
ولفت عون إلى أنّه سبق وعرض في الجلسة الأخيرة للمجلس تقريراً عن الوضع في منطقة الشمال، وتحديداً أنشطة جماعات متشددة لخلق نوع من الفوضى والفلتان الأمني، وطلب من قادة الأجهزة الأمنية الاجتماع للتنسيق في ما بينهم واستنتاج الخلاصات ليبنى على الشيء مقتضاه.
وأكد دياب أنّ "هذا الانفجار هو نتيجة الفساد الذي صار هو القاعدة في البلد، ودم الشهداء الذين سقطوا اليوم والجرحى، في رقاب كل الفاسدين الذين يحتكرون ويخزّنون ويهرّبون ويحرمون الناس".
وفي مداخلة خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، قال دياب: "الكارثة التي حصلت اليوم في عكار أصابت كل لبنان، وتعطي إنذاراً لكل الذين باعوا ضميرهم ويشاركون في زيادة عذابات اللبنانيين".

وأضاف: "منذ سنة ونصف السنة ونحن نطلب من الأجهزة العسكرية والأمنية ملاحقة هؤلاء الفاسدين الفاجرين، ونطالب القضاء أن يتشدد بالأحكام حتى نوقف هذا الفجور، واليوم المطلوب من الجميع اتخاذ كل الاجراءات الصارمة وأن يضربوا بيد من حديد كل الذين تاجروا ويتاجرون بلقمة عيش اللبنانيين".

تعليقاً على الفاجعة التي أصابت عكار وبلدة التليل قال رئيس مجلس النواب نبيه برّي: "فجرٌ أسود ودامٍ جديد في تاريخ لبنان واللبنانيين، وهذه المرة من عكار الحرمان، من بلدة التليل التي فجعت وفجع معها كل اللبنانيين بسقوط العشرات من خيرة أبنائها وأبناء عكار شهداء والمئات من الجرحى".
وتقدّم برّي، "أمام هذه المأساة الوطنية، من أبناء عكار ومن أهالي بلدة التليل ومن مؤسسة الجيش اللبناني ومن ذوي الشهداء بأحر التعازي و للجرحى الدعاء بالشفاء العاجل".
وختم بالقول: "أما آن لهذا الليل أن ينجلي؟".
كما اعتبر الرئيس سعد الحريري أنه "من المريب أن تتقاطع مواقف رئيس الجمهورية ميشال عون مرة جديدة مع مواقف جبران باسيل، وأن نسمع منهما كلاماً منسوخاً يتناول عكار والشمال بالتّهم الباطلة".
وتساءل الحريري: "كيف يجيز رئيس الجمهورية لنفسه، أن يقفز فوق أوجاع الناس في عكار ليتحدث في اجتماع مجلس الدفاع عن (أنشطة جماعات متشددة لخلق نوع من الفوضى والفلتان الأمني) في الشمال؟ وأيّ صدفة يلتقي فيها رئيس الجمهورية مع صهره جبران الذي يقول إنّ (عكار صارت وكأنها خارج الدولة بسبب عصابات المحروقات ولازم إعلان عكار منطقة عسكرية حمايةً … ولازم الحكومة تجتمع لاتخاذ القرار، ولتوقف قرار الحاكم يلّي عم يسبّب فوضى ويولّد فتنة…)؟".
وتوجّه الحريري إلى عون قائلاً: "لا يا فخامة الرئيس. عكار ليست قندهار، وليست خارج الدولة. فخامتك أصبحت خارج الدولة ورئيساً لجمهورية التيار العوني، وعكار مظلومة منك ومن عهدك، والنار اشتعلت بقلبها قبل أن تشتعل بخزانات التهريب".
وأضاف: "لا يا فخامة الرئيس، من يتسبّب بالفوضى والفلتان هو المسؤول عن إدارة شؤون الحكم، وعن الانهيارات التي لم تتوقّف منذ سنتين".
وختم الحريري: "عكار حرّكت أوجاع جميع اللبنانيين يا فخامة الرئيس، ولم تتحرك فيها أدوات الفتنة. أنت ترى أوجاع الناس فتنة ونحن نراها صرخة تعلو في وجهك؛ ارحل يا فخامة الرئيس… ارحل".

للمرة الثانية بعد انفجار عكار، غرد النائب جبران باسيل في تويتر قائلاً: "نبهنا من أسبوعين أن عكار صارت وكأنها خارج الدولة بسبب عصابات المحروقات التي تقطع الطرق و وتغلق المحطات ويخطفون الصهاريج". وأضاف: "يجب إعلان عكار منطقة عسكرية حمايةً لأمنها ولكل اهلها، وعلى الحكومة تجتمع لاتخاذ القرار، ولتوقف قرار الحاكم الذي يسبّب فوضى ويولّد فتنة وهذه أولى نتائجه".

وقدّم رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع "تعازٍ قلبية حارة وحارة جدّاً لأهالي ضحايا انفجار التليل في عكار العزيزة، وتمنياتي بالشفاء العاجل والكامل للجرحى".
وتعليقاً على انفجار عكار، قال جعجع، في بيان، إنّه "في اليومين الماضيين عاش المواطن اللبناني ذلّاً وقهراً وتعتيراً لم يكن لأي قوى خارجية غاشمة أو احتلال أن يلحقها بالمواطن اللبناني بهذا الشكل، وكانت باكورة عذابات اليومين الماضيين انفجار التليل الذي أودى بعشرات المواطنين اللبنانيين".
وسأل جعجع: "ألا تستأهل كل هذه الضحايا وعذابات اللبنانيين، جميع اللبنانيين على الإطلاق، استقالة رئيس الجمهورية؟ ألم يرفّ جفن الأكثرية النيابية بعد بالرغم من كل هذه المآسي لكي تستقيل ويذهب الناس فورا للتعبير عن أرائهم وإعادة تكوين السلطة بعد كل ما جرى ويجري في لبنان؟".
كما أكد أنّ "أقل ما ينتظره المواطن اللبناني بعد كل الذي حصل في السنوات الأخيرة هو ذهاب المسؤولين عن هذه المآسي أقله إلى البيت وترك المجال أمام الناس لكي تعيد إنتاج السلطة"، لافتاً إلى أنّ "استمرار مكوث رئيس الجمهورية والأكثرية النيابية في مراكزهم بعد كل الذي حصل يعدّ إمعانا في قتل الشعب اللبناني وسوقه زرافات زرافات الى معتقلات التعذيب اليومي في أساليب حديثة مستحدثة من رغيف الخبز، إلى حبة الدواء ونقطة البنزين وقطرة المازوت وسرير المستشفى ونقطة المصل، وليس انتهاءً بذرة الكهرباء".

ووصف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان انفجار التليل في عكار بـ"الكارثة الوطنية والإنسانية وجريمة تتحمل مسؤوليتها السلطة الحاكمة العاجزة عن إدارة البلد في شتى الميادين".
وأكّد أنّ "المجزرة التي ارتكبت بحق عكار وأبنائها تضاف إلى جريمة الحرمان والمأساة والإهمال التي تعاني منها عكار وشمال لبنان وهي نكبة جديدة وفاجعة مؤلمة"، وقال: "ضحايا أبناء عكار إنضموا إلى قافلة ضحايا انفجار مرفأ بيروت والحزن يلف بيروت والشمال والبقاع والجنوب وكل لبنان، والمطلوب من السلطة القضائية أن تكون على بيّنة من الأمر وأن تُسرع في إجراء التحقيقات الشفافة بالتزامن مع استكمال التحقيق بجريمة مرفأ بيروت".
وطالب المفتي دريان الهيئات الاجتماعية والإغاثية بأن "تهب إلى إغاثة المنكوبين والجرحى وأهالي الضحايا من أبناء عكار وتقديم كل ما يلزم لمساعدتهم لملمة جراحهم".
وقال: "ما نراه اليوم على الساحة اللبنانية مشهد مرعب ومخيف تتدحرج فيه الأزمات الواحدة تلو الأخر وحتى الآن الحلول مفقودة والجهود المبذولة تصطدم بالتعنت والتكبر والشخصانية، والأمور تسير نحو الأسوأ والمواطن يدفع الثمن والسواد يعمّ البلاد، ولا من حسيب ولا رقيب. أمّا خرق الدستور فحدّث ولا حرج، والتفاؤل بالمستقبل ضئيل ما دام هناك عقلية حاكمة تجعل مصلحتها فوق كل اعتبار".
ودعا إلى "تشكيل الحكومة فوراً خلال أيّام قليلة، فلم يعد الأمر يحتمل مزيداً من الانهيار والفوضى والخراب والمآسي والكوارث والقتل والدمار في الوطن الذي يحتضر، ويموت الناس فيه جوعاً وفقراً وفي المستشفيات بفقدان مادة المازوت وإطلاق الناس الرصاص بعضهم على بعض في محطات الوقود والذلّ في الأفران والصيدليات، والمعالجات خجولة وآنية وغير مجدية، وإذا لم تتشكل الحكومة فوراً بعيداً عن المحاصصة فسنرى المزيد من هذه المشاكل الدموية".
وناشد دريان قادة الدول العربية، ملوكاً وأمراء ورؤساء والدول الصديقة، إلى "مدّ يد المساعدة العاجلة إلى الشعب المنكوب في شتى المجالات، وأن لا يأخذوه بجريرة أفعال بعض المسؤولين نتيجة سياساتهم الخاطئة ومصالحهم التي لا تعلو عليها مصلحة".

وختم مواسياً أهالي الضحايا وتمنى للجرحى الشفاء العاجل.

وقال البطريرك الماروني الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في عظته بمناسبة عيد انتقال السيدة العذراء في كنيسة سيّدة قنوبين: "سرعان ما أُسدل علينا صباح اليوم ثوب الحزن والحداد، بانفجار مستودع لتخزين المحروقات في بلدة تليل بعكّار فجرًا أوقع عدداً من القتلى والجرحى، وبينهم أيضًا جنود من الجيش اللبنانيّ كانوا يقومون بواجبهم. فإنّا نعزّي عائلاتهم، ونصلّي لراحة نفوس القتلى وشفاء الجرحى".

وأمل الراعي "من الدولة أن تعرف حقيقة أسباب هذا الانفجار، وتتخذ القرارات اللازمة والإجراءات لتجنّب وقوع أمثاله رحمةً بالمواطنين الأبرياء. وندعو إلى عدم التسرّع في الإدانة، وإلى قطع الطريق أمام مثيري الفتنة الطائفيّة وانتظار التحقيقات الرسميّة، راجين في ذلك مساهمة المسؤولين الروحيّين والمدنيّين".

قد يهمك ايضا: 

 الأجهزة القضائية اللبنانية تتقصّى ملايين الدولارات جاءت جواً من تركيا  

وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي يتخوّف من إنفلات أمني