ثورة لبنان


بإستثناء ما رصدته الأجهزة الأمنية من عمليات فرار بعض المطلوبين من العدالة في ملفات مختلفة من مخيم عين الحلوة إلى خارج لبنان، لم يُسجّل أي حادث أمني يُصنف في خانة الإرهاب، على رغم إنشغال القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي، من حين إلى آخر، بفتح الطرقات التي يقفلها المتظاهرون في مختلف المناطق اللبنانية، مع إبقاء العين ساهرة، وبالأخصّ من قبل مديرية المخابرات في الجيش وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، للحؤول دون إستغلال بعض المصطادين في المياه  العكرة الأوضاع التي يعيشها لبنان في ظل الإعتصامات الإحتجاجية لتنفيذ بعض الأعمال المخّلة بالأمن

وفي رأي بعض المراقبين أن عدم ظهور مثل هذه الإعمال، التي عادة يستغل القائمون بها بعض الثغرات، يعود إلى أمرين لا ثالث لهما، وهما:

أولاً، أن الأجهزة الأمنية تفصل بين العمليات التي يقوم بها الجيش وفرقة مكافحة الشغب في قوى الأمن الداخلي لفتح الطرقات، وبين العمل الأمني البحت، الذي يقوم على الترصد والمراقبة والترقب، مع ما يفرضه ذلك من إبقاء العين ساهرة ومن دون أن يرّف لها جفن، بحيث كانت الأجهزة المختصّة في جهوزيتها التامة، وهي تُخضع البيئات الحاضنة لخلايا الإرهاب لمراقبة دائمة ومتواصلة، والقيام بالتالي بخطوات إستباقية نتيجة ما يتوافر لها من معلومات دقيقة عن أي تحرك يشتمّ بأنه مريب، وهذا ما يُعرف بالأمن الإستباقي، مع العلم أن هذه الأجهزة حقّقت أكثر من إنجاز في هذا المجال، وهي وفرّت على لبنان الكثير من الحوادث، التي كان من الممكن أن تجرّ البلد إلى متاهات غير محسوبة النتائج.

ثانيًا، أن لا وجود فعليًا وفاعلًا لما يُسمّى بـ"الخلايا النائمة" أو "الذئاب المنفردة"، وذلك بعدما تمّ القضاء عليها بالكامل أو أنها موضوعة تحت المراقبة الدائمة، بحيث يتعذّر عليها القيام بأي عمل تخريبي، وهو أمر يعود إلى إمتلاك الأجهزة الأمنية بنكًا من المعلومات، التي تمكّنها من توجيه ضربتها الإستباقية قبل قيام هذه المجموعات، سواء في شكل فردي أو جماعي، بأي عمل من شأنه زعزعة الأمن والمسّ بالإستقرار العام.

 

وعليه، فإن ما تقوم به هذه الأجهزة، على رغم جسامة المهمات الملقاة على عاتقها، يدعو إلى إشاعة أجواء من الطمأنينة في ظل ما يجري في الشارع وإمكانية تغلغل بعض مثيري الشغب في صفوف المواطنين وقيامهم بأعمال مخّلة بالأمن، الأمر الذي قد ينعكس سلبًا على أهداف الحراك – الإنتفاضة، وقد يشوّه صورتها الحضارية وسلميتها، بغض النظر عمّا يتعرّض له الناس في بعض الأحيان من خشونة من قبل  عناصر الجيش التي تقوم بواجبها، على رغم أحقية مطالب المنتفضين، الذين يلجأون إلى إقفال بعض الطرقات بهدف إبقاء شعلة الإنتفاضة وهاجة، وهم الذين يعرفون أن هذه الخطوة قد تسبب للبعض بعض الإزعاج، مع التأكيد على حرصهم على ألا ينتج عن ذلك  ما يمكن أن يستغله بعض المندسين لبعض مظاهر الفوضى من أعمال قد تحرف الحركة المطلبية عن أهدافها الأساسية، وهم لم ينفكوا عن التعبير عن حبهم وإحترامهم وتقديرهم للجيش الوطني، الذي يعتبرونه واحدًا منهم، على رغم ما يلاقونه أحيانًا من خشونة في التعاطي معهم.

وتوازيًا، حذّرت أوساط سياسية من تداعيات الحملات التي توجّهها قيادات في فريق الثامن من آذار، ضد قيادتي الجيش وقوى الأمن الداخلي، على خلفية ما تسميه هذه القيادات التساهل العسكري والأمني مع المتظاهرين الذين تمكنوا من منع النواب من الوصول إلى البرلمان، ما أدّى إلى تعطيل الجلسة التشريعية، خاصة أن هذا الفريق وإعلامه، يشنون منذ بدء الثورة هجوماً لم يتوقف على قائد الجيش العماد جوزيف عون، واتهامه بالتساهل في قمع الانتفاضة لأهداف سياسية تتصل بانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة، وأنه يحظى بدعم أميركي للوصول إلى هذا المنصب بعد ثلاث سنوات .

قد يهمك ايضا:

البطريرك الماروني في لبنان يُؤكد أن الشعب أقوى من التحديات​

دعوات إلى إضراب عام في محافظات لبنان الإثنين المقبل